تابعونا على صفحاتنا

مقالات

إستعدّوا!

إستعدّوا

موقع Allah Mahabba  – إستعدّوا!

الأسبوع الثاني من زمن المجيء بحسب الطقس اللاتيني

يَرسُمُ الكِتابُ المـُقَدَّس مَعَ الأَنبِياء على طولِ تاريخِ العَهدِ القَديم وَفي مَطلَعِ العَهدِ الجَديد خَطًّا نَبَوِيًّا يَدعو الشَّعبَ كُلَّهُ لِأَن يَكونَ في حالَةٍ مِنَ الأُهبَةِ وَالجُهوزِيَّةِ وَالإِستِعداد، يَقومُ عَلى قبول كَلِمَةِ الله المـُعلَنَة وَالدَّاعِيَة للتَّوبَة. هذا الإِستِعدادُ الَّذي حَثَّ عَلَيهِ الإِنبِياء وَالَّذي أَعادَ تَكرارَهُ يوحَنَّا المـَعمَدان بِصَوتِهِ الصَّارِخِ في البَرِّيَّة، في مَطلَعِ كِرازَةِ العَهدِ الجَديد، يَعني أَن يَكونَ الإِنسانُ بِكُلِّ كِيانِهِ وَقِواهُ حاضِرًا عامِلًا بِوَصايا الله، كَوَسيلَةٍ تُؤَدِّي إِلى استضافَةِ المـَسيح المـُنتَظَر الَّذي عاشَت أَجيالٌ وَأَجيالٌ عَلى رَجاءِ مَجيئِهِ.

كَم مِن نَبِيٍّ في حَياتِنا يُساهِمُ صَوتُهُ في تَصويبِ أَنفُسِنا نَحوَ الرَّبّ، لِنَكونَ حاضِرينَ نَتَفاعَلُ مَعَهُ هوَ الحَيّ وَالحاضِر دائِمًا؟! عَلَّنا نَكونُ مُصغينَ وَمُستَعِدّينَ لِقَبولِ نِداءاتِ التَّوبَةِ الَّتي تَعبُرُ كَصَوتِ الصَّمتِ العَميقِ في حَياتِنا.

نُلاحِظُ مِن خِلالِ واقِعِ حَياتِنا العَمَلِيَّة، أَنَّنا في الغالِب لا نَستَطيعُ أَن نُتَمّمَ واجِباتِنا وَمَسؤولِيّاتِنا كامِلَةً، وَذَلِكَ مِن جَرَّاءِ التَّعَبِ الَّذي يَحدو بِنا لِنَطلُبَ الرَّاحَةَ وَالإِستِجمامَ بَدَلًا مِنَ المـُثابَرَةِ على العَمَل، أَو رُبَّما مِن جَرَّاءِ خَيباتِ أَمَلٍ مَرَرنا بها وَما زالَ تَأثيرُها قَوِيًّا عَلى نَمَطِ عَيشِنا. في هذا الإِكتِفاءِ المـُبَرَر، يُلحَظُ انكِفاءٌ سَيّءٌ، يُؤَدّي مَعَ الوَقتِ لِأَن نُصبِحَ أَشباهَ “آلَة الرُّوبو”. لَيسَ بِمَقدورِ الكاهِن أَو أَيِّ مُؤمِنٍ مَسيحيّ أَن يَقولَ قَد عَرَفتُ سِرَّ المـَسيح، لِمُجَرَّد أَنَّهُ أَتَّمَ عِلمَهُ وَدراساته، وَإن حَصَلَ على إِجازَةٍ وَاختِصاصٍ وَدكتوراة في اللَّاهوت. لَيسَ بِمَقدورِ أَيٍّ مِنَّا أَن يَقولَ أَنَّني أُحِبُّ الرَّبّ مِن صَميمِ قَلبي، على أَساسِ تَتميمِ بَعضًا مِن خِدمَةِ الرَّحمَةِ وَالمـَحَبَّة. لَيسَ المـَقصودُ عَدَمَ إِرتِياحٍ وَسُرورٍ لِما قُمنا بِهِ مِن خَيرٍ بِنِعمَةٍ مِنَ الله، إِنَّما الإِستِعدادُ الرُّوحيّ يَحُثُّنا عَلى التّقَدُّمِ بِصُنعِ المـزيدِ مِنَ الخَير بِشُكرٍ وَفرَح.

الإِستِعدادُ الَّذي يَحُثُّنا عَلَيهِ صوتُ الصَّارِخِ في بَرِّيَّةِ قَلبِنا، يَدفَعُنا للتَّخَلّي عَن ضَماناتٍ نَحنُ أَرَدناها، وَتَحصيناتٍ نَحنُ بَنَيْناها، وَانكِفاءً أَرضَينا أَنفُسَنا بِهِ تَبريرًا، لِنَنقادَ لِروحِ الرَّبّ مُكتَشفينَ طُرُقَ اختِبارٍ جَديدَة يَفتَحُها أَمامَنا تُخرِجُنا مِنَ النَّمَطِ الرّوتينيّ، لِنَعرِفَ في حَياتِنا كَثافَةَ حُضورِ اللهِ، وَمَحَبَّتَهُ وَرَحمَتَهُ لَنا، حَيثُ نَجِد أَنفُسَنا أَكثَرَ حَياةً وَحَيَوِيَّةً وَشَجاعَةً. يوطِّدُ الرُّوحُ القُدُسُ فينا الإِيمانَ وَالرَّجاءَ وَالمـَحَبَّة، لنَغدُوَ أَكثَرَ إِيجابِيَّةً وَحَماسَةً. فلا تَكمُنُ الخَطيئَةُ فَقَط في العَيشِ بِالرَّذائِل، هيَ تَنبُتُ عِندَ التَّوَقُّفِ عَنْ صُنعِ الخَير. قَبول دَعوَة الإِستِعداد تَرمي لِنَكونَ دائِمًا على أُهبَةٍ لِصُنعِ كُلِّ خَير.

إذًا تَحمِلُ لنا دَعوَةُ يوحَنَّا المـَعمَدان رَفضًا حاسِمًا وَقاطِعًا لِكُلِّ أَشكالِ القُنوطِ وَاليَأسِ وَالسَّأَم، فهيَ تُحَفِّزُنا عَلى أَن نَبدَأَ اليوم مِن جَديدٍ في عَيشِ تَوبَتِنا وَنحنُ نَصُنعُ بِنعمةِ الله ما أُوتينا مِن خيرٍ لِإِتمامِهِ.

“أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ” (لو 3: 4)؛ إِنَّ استِعدادَنا لَيسَ بِانتِظارٍ جامِدٍ لِصَفَّارَةِ إِنذارٍ، وَلا بانكِفاءٍ على ما أَتمَمناهُ، إِنَّهُ استِمرارٌ مُتَتابِعٌ في عَمَلِ كُلِّ خَيرٍ يَشُدُّنا أَكثَر إِلى قَلبِ الله، وَيَدفَعُنا أَكثَر إِلى مَحَبَّةِ الكُلِّ في المـَسيحِ الَّذي أَحَبَّنا وَتَجَسَّدَ مِن أَجلِنا.

تسجّل على قناتنا على يوتيوب

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالَة الرّوحيّة “إستَعدّوا!”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!