موقع Allah Mahabba – الهرب إلى مصر وقتل أطفال بيت لحم
الرسالة إلى العبرانيّين 11: 23 – 31
يا إخوَتِي، بِالإِيْمَانِ مُوسَى، لَمَّا وُلِدَ، أَخْفَاهُ أَبَواهُ ثَلاَثَةَ أَشْهُر، لأَنَّهُمَا رَأَيَا ٱلصَّبِيَّ جَمِيلاً، ولَمْ يَرْهَبَا أَمْرَ المَلِك.
بِالإِيْمَانِ مُوسَى، لَمَّا كَبُرَ، أَبَى أَنْ يُدْعَى ٱبْنًا لٱبْنَةِ فِرْعَون،
وٱخْتَارَ المَشَقَّةَ معَ شَعْبِ اللهِ على التَّمَتُّعِ الوَقْتِيِّ بِالْخَطِيئَة،
حَاسِبًا عَارَ المَسِيحِ غِنًى أَعْظَمَ مِنْ كُنُوزِ مِصْر، لأَنَّهُ كانَ يَتَطَلَّعُ إِلى المُكافَأَة.
بِالإِيْمَانِ تَرَكَ مِصْر، ولَمْ يَخْشَ غَضَبَ المَلِك، وثَبَتَ على عَزْمِهِ، كَأَنَّهُ يَرَى مَا لا يُرَى.
بِالإِيْمَانِ صَنَعَ الفِصْحَ ورَشَّ الدَّمّ، لِئَلاَّ يَمَسَّهُم مُهْلِكُ الأَبْكَار.
بِالإِيْمَانِ عَبَرَ بَنُو إِسْرائِيلَ البَحْرَ الأَحْمَر، كَمَا على أَرْضٍ يَابِسَة، ولَمَّا حَاوَلَ المِصْرِيُّونَ عُبُورَهُ غَرِقُوا.
بِالإِيْمَانِ سَقَطَتْ أَسْوَارُ أَرِيْحَا، بَعْدَ الطَّوَافِ حَولَهَا سَبْعَةَ أَيَّام.
بِالإِيْمَانِ رَاحَابُ البَغِيُّ لَمْ تَهْلِكْ مَعَ الَّذِينَ عَصَوا، لأَنَّهَا قَبِلَتِ الجَاسُوسَينِ بِسَلام.
إنجيل القدّيس متّى 2: 13 – 18
بَعْدَمَا ٱنْصَرَفَ المَجُوس، تَرَاءَى مَلاكُ الرَّبِّ في الحُلْمِ لِيُوسُف، وقَالَ لَهُ: «قُمْ، خُذِ ٱلصَّبِيَّ وأُمَّهُ، وَٱهْرُبْ إِلى مِصْر، وٱبْقَ هُنَاكَ إِلى أَنْ أَقُولَ لَكَ، لأَنَّ هِيرُودُسَ مُزْمِعٌ أَنْ يَبْحَثَ عَنِ الصَّبِيِّ لِيُهْلِكَهُ».
فقَامَ يُوسُفُ وأَخَذَ ٱلصَّبِيَّ وأُمَّهُ لَيْلاً، ولَجَأَ إِلى مِصْر.
وبَقِيَ هُنَاكَ حَتَّى مَاتَ هِيرُودُس، لِيَتِمَّ مَا قَالَهُ الرَّبُّ بِالنَّبِيّ: «مِنْ مِصْرَ دَعَوْتُ ٱبْنِي».
ولَمَّا رَأَى هِيرُودُسُ أَنَّ المَجُوسَ سَخِرُوا مِنْهُ غَضِبَ جِدًّا. وأَرْسَلَ فَقَتَلَ جَمِيعَ الصِّبْيَانِ في بَيْتَ لَحْمَ وضَواحِيها، مِنِ ٱبْنِ سَنَتَيْنِ فَمَا دُون، بِحَسَبِ الزَّمَنِ الَّذي تَحَقَّقَهُ مِنَ المَجُوس.
حِينَئِذٍ تَمَّ مَا قِيلَ بِالنَّبِيِّ إِرْمِيَا:
صَوْتٌ سُمِعَ في الرَّامَة، بُكَاءٌ وَنَحِيبٌ كَثِير. رَاحِيلُ تَبْكِي أَوْلادَهَا، وقَدْ أَبَتْ أَنْ تَتَعَزَّى، لأَنَّهُم زَالُوا مِنَ الوُجُود.
التأمّل
”قُم، خُذ الطِّفلَ وَأُمَّهُ، وَاهرُب إِلى مِصر“
مَن يَقرَأ في التَّاريخ، وَيُتابِعُ حَرَكَةَ العالَم وَالشُّعوب، يَتَكَوَّنُ لَدَيْهِ قَناعَةٌ وَانطِباعٌ على أَنَّ هُناكَ شَرٌّ في العالَم، يُخاطِبُ حُرِّيَّةَ الإِنسان كَما وَيُهَدِّدُ دائِمًا وجودَهُ مِن خِلالِ الحُروبِ، وَكَرامَتَهُ مِنْ خِلالِ الأَطماعِ وَالأَحقادِ وَالتَّسَلُّط. في هذا العالَم المـَغمورِ بِالظُّلمَةِ وَاللَّاعَدالَةِ تَتَجَلَّى بِشَكلٍ عَجيب قُدرَةُ اللهِ وَعِنايَتِهِ كَسَيِّدٍ للتَّاريخِ يَستَخرِجُ في كُلِّ هُنَيْهَةٍ وَبُرهَة مِنَ العَدَمِ وَالشَّرِّ خَيرًا يَؤولُ إِلى خَلاصِ الإِنسان، إِنْ تَجاوَبَ مَعَهُ بِحُرِّيَّةٍ تَألَفُ الخَيرَ وَتَرغَبُ في تَحقيقِه رُغمَ الصُّعوباتِ المـُحدِقَةِ بِهِ مِن كُلِّ حَدبٍ وَصَوب. عِندَما نَرجِعُ إِلى الإِنجيلِ المـُقَدَّس نَجِدُ كُلَّ التَّعزِيَة لِأَنَّ كُلَّ الكَلامِ يَعني شَخصَ يَسوع، إِبنُ اللهِ الَّذي صارَ مِثلَنا إِنسانًا. نَكتَشِفُ أَنَّ واقِعَهُ لَمْ يَختَلِفْ عَن واقِعِنا كَثيرًا، وَإِن نَحنُ اليَومَ في عَصرِ السّرعَةِ وَالتَطَوُّرِ التِّكنولوجيّ، فَعَلى صَعيدِ عَلاقاتِ الشُّعوبِ بَينَ بَعضِها، وَكَيفِيَّة إِدارَةِ شُؤونِ النَّاسِ، ما زالَ المـَشهَدُ هوَ هوَ، حَيثُ الطَّاغي وَالضَّعيف؛ لَقَد كانَت حَياةُ يَسوع مُهَدَّدَة مُنذُ أَيَّامِ وِلادَتِهِ.
يَا بُنَيَّ، تَفرَحُ العائِلَةُ الفَقيرَة عِندَما يُولَدُ لَها وَلَدٌ، وَلكِنَّها تَجِدُ ذاتَها مَغمورَةً بِالهُمومِ الكَثيرَة، حَيثُ تُصبِحُ المـَسؤولِيَّةَ ثَقيلَة، وَلا مَفَرَّ مِنها، وَإِن ضَيَّقَتِ الظّروفُ المـَعيشيَّة آفاقَ الأَمَلِ، عِندَئِذٍ تُصبِحُ الحَياةُ بِالنِّسبَةِ لَها عِبئًا لا يُحتَمَلُ أَبَدًا. لَمْ يَكُنْ هذا الواقِعُ بَعيدًا جِدًّا عَمَّا عاشَوهُ مَعي أُمِّي مَريَم، ويوسُفَ حارسيّ وَمُرَبِّيَ الأَمين وَالوَفيّ، لَكِنَّ المـُفارَقَة، أَنَّهُما كانا مُؤمِنَيْنِ يَعيشانِ مِن أَجلي، وَبِهذا يُؤَدِّيانِ رِسالَةً عَظيمَةً تَتَخَطَّى حدودَ السِّنينِ وَالتَّاريخِ لِتَبلُغَ إِلى كُلِّ إِنسانٍ، لِتَصِلَ إِلى أَقصى الأَرضِ وَالمـَعمورَة. لَقَدْ وَثِقا بِعِنايَةِ أَبي، وَلِأَنَّهُما عَرَفَا نِعمَةَ الصَّلاةِ تَرى يوسُفَ يَلجَأُ وَيستَنِدُ دائِمًا في خَطَواتِهِ وَقَراراتِهِ إِلى الإِلهَماتِ الإِلَهِيَّة، انطِلاقًا مِنْ حِرصِهِ عَلى خَيرِ العائِلَة وَمَحَبَّتَهُ العَظيمَةِ لَها. فَيَومَ هَدَّدَ الخَطَرُ حَياتي، لَمْ يَتَفَلَّت مِنَ المـَسؤولِيَّةِ أَبَدًا، فَوَجَدَ في صُعوبَةِ السَّفَرِ، راحَةً وَسرورًا لِأَنَّهُ يَؤولُ إِلى خَيرٍ عَظيمٍ جِدًّا. إِنَّهُ لَتَأَمُّلٌ جَميلٌ أَن تَشعُرَ بِما عاشاهُ مَريَمَ وَيوسُفَ مَعي في طُفولَتي وَكَيفَ أَنَّ لِلحُبِّ يُحفَظُ النَّصرُ. إِذًا، عِندَما تَجِدُ أَنَّكَ في صُعوبَةٍ ما تَذَكَّر أَنَّني في إِنسانِيَّتي قَدْ عانَيْتُ الأَمرَ نَفسَهُ مَعَ مَريَمَ وَيوسف، فَلا تَخَف أَبَدًا.
لَبَّى يوسُفُ سَريعًا دَعوَةَ المـَلاكِ لَهُ، وَلَمْ يُؤَجِّل المـَهَمَّةَ المـُولَجَ بِها ساعَةً واحِدَة. انطَلَقَ كَما انطَلَقوا سابِقًا إِبراهيمَ وَيعقوبَ وَموسى ويشوعُ بِن نون، وَإيليَّا… مَدفوعًا بِقُوَّةِ الرُّوح. مَضى إِلى أَرضٍ غَريبَةٍ، وَلَكِنَّهُ لَم يَخشَ دُخولَها لِأَنَّهُ كانَ عالِمًا أَنَّ اللهَ مَعَهُ، وَأَنَّ أَجدادَهُ سابِقًا مَكَثوا فيها وَخَرَجوا مِنْها بِقُوَّةِ يَدِ اللهِ ظافِرين. أَتى مِصرَ وَمَعَهُ الطِّفلَ وَأُمَّهُ لِيَمكُثَ مُدَّةً مِنَ الزَّمَنِ، لِأَنَّهُ عَلِمَ في قَرارَةِ نَفسِه، أَنَّ العَيشَ مِن أَجلِ يَسوع وَمَعَ يَسوع، هوَ دائِمًا سَيرٌ مُتَواصِلٌ في الطَّريق. لَم يَتَوَقَّف عِندَ خِسارَةِ عَمَلٍ، وَلَمْ يَرزَح تَحتَ الشَّوقِ القَوِيّ لِلأَهلِ وَلِلوَطَن، إِنَّما عاشَ اللَّحظَةَ بِمِلئِها، بِكُلِّ رَزانَةٍ وَمَسؤولِيَّةٍ وَحُبّ. خُذْ مَقصَدًا مِثلَ يُوسُفَ، وَعِشّ حَياتَكَ في كَنَفِ عِنايَةِ الله.
رَبِّي يَسوع، مَعَكَ أَعرِفُ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ يَؤولُ إِلى زَوالٍ، فَمِنَ الخَطَأ الكَبيرِ أَن أَتَعَلَّقَ بِالأَشياءِ وَالأَمكِنَةِ وَالأَشخاص، لِأَنَّ المـَطلوبَ واحِدٌ هُوَ أَنْ أَتَمَسَّكَ بِإِرادَتِكَ حَيثُ أَنَّني بِقُوَّةِ مَحَبَّتِكَ أُحِبُّ كُلَّ شَيءٍ وَأَرتَضي بِكُلِّ شَيء. مَعَكَ أَستَطيعُ مِثلَ العَذراءِ مَريَم وَالقِدِّيسِ يُوسُف أَنَّ أَلَجَأ إِلى أَرضٍ غَريبَة، مَتَى صِرتَ أَنتَ مَوطِني، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل الهرب إلى مصر وقتل أطفال بيت لحم ”قُم، خُذ الطِّفلَ وَأُمَّهُ، وَاهرُب إِلى مِصر“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!