موقع Allah Mahabba – إثنين زيارة العذراء
رسالة القدّيس بولس إلى أهل أفسس 1: 15 – 23
يا إِخوَتِي، أَنَا أَيْضًا، وقَدْ سَمِعْتُ بإِيْمَانِكُم بِالرَّبِّ يَسُوع، ومَحَبَّتِكُم لِجَمِيعِ الإِخْوَةِ القِدِّيسِين،
لا أَزَالُ أَشْكُرُ اللهَ مِنْ أَجْلِكُم، وأَذْكُرُكُم في صَلَواتِي،
لِيُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيح، أَبُو المَجْد، رُوحَ ٱلحِكْمَةِ والوَحْيِ في مَعْرِفَتِكُم لَهُ،
فَيُنِيرَ عُيُونَ قُلُوبِكُم، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، ومَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيراثِهِ في القِدِّيسِين،
ومَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الفَائِقَةِ مِنْ أَجْلِنَا، نَحْنُ المُؤْمِنِين، بِحَسَبِ عَمَلِ عِزَّةِ قُوَّتِهِ،
الَّذي عَمِلَهُ في المَسِيح، إِذْ أَقَامَهُ مِنْ بَيْنِ الأَمْوَات، وأَجْلَسَهُ إِلى يَمِينِهِ في السَّمَاوَات،
فَوقَ كُلِّ رِئَاسَةٍ وسُلْطَانٍ وقُوَّةٍ وسِيَادَة، وكُلِّ ٱسْمٍ مُسَمَّى، لا في هذَا الدَّهْرِ وحَسْبُ، بَلْ في الآتي أَيْضًا؛
وأَخْضَعَ كُلَّ شَيءٍ تَحْتَ قَدَمَيْه، وجَعَلَهُ فَوْقَ كُلِّ شَيء، رَأْسًا لِلكَنِيسَة،
وهِيَ جَسَدُهُ ومِلْؤُهُ، هُوَ الَّذي يَمْلأُ الكُلَّ في الكُلّ.
إنجيل القدّيس لوقا 1: 46 – 56
قالَتْ مَرْيَم: «تُعَظِّمُ نَفسِيَ الرَّبّ،
وتَبْتَهِجُ رُوحِي بِٱللهِ مُخَلِّصِي،
لأَنَّهُ نَظرَ إِلى تَواضُعِ أَمَتِهِ. فَهَا مُنْذُ الآنَ تُطَوِّبُنِي جَمِيعُ الأَجْيَال،
لأَنَّ القَدِيرَ صَنَعَ بي عَظَائِم، وٱسْمُهُ قُدُّوس،
ورَحْمَتُهُ إِلى أَجْيَالٍ وأَجْيَالٍ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَهُ.
صَنَعَ عِزًّا بِسَاعِدِهِ، وشَتَّتَ المُتَكبِّرينَ بأَفْكَارِ قُلُوبِهِم.
أَنْزَلَ المُقْتَدِرينَ عنِ العُرُوش، ورَفَعَ المُتَواضِعِين.
أَشْبَعَ الجِيَاعَ خَيْرَاتٍ، وصَرَفَ الأَغْنِياءَ فَارِغِين.
عَضَدَ إِسْرائِيلَ فَتَاهُ ذَاكِرًا رَحْمَتَهُ،
لإِبْراهِيمَ ونَسْلِهِ إِلى الأَبَد،كمَا كلَّمَ آبَاءَنا».
ومَكَثَتْ مَرْيَمُ عِندَ إِليصَابَاتَ نَحْوَ ثَلاثَةِ أَشْهُر، ثُمَّ عَادَتْ إِلى بَيتِهَا.
