موقع Allah Mahabba – عيد الميلاد
الرسالة إلى العبرانيّين 1: 1 – 12
يا إخوَتِي، إِنَّ اللهَ كَلَّمَ الآبَاءَ قَدِيْمًا في الأَنْبِيَاء، مَرَّاتٍ كَثِيرَة، وبأَنْواعٍ شَتَّى،
وفي آخِرِ هذِهِ الأَيَّام، كَلَّمَنَا في الابْن، الَّذي جَعَلَهُ وَارِثًا لِكُلِّ شَيء. وبِهِ أَنْشَأَ العَالَمِين.
وهُوَ شُعَاعُ مَجْدِهِ وصُورَةُ جَوهَرِهِ، وضَابِطُ الكُلِّ بَكَلِمَةِ قُدْرَتِهِ. فَبَعْدَمَا أَتَمَّ تَطْهِيرَ الخَطايَا، جَلَسَ عَنْ يَمِينِ الجَلالَةِ في الأَعَالِي،
فَصَارَ أَعْظَمَ مِنَ المَلائِكَة، بِمِقْدَارِ ما ٱلٱسْمُ الَّذي وَرِثَهُ أَفْضَلُ مِنْ أَسْمَائِهِم.
فَلِمَنْ مِنَ المَلائِكَةِ قَالَ اللهُ يَومًا: «أَنْتَ ٱبْنِي، أَنَا اليَومَ وَلَدْتُكَ»؟ وقَالَ أَيْضًا: «أَنَا أَكُونُ لَهُ أَبًا، وهُوَ يَكُونُ ليَ ٱبْنًا»؟
أَمَّا عِنْدَمَا يُدْخِلُ ٱبْنَهُ البِكْرَ إِلى العَالَمِ فَيَقُول: «فَلْتَسْجُدْ لَهُ جَمِيعُ مَلائِكَةِ الله!».
وعَنِ المَلائِكَةِ يَقُول: «أَلصَّانِعُ مَلائِكَتَهُ أَرْوَاحًا، وخُدَّامَهُ لَهِيبَ نَار».
أَمَّا عَنِ الٱبْنِ فَيَقُول: «عَرْشُكَ يَا أَلله، لِدَهْرِ الدَّهْر، وصَولَجَانُ الٱسْتِقَامَةِ صَولَجَانُ مُلْكِكَ.
أَحْبَبْتَ البِرَّ وأَبْغَضْتَ ٱلإِثْم. لِذلِكَ مَسَحَكَ إِلهُكَ، يا أَلله، بِدُهْنِ البَهْجَةِ أَفْضَلَ مِنْ شُرَكَائِكَ».
ويَقُولُ أَيْضًا: «أَنتَ، يَا رَبّ، في البَدْءِ أَسَّسْتَ الأَرْض، والسَّمَاوَاتُ صُنْعُ يَدَيْك.
هِيَ تَزُولُ وأَنْتَ تَبْقَى، وكُلُّهَا كَالثَّوبِ تَبْلَى،
وتَطْوِيهَا كَالرِّدَاء، وكالثَّوبِ تَتَبَدَّل، وأَنْتَ أَنْتَ وسُنُوكَ لَنْ تَفْنَى».
إنجيل القدّيس لوقا 2: 1 -20
في تِلْكَ الأَيَّام، صَدَرَ أَمْرٌ مِنْ أَغُوسْطُسَ قَيْصَرَ بِإِحْصَاءِ كُلِّ المَعْمُورَة.
جَرَى هذا الإِحْصَاءُ الأَوَّل، عِنْدَمَا كانَ كِيرينيُوسُ والِيًا على سُورِيَّا.
وكانَ الجَمِيعُ يَذهَبُون، كُلُّ واحِدٍ إِلى مَدِينَتِهِ، لِيَكْتَتِبوا فِيهَا.
