موقع Allah Mahabba – أربعاء بشارة العذراء
رسالة القدّيس بولس إلى أهل غلاطية 3: 2- 29
يا إِخوَتِي، قَبْلَ أَنْ يَأْتيَ الإِيْمَان، كُنَّا مُحْتَجَزِينَ مَحبُوسِينَ تَحْتَ الشَّرِيعَة، إِلى أَنْ يُعْلَنَ الإِيْمَانُ المُنْتَظَر.
إِذًا فَالشَّرِيعَةُ كَانَتْ لَنَا مُؤَدِّبًا يَقُودُنَا إِلى المَسِيح، لِكَيْ نُبَرَّرَ بِالإِيْمَان.
فَلَمَّا أَتَى الإِيْمَان، لَمْ نَعُدْ تَحْتَ مُؤَدِّب؛
لأَنَّكُم جَمِيعًا أَبْنَاءُ اللهِ بَالإِيْمَان، في المَسِيحِ يَسُوع.
فأَنْتُم جَمِيعَ الَّذِينَ ٱعْتَمَدْتُم في المَسِيحِ قَدْ لَبِسْتُمُ ٱلمَسِيح.
فلا يَهُودِيٌّ بَعْدُ ولا يُونَانِيّ، لا عَبْدٌ ولا حُرّ، لاَ ذَكَرٌ ولا أُنْثَى، فإِنَّكُم جَمِيعًا وَاحِدٌ في المَسِيحِ يَسُوع.
فَإِنْ كُنْتُم لِلمَسِيح، فأَنْتُم إِذًا نَسْلُ إِبْراهِيم، ووَارِثُونَ بِحَسَبِ الوَعْد.
إنجيل القدّيس متّى 13: 54 -58
أَتَى يَسوعُ إِلى النَّاصِرَةَِ بَلْدَتِهِ، فَأَخَذَ يُعَلِّمُ في مَجْمَعِهِم حَتَّى بُهِتُوا وقَالُوا: «مِنْ أَيْنَ لَهُ هذِهِ الحِكْمَةُ وهذِهِ الأَعْمَالُ القَدِيْرَة؟
أَلَيْسَ هذَا ٱبْنَ النَّجَّار؟ أَلا تُدْعَى أُمُّهُ مَرْيَم، وإِخْوَتُهُ يَعْقُوبَ ويُوسِي، وسِمْعَانَ ويَهُوذَا؟
أَلَيْسَتْ جَمِيْعُ أَخَوَاتِهِ عِنْدَنَا؟ فَمِنْ أَيْنَ لَهُ كُلُّ هذَا؟».
وكَانُوا يَشُكُّونَ فِيه. أَمَّا يَسُوعُ فَقَالَ لَهُم: «لا يَكُونُ نَبِيٌّ بِلا كَرَامَةٍ إِلاَّ في بَلْدَتِهِ وفي بَيْتِهِ».
ولَمْ يَصْنَعْ هُنَاكَ أَعْمَالاً قَدِيْرَةً كَثِيْرَةً لِعَدَمِ إِيْمَانِهِم بِهِ.
.
التأمّل
”لا يُزدَرى نَبِيٌّ إِلَّا في وَطَنِهِ وَبَيتِه“
في الحَياةِ تَتَعَدَّدُ أَسبابُ رَفضِ الإِنسانِ لِذاتِهِ، أَو لِلآخَرين، وَهذا الفِعلُ هُوَ مِن أَوجُهِ القَتلِ المـُتَنَوِّعَة. رَفضُنا لِأَنفُسِنا يُعاكِسُ هُوِيَّتَنا وَالقَصدُ الَّذي مِن أَجلِهِ قَد خُلِقنا. رَفضُ الآخَرينَ لَنا يُحَطِّمُ فينا الثِّقَةَ وَالمـَحَبَّةَ المـُتَبادَلَة، وَيُؤَدِّي فينا إِمَّا لِلوَحدَةِ وَالهُروبِ مِنَ المـُجتَمَع، وَإِمَّا إِلى مُواجَهَةِ الآخَرