موقع Allah Mahabba – أربعاء البيان ليوسف
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 11: 13 – 24
يا إِخوَتِي، لَكُمْ أَقُولُ، أَيُّهَا الأُمَم: مَا دُمْتُ أَنَا رَسُولاً لِلأُمَم، فإِنِّي أُمَجِّدُ خِدْمَتِي،
لَعَلِّي أُثِيرُ غَيْرَةَ بَنِي قَوْمي، فأُخَلِّصُ بَعْضًا مِنْهُم.
فإِنْ كَانَ إِبْعَادُهُم مُصَالَحَةً لِلعَالَم، فمَاذَا يَكُونُ قَبُولُهُم إِلاَّ حَيَاةً مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات؟
وإِنْ كَانَتِ البَاكُورَةُ مُقَدَّسَة، فَٱلعَجْنَةُ أَيْضًا مُقَدَّسَة. وإِنْ كَانَ الأَصْلُ مُقَدَّسًا، فَالأَغْصَانُ أَيْضًا مُقَدَّسَة.
وإِنْ كَانَتْ بَعْضُ الأَغْصَانِ قَدْ قُطِعَتْ، وكُنْتَ أَنْتَ الزَّيْتُونَ البَرِّيَّ قَدْ طُعِّمْتَ في مَوَاضِعِهَا، فَصِرْتَ شَريكًا في أَصْلِ الزَّيْتُونِ وَدَسَمِهِ،
فلا تَفْتَخِرْ عَلى الأَغْصَان. وَإِنِ ٱفْتَخَرْتَ فَلَسْتَ أَنْتَ تَحْمِلُ الأَصْلَ بَلِ الأَصْلُ يَحْمِلُكَ.
ولَعَلَّكَ تَقُول: إِنَّ تِلْكَ الأَغْصَانَ قَدْ قُطِعَتْ لأُطَعَّمَ أَنَا!
حَسَنًا تَقُول! هيَ قُطِعَتْ لِعَدَمِ إِيْمَانِهَا، وأَنْتَ بَاقٍ لإِيْمَانِكَ، فَلا تتَكَبَّرْ بَلْ خَفْ!
فإِنْ كَانَ اللهُ لَمْ يُبْقِ عَلى الأَغْصَانِ الأَصْلِيَّة، فَلَنْ يُبْقِيَ عَلَيْكَ أَيْضًا.
فَٱنْظُرْ إِلى لُطْفِ اللهِ وَقَسَاوَتِهِ: أَمَّا القَسَاوَةُ فَعَلَى الَّذينَ سَقَطُوا، وأَمَّا لُطْفُ اللهِ فَعَلَيْكَ أَنْتَ، إِنْ ثَبُتَّ في اللُّطْف، وإِلاَّ فَتُقْطَعُ أَنْتَ أَيْضًا.
وهُم أَيْضًا، إِذا لَمْ يَسْتَمِرُّوا في عَدَمِ الإِيْمَان، سَوْفَ يُطَعَّمُون، لأَنَّ اللهَ قَادِرٌ أَنْ يَعُودَ فيُطَعِّمَهُم.
فإِنْ كُنْتَ قَدْ قُطِعْتَ مِنَ الزَّيْتُونَةِ البَرِّيَّةِ الَّتي أَنْتَ مِنْهَا بِحَسَبِ الطَّبِيعَة، وطُعِّمْتَ عَلى خِلافِ الطَّبيعَةِ في زَيْتُونَةٍ جَيِّدَة، فَكَم بِالأَحْرَى هؤُلاءِ الَّذينَ هُمْ أَغْصَانٌ أَصْلِيَّة، يُطَعَّمُونَ في زَيْتُونَتِهِمِ الخَاصَّة؟
إنجيل القدّيس يوحنّا 7: 25 – 30
كَانَ أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ أُورَشَليمَ يَقُولُون : «أَلَيْسَ هذَا مَنْ يَطْلُبُونَ قَتْلَهُ؟
فَهَا هُوَ يَتَكَلَّمُ عَلَنًا، ولا يَقُولُونَ لَهُ شَيْئًا. تُرَى، هَلْ تَأَكَّدَ الرُّؤَسَاءُ أَنَّ هذَا هُوَ المَسِيح؟
غَيْرَ أَنَّ هذَا، نَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ هُوَ. أَمَّا المَسِيح، عِنْدَمَا يَأْتِي، فَلا أَحَدَ يَعْرِفُ مِنْ أَيْنَ هُوَ».