وَصَعِدَ يُوسُفُ أَيضًا مِنَ الجَلِيل، مِنْ مَدينَةِ النَّاصِرَة، إِلى اليَهُودِيَّة، إِلى مَدينَةِ دَاوُدَ الَّتي تُدْعَى بَيْتَ لَحْم، لأَنَّهُ كَانَ مِن بَيْتِ دَاوُدَ وعَشِيرَتِهِ،
لِيَكْتَتِبَ مَعَ مَرْيَمَ خِطِّيبَتِهِ، وهِيَ حَامِل.
وفِيمَا كانَا هُنَاك، تَمَّتْ أَيَّامُهَا لِتَلِد،
فوَلَدَتِ ٱبنَهَا البِكْر، وَقَمَّطَتْهُ، وأَضْجَعَتْهُ في مِذْوَد، لأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُمَا مَوْضِعٌ في قَاعَةِ الضُّيُوف.
وكانَ في تِلْكَ النَّاحِيَةِ رُعَاةٌ يُقِيمُونَ في الحُقُول، ويَسْهَرُونَ في هَجَعَاتِ اللَّيْلِ على قُطْعَانِهِم.
فإِذَا بِمَلاكِ الرَّبِّ قَدْ وقَفَ بِهِم، ومَجْدُ الرَّبِّ أَشْرَقَ حَولَهُم، فَخَافُوا خَوفًا عَظِيمًا.
فقالَ لَهمُ المَلاك: «لا تَخَافُوا! فَهَا أَنَا أُبشِّرُكُمْ بِفَرَحٍ عَظِيمٍ يَكُونُ لِلشَّعْبِ كُلِّهِ،
لأَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ ٱليَوْمَ مُخَلِّص، هُوَ ٱلمَسِيحُ الرَّبّ، في مَدِينَةِ دَاوُد.
وهذِهِ عَلامَةٌ لَكُم: تَجِدُونَ طِفْلاً مُقَمَّطًا، مُضْجَعًا في مِذْوَد!».
وٱنْضَمَّ فَجْأَةً إِلى المَلاكِ جُمْهُورٌ مِنَ الجُنْدِ السَّمَاوِيِّ يُسَبِّحُونَ ٱللهَ ويَقُولُون:
أَلمَجْدُ للهِ في العُلَى، وعَلى الأَرْضِ السَّلام، والرَّجَاءُ الصَّالِحُ لِبَني البَشَر.
ولَمَّا ٱنْصَرَفَ ٱلمَلائِكةُ عَنْهُم إِلى السَّمَاء، قالَ الرُّعَاةُ بَعْضُهُم لِبَعْض: «هيَّا بِنَا، إِلى بَيْتَ لَحْم، لِنَرَى هذَا ٱلأَمْرَ الَّذي حَدَث، وقَد أَعْلَمَنا بِهِ الرَّبّ».
وجَاؤُوا مُسْرِعِين، فوَجَدُوا مَرْيمَ ويُوسُف، والطِّفْلَ مُضْجَعًا في المِذْوَد.
ولَمَّا رَأَوْهُ أَخبَرُوا بِالكَلامِ الَّذي قِيلَ لَهُم في شَأْنِ هذَا الصَّبِيّ.
وجَمِيعُ الَّذِينَ سَمِعُوا، تعَجَّبُوا مِمَّا قَالَهُ لَهُمُ الرُّعَاة.
أَمَّا مَرْيَمُ فَكَانَتْ تَحْفَظُ هذِهِ الأُمُورَ كُلَّهَا، وتتَأَمَّلُهَا في قَلْبِهَا.
ثُمَّ عَادَ الرُّعَاةُ وهُمْ يُمَجِّدُونَ اللهَ ويُسَبِّحُونَهُ على كُلِّ ما سَمِعُوا ورأَوا، حَسَبَما قِيْلَ لَهُم.