التأمّل
”القَديرُ صَنَعَ بي عَظائِم، وَاسمُهُ قُدُّوسٌ“
عِندَما يَبدَأُ الإِنسانُ في التَّحَكُّمِ بِقُدُراتِهِ الجَسَدِيَّةِ، يَبدَأُ في اللَّحظَةِ عَينِها التَّعبيرَ عَن نَفسِهِ بِشَكلٍ أَكبَر. تَرى الطِّفلَ يَمسِكُ بِلُعبَتِهِ بِعِنادٍ وَقُوَّة، لِيُعَبِّرَ عَن امتِلاكِهِ لَها، وَتَعَلُّقِهِ بِها. وَمتى بَدَأَ الإِنسانُ يُبدِعُ أُمورًا، تَجِدُهُ يَعتَزُّ وَيَفتَخِر، بِما تَوَصَّلَ إِلَيهِ، لِأَنَّ هذا الأَمر يَجعَلُهُ مُمَيَّزًا في مُحيطِه. مِن هُنا نَخلُصُ إلى القولِ أَنَّ تَصَرُّفاتِ الإِنسانِ وَأَعمالِه هِيَ أَيضًا كَما الكَلِمات تُعَبِّرُ عَمَّا يَختَلِجُ في نَفسِه؛ فَهوَ بِحاجَةٍ لِلإِقرارِ وَالاعتِرافِ بِأَنَّهُ مُمَيَّزٌ بِطَريقَةِ وُجودِه. إِذا عُدنا وَنَظَرنا إِلى العَذراءِ مَريَم وَالِدَةِ الإِلَهِ وَوالِدَتِنا بِفَضلِ النِّعمَة، نَكتَشِفُ الأَمرَ مُخالِفًا عَمَّا تَقَدَّمنا بِهِ هُنا، فَهَذِهِ المـَرأَةُ الكُلِّيَّةُ القَداسَة، أَتى تَعبيرُها انطِلاقًا مِمَّا صَنَعَهُ اللهُ فيها، وَلَيسَ مِمَّا هِيَ تَوَصَّلَت إِلَيهِ بِقُدُراتِها الشَّخصِيَّة. نَشيدُ مَريَم يَحمِلُ إِلَينا الكَثير، لِيُدخِلَنا في نِظامِ النِّعمَةِ أَي رُحبَ الحَياةِ الرُّوحِيَّة. إِقرارُ العَذراءِ بِما صُنِعَ فيها، يَدعونا لِنَكتَشِفَ دينامِيَّةَ نُمُوِّنا، حَيثُ يَعمَلُ الرُّوحُ القُدُسُ القائِمِ في أَعماقِنا، وَالَّذي يَصنَعُ بِنا العَظائِم.
يَا بُنَيَّ، تَنَبَّه مِنَ الإِعتِدادِ بِالنَّفسِ القائِمِ عَلى قاعِدَةٍ لا أَساسَ لَها عِندَ الله. تَنَبَّه عَلى بِنائِكَ الرُّوحيّ، انطِلاقًا مِن تَقويمِكَ لِكُلِّ ما تَصنَعُهُ في الحَياة. جَميلٌ هُوَ الإفتِخارُ بِالنَّجاحِ وَالاستِكشافِ وَالإِختِراعِ وَالإِبداعِ، لَكِنَّ الأَجمَلَ هُوَ مَعرِفَةُ ذاكَ الَّذي حَثَّكَ عَلى هذا النَّوعِ مِنَ العَمَل. تَأَمَّل كَيفَ تُكَوَّنُ الوُرود، فَتَجِدُ أَنَّ الحَياةَ المـُتَدَفِّقَةَ في العُروقِ أَودَت إِلى أَن تَتَفَتَّحَ فتُؤتي جمالًا وَرَونَقًا وَعِطرًا زَكِيًّا. إِنَّها الحَياةُ الَّتي فيكَ، فَهيَ تُريدُ التَّكَلُّمَ عَن نَفسِها، فَتُجَمِّلَكَ؛ هُوَّذا عَمَلُ الرُّوحِ القُدُسِ بِتَنَوُّعِ مَواهِبِهِ، في حَياةِ النَّاس. إِن أَحسَنتَ الإِصغاءَ لِما يَجري في أَعماقِكَ، تَكتَشِفُ كَما أَنَّ الجِراحَ النَّفسِيَّةَ الَّتي لا تُداوى، تَجِدُ لَها مَخرَجًا عَبرَ الأَحداثِ فَتَظهَرُ بِثَوراتِها، فَهَكَذا نِعمَتي الَّتي فيكَ، مَتى أَعطَيتَ لِذاتِكَ فُرصَةً بِالإِنفِتاحِ عَلى سُبُلِ الحَياة، تَنمو فيكَ فَتُدهِشَكَ وَتُدهِشَ الآخَرينَ مِن حَولِكَ. تَأَمَّل كَيفَ انفتَحَت أُمِّي العَذراء عَلى عَمَلِ اللهِ فيها عَبرَ الصَّلاةِ الصَّادِقَة، فَعَرَفَت عَمَلَ النِّعمَةِ الَّتي تَدَفَّقتُ فيها حَياةً بَلَغَت إِلَيكَ اليَوم. لا تَقُل عَظيمٌ أَنا بِأَعمالي، بَل قُل عَظيمٌ اللهُ الَّذي أَتَمَّ أَعمالَهُ فيَّ فَعُرِفتُ بِها.