فَهَتَفَ يَسُوع، وهُوَ يُعَلِّمُ في الهَيْكَل، وقَال: «تَعْرِفُونِي إِذًا، وتَعْرِفُونَ مِنْ أَيْنَ أَنَا! ومَا أَتَيْتُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي، ولكِنَّ مَنْ أَرْسَلَنِي هُوَ حَقٌّ، وأَنْتُم لا تَعْرِفُونَهُ.
أَنَا أَعْرِفُهُ، لأَنِّي مِنْ عِنْدِهِ أَتَيْت، وهُوَ أَرْسَلَنِي».
فَكَانُوا يَطْلُبُونَ القَبْضَ عَلَيْه، ولكِنَّ أَحَدًا لَمْ يُلْقِ عَلَيْهِ يَدًا، لأَنَّ سَاعَتَهُ مَا كَانَتْ بَعْدُ قَدْ حَانَتْ.
التأمّل
”تَعرِفونَني إِذًا، وَتَعرِفونَ مِن أَينَ أَنا! وَما أَتَيتُ مِن تِلقاءِ نَفسي“
مِن أَشكالِ التَّهَرُّب مِنَ الإِعتِرافِ بِالحَقيقَة، هُوَ التَّنَكُّرُ وَالتَّجاهُل، لِحَقيقَةٍ نَعرِفُها، وَلَكِن لا نُريدُ الإِقرارَ بِها. قَد تَكونُ أَسبابُ هذا التَّنَكُّرِ عَديدَة، وَلَكِن كُلُّ جُذورِها تَصُبُّ في مِحوَرِ الكِبرِياءِ الَّذي يُلغي وُجودَ الآخَر الَّذي يَحمِلُ هَذِهِ الحَقيقَة. يَصعُبُ عَلى المـُتَكَبِّرِ الإِعتِرافُ بِواقِعِ حَياتِهِ، وَلا يَستَطيعُ بِالتَّالي أَن يَتَوَصَّلَ إِلى مَعرِفَةِ ذاتِهِ، لِأَنَّ غِشاءَ كِبرِيائِهِ يُعميهِ عَبرَ صورَةٍ مُزَيَّفَةٍ عَن نَفسِه. صَحيحٌ أَنَّ الكِبرياءَ هِيَ أُمُّ كُلِّ الرَّذائِل، وَصَحيحٌ أَنَّها بِمَثابَةِ المـَرَضِ الَّذي يَنخُرُ العِظامَ حَتَّى الإِهتِراء، وَلَكِن هُنا مِن دونِ أَن يَشَعُرَ الإِنسانُ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لا يَستَطيعُ أَن يَـتَواصَلَ مَع نَفسِهِ. مَبدَأُ إِلغاءِ الآخَر المـُتَأَتِّي مِنَ الكِبرِياءِ الَّذي يُوَلِّدُ الغَيرِيَّة، لا يَسمَحُ لِلشَّخصِ بِأَن يَرى في الآخَرِ المـُختَلِفِ المـَزايا وَالصِّفاتِ الحَسَنَة الَّتي يَتَحَلَّى بِها، وَالِّتي هِيَ مِن عَطايا الله. لَقَد عانى الرَّبُّ يَسوع في حَياتِهِ الأَمَرَّين، في عَلاقَتِهِ مَعَ اليَهود، سَعى جاهِدًا لِتَحريرِهِم مِنَ هَذِهِ الآفَةِ اللَّعينَة فَأَبَوا أَن يَميلوا حُرِّيَّتِهِم تِجاهَ مُبادَرَتِهِ.