التأمّل
”فَوَلَدَت ابنَها البِكر، وَقَمَّطَتهُ وَأَضجَعَتهُ في مِذوَد“
يُشَدِّدُ أَشعيا في نُبُؤَتِهِ قَبلَ خَمسُمايَةِ سَنَةٍ على وِلادَةِ المـُخَلِّص، عَلى أَنَّ أَفكارَ اللهِ وَطُرُقَ اللهِ بَعيدَةٌ جِدًّا عَن أَفكارِ البَشَر، كُلُّها تَحمِلُ مَشروعَ سَلامٍ، وبِاستِطاعَتِهِ أَن يَستَخرِجَ مِنَ الشَّرِّ خَيرًا، وَمِنَ الظُّلمَةِ يُبزِغُ نورًا لِلأُمَم. مَن مِنَّا يَستَطيعُ مِن دونِ نِعمَةٍ عُلوِيَّة أَن يُصَدِّقَ قَبلَ أَن يُؤمِنَ أَنَّ اللهَ الكَلِمَة الَّذي بِهِ كانَ كُلُّ شَيء، وَهوَ الخالِق، صارَ إِنسانًا طِفلًا، خاضِعًا لِكُلّ شُروطِ الحَياة الإنسانِيَّة وَلِلطَّبيعَةِ البَشَرِيَّةِ الهَشَّة؟ يَحتاجُ لِحَنانٍ أُمٍّ وَرِعايَةِ أَبٍ وَهوَ المـَحَبَّةُ في ذاتِهِ سَيِّدُ الكَونِ وَالتَّاريخ؟! مِن صِفاتِ الله القُدرَة، أَي ما مِن شَيءٍ مُستَحيلٍ عِندَهُ، وَجَوهَرُ الله المـَحَبَّة، تَجعَلُ هَذِهِ القُدرَة مُضاعَفَة إِذ تَصنَعُ العَجائِب، فَما لَم تَرَهُ عَينٌ وَلا سَمِعَت بِهِ أُذُنٌ وَلا خَطَرَ على قَلبِ بَشَر، يُصبِحُ حَقيقَةً وَواقِعًا مَلموسًا. لَقَد وُلِدَ المـُخَلِّصُ مِنَ العَذراءِ وَهوَ المـَولودُ مِنَ الآبِ قَبلَ الدُّهور. وُلِدَ فَقيرًا وَهوَ الغَنيُّ في ذاتِهِ. هوَ الَّذي زَيَّنَ الخَلقَ كُلَّهُ بِجَمالٍ فائِقٍ، قُمِّطَ بِالأَقمِشَة، وَكانَ لِلمَلِكِ بَدَلَ العَرشِ مِذوَدٌ حَقير.
يا بُنَيَّ، عِندَما تَسمَعُ قِصَّتي تُشاهِدُ على مُستَوى عَقلِكَ حَياةَ إِنسانٍ بَسيطٍ فَقيرٍ كَحَياةِ كُلِّ مَساكينِ الأَرض. تُؤَثِّرُ عَلَيها الأَحداثُ مِثلَ قَرارِ الإِحصاء، وَتُحَتِّمُ الوَقائِعِ وَالظُّروفَ أَن أُولَدَ في بَيتَ لَحمَ وَأُوضَعَ في مِذوَدٍ للبَهائِمِ. مَن لا يُؤمِن أَنِّي أَنا الكَلِمَة المـُخَلِّص، يَجِدُ نَفسَهُ أَمامَ تَكرارٍ لِقِصَّةِ كَثيرٍ مِنَ النَّاسِ الفُقَراء، لَكِنَّ المـُفارَقَة أَنِّي أَنا هوَ الَّذي هوَ، إِلَهُ المـَحَبَّةِ جِئتُ لِأَفتَقِدَكَ في صَميمِ وَصُلبِ حَياةٍ تَجِدُها عَلى مُستَوى حَرَكَتِها الخارِجِيَّة روتينيَّة وَتَقليديَّة وَبَطيئَة في صَيرورَتِها. لَقَد شابَهتُكَ بِكُلِّ شَيءٍ، ما عَدا الخَطيئَة، وَصِرتُ لَكَ الخَلاصَ الَّذي يُعطي لِكُلِّ أَحداثِ وَظُروفِ وَوَقائِع حَياتِكَ مَعنًى سَماوِيًّا يَمضي بِكَ لِتَعيشَ الحُبّ وَالشُّكرَ وَالفَرَحَ وَالإِمتِنانَ في كُلِّ لَحظَةٍ تَعيشَها. وَإِن غَمَرَتكَ الظُّلُماتُ مِن كُلِّ جانِبٍ وَصَوب، فَفي ظُلمَةِ تِلكَ اللَّيلَةِ المـَجيدَة صِرتُ لَكَ الشَّمسُ الَّتي لا تَغرُبُ وَالَّتي تُنيرُ كُلَّ حَياتِكَ لِتَحيا إِنسانِيَّتَكَ في غَمرَةِ النُّور، وَتَكونَ بِدَورِكَ نورًا مِن نور. لا تَسمَح للتَّجرُبَة أَن تَستَوقِفَكَ أَمامَ فَقرِ المـَشهَدِ الخارِجيّ الَّذي تَراهُ، إِنَّما أُنظُر إِلى العُمقِ حَيثُ تَنهَلُ الفَرَحَ والسَّلامَ وَاشكُر الله دائِمًا.