عَمَلُ اللهِ في الخَليقَةِ يُبَيِّنُ لَنا كَيفَ أَنَّهُ يَعَملُ دائِمًا وَباستِمرارٍ في الخَفاءِ وَالصَّمتِ وَالسَّكينَة. كُلُّ شَيءٍ في الحَياةِ يَنمو وَيَتَطَوَّرُ لا مِن تِلقاءِ نَفسِهِ، بَل عَبرَ الطَّاقَةِ الرُّوحِيَّةِ الحَيَّةَ الَّتي بَعَثَها الرُّوحُ القُدُسُ في الخَلائِقِ فَجَعَلَها تَتَمَدَّدُ عَلى مَدارِ الزَّمَنِ لِتُشَكِّلَ التَّاريخَ بِصَيرورَتِها وَمَسارِها. إِذًا عَمَلُ اللهِ يَتَكَشَّفُ لِأَعيُنِنا عَبرَ الثِّمارِ النَّضِرَةِ الَّتي تُدهِشُنا في إِبداعِ اللهِ الخَلَّاقِ للخَلائِقِ بِأَسرِها. تَطَوُّرُ العُلومِ وَالإِستِكشافاتِ العِلمِيَّة الَّتي تَوَصَّلَ إِلَيها الإِنسان، تَبقى كُلُّها في خانَةِ التَّأَمُّلِ العِلميّ وَالإِكتِشاف، لِما صَنَعَهُ الله، الَّذي هُوَ فَوقَ كُلِّ اكتِشافٍ لِذاتِه، لَو لَمَ يَكشِف لَنا عَن نَفسِهِ بِالإِبنِ الوَحيد يَسوعَ المـَسيح. لِيَكُن قَصدُكَ الإِندِهاشَ بِعَمَلِ الله الخالِقِ الَّذي يُحدِثُ جَديدًا فيكَ.
رَبِّي يَسوع، أَنتَ الكَلِمَةُ الأَزَليّ الَّذي بِكَ كُوِّنَ كُلُّ شَيءٍ، بِكَ صُنِعَت كُلُّ العَظائِم، وَأَشَدُّها وَأَرفَعُها عَظَمَةً هِيَ أَنَّكَ صِرتَ إِنسانًا، جاعِلًا مِنَ العَذراءِ مَريَم أُمًّا لِأُلوهَتِكَ الكُلِّيَّةِ المـَحَبَّةِ وَالمـُنَزَّهَةَ عَن كُلِّ عَيبٍ. يَا إِلَهي وَسَيِّدي وَمُخَلِّصي، أَزِل عَنِّي كُلَّ كِبرِياءٍ، كَي أَرى وَأُقِرَّ، كَم وَكَم صَنَعتَ بي مِن عَظائِم تُشيدُ بِرَحمَتِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل إثنين زيارة العذراء ”القَديرُ صَنَعَ بي عَظائِم، وَاسمُهُ قُدُّوسٌ“ ندعوك لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!