يَا بُنَيَّ، أَدعوكَ لِتَنزِلَ إِلى واقِعِكَ وأَن َتَمضي تُجاهَ مَعارِفِكَ سائِلًا نَفسَكَ: أَيُّ صورَةٍ أَعطَيتُهُم عَن نَفسي، إِن في مَواقِفي، أو في كَلامي وَتَصَرُّفاتي وَأَعمالي؟ مَن هُنا تُدرِكُ إِن كُنتَ شَفَّافًا مَعَ الآخَرين، وَكَأَنَّكَ أَمامَ نَفسِكَ وَمَعي. لِكَي يَعرِفَكَ الآخَرُ عَلى حَقيقَتِكَ يُطلَبُ مِنكَ أَمرَين، الأَوَّلُ مِن جِهَتكَ أَن تَكونَ صادِقًا إِلى أَقصى حَدّ، وَالثَّاني هُوَ مِن جِهَةِ الآخَر، في أَن يُزيلَ عَن عَينَيهِ بُرقُعَ الإِسقاطاتِ وَالأَحكامِ المـُسبَقَة، وَكُلُّ فِكرٍ يُغشي البَصيرَة. في حَياتي عَرَّفتُ عَن نَفسي، وَعَن دَعوَتي السَّماوِيَّة، لَكِنَّ الأَحكامَ الَّتي انهَمَرَت عَلَيَّ، لَم تَسمَح لِأَصحابِها مِن أَن يَعرِفونَني عَلى حَقيقَتي؛ لَقَد تَجاهَلوا مِرآةَ الحَقِّ. الخَطيئَةُ تَكمُنُ عِندَما يُدرِكُ الشَّخصُ الأَسبابَ وَيَبقى سائِرًا فيها، لِهذا قُلتُ لَهُم أَنَّهُم يَعرِفونَني لِأَنَّ الكَلِمَةَ المـوحاةَ بَينَ أَيديهِم، وَأَمامَ نَظَرِهِم، فَأَبَوا. الخَطيئَةُ هِيَ أَن تَجعَلَ مِنَ الخَيرِ شَرًّا، وَأَن تُخفي الشَّرَّ في سِترِ الخَير، وَهَذِه أَعظَمُ الشُّرورِ إِطلاقًا، لِأَنَّها تَحتَوي المـَكرَ وَالخِداعَ الإِراديّ. إِن أَرَدتَ أَن تَقتَرِنَ بِي إِصنَع هَذِهِ الثَلاثَة: أَحبِب كُلَّ إِنسانٍ، إِصنَعِ الخَيرَ مِن دونِ تَوانٍ، وَاشهَد لِلحَق وَلا تَخَف.
تَقتَرِنُ المـَعرِفَة بِالبَساطَةِ وَالشَّفافِيَّة، حَيثُ تُصبِحُ عَلامَةً لِمـُصالَحَةِ الذَّاتِ مَعَ نَفسِها. مَن يَكونُ ذاتَهُ يُعرَف مِن خِلالِ ثَلاثَةِ أَشياءٍ: العَفَوِيَّة، حُسنُ النِّيَّة، وَالفَرَح. وَهَذِهِ تَدُلُّ عَلى الحُرَّيَّةِ الدَّاخِلِيَّة. مَن كانَ عَفَوِيًّا، لا يَبني حَواجِزَ بَينَهُ وَبَينَ الآخَر، لَكِنَّهُ يَحفَظُ حُدودَهُ. مَن كانَ حَسَنُ النِّيَّةِ، لا يُعادي الآخَرينَ أَبَدًا، بَل يُبَرِّرُ تَصَرُّفاتِهِم، في الوَقتِ الَّذي يَعرِفُ الحَقَّ مِنَ الباطِل. مَن يَحيا بِفَرَحٍ، يَتَمَنَّى الفَرَحَ لِلكُلّ. كُلُّ هَذِهِ نَجِدُها في شَخصِيَّةِ الرَّبِّ يَسوع، وَهَذِهِ كُلُّها رُفِضَت فيهِ، لِأَنَّهُ لَم يَكُن كَسائِرِ بَني قَومِهِ عَبدٌ لِلحَرفِ، بَل كانَ حُرًّا بِقُوَّةِ الرُّوح. الرَّبُّ يَسوع هُوَ المـُعَلِّمُ الحَقّ الَّذي يُكَوِّنُ الإِنسانَ عَلى حَقيقَةِ ذاتِه. لِيَكُن قَصدُكَ أَن تَكونَ صادِقًا مَع نَفسِكَ وَالآخَرين.
رَبِّي يَسوع، أَنتَ سَيِّدي الوَحيد، وَلا أَحَدَ سِواكَ. أَنتَ الَّذي باستِطاعَتِكَ أَن تَمضيَ بي إِلى البَعيد، حَيثُ لا أَحَدَ بِإِمكانِهِ أَن يَأتي بِرِفقَتي. فَأَنَتَ الَّذي تُعَرِّفني عَن نَفسَكَ وَنَفسي في الآنِ مَعًا. مِن هُنا يَا مُخَلِّصي ساعِدني لِئَلَّا أَتَنَكَّرَ لِلخَيرِ الَّذي تَصنَعُهُ فِيَّ، وَأَلَّا أَتَجاهَلَ الشُّرورَ الصَّادِرَةَ مِنِّي، فَأَعتَرِفَ عَلى الدَّوامِ بِرَحمَتِكَ وَمَحَبَّتِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل أربعاء البيان ليوسف ” ”تَعرِفونَني إِذًا، وَتَعرِفونَ مِن أَينَ أَنا! وَما أَتَيتُ مِن تِلقاءِ نَفسي“لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!