مَن يَتَأَمَّلُ بِما صَنَعَتهُ مَريَمُ العَذراءَ يَومَ وَلَدَت ابنَها الَّذي عَرَفتهُ أَنَّهُ قَبلَ كُلِّ شَيءٍ هُوَ إِلَهُها وَهوَ الَّذي سَيُخَلِّصُ شَعبَهُ مِن خَطاياهُ، لا يَستَطيعُ إِلَّا أَن يُصدَمَ بِمـَوقِفِ العِبادَة الجَديدَة القائِمَة على قَبولِ خِدمَةِ اللهِ وَمَحَبَّتِهِ في الخَفاءِ وَفي التَّواضُعِ وَالوَداعَةِ وَصَمت السَّكينَة. هُناكَ في المـَغارَة مَعَ يوسُف سَبَّحَت وَمَجَّدَت الله عَلى ما صَنَعَهُ مِن خَلاصٍ بابنِهِ إِذ حَرَّرَ الإِنسانَ مِن قُيودِ مَحدودِيَّتِهِ وَضِعفِهِ وَهَشاشَتِهِ لِمُجَرَّدَ أَنَّهُ صارَ إِنسانًا. مَجَّدَت وَسَبَّحَت اللهَ بِفَرَحٍ مُدهِشٍ وهيَ تَضَعُ طِفلَها في المـِذوَدِ لِيَغدو زادًا روحِيًّا بِقُوَّةِ نِعمَتِهِ لِكُلّ مَن يُؤمِنُ بِمَحَبَّتِهِ وَرَحمَتِهِ. تُعَلِّمُنا مَدرَسَةُ العائِلَة المـُقَدَّسَة أَنَّ العِبادَةَ الحَقيقيّة للرَّبّ تَبدَأُ في الخَفاءِ مِنَ القَلب، لِذا أُدخُل إِليَها وَتَتَلمَذ لِلحُبِّ الإِلَهيّ.
رَبِّي يَسوع، مَعَ مَريَمَ العَذراءِ أُمُّكَ الَّتي حَمَلتَك في أَحشائِها أُريدُ أَن أَحمِلَ كَلِمَتَكَ الحَيَّة في قَلبي. وَمَعَها أَيضًا هِيَ الَّتي ضَمَّتكَ إِلى صَدرِها بِحَنانٍ فائِقٍ، أُريدُ أَن أَضُمَّكَ إِلى ظُلُماتِ حَياتي، لِتُشعِلَها بِنارِ مَحَبَّتِكَ، فَتَغدوَ مُستَنيرَةً مِن حَياتِكَ. أُريدُكَ أَن تَنزِلَ إِلى مِذوَدِ ضِعفي وَأَنتَ مُستَتِرٌ في القُربانَةِ البَيضاء، الشُّكرُ لَكَ يا إلَهي، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل عيد الميلاد ”فَوَلَدَت ابنَها البِكر، وَقَمَّطَتهُ وَأَضجَعَتهُ في مِذوَد“ لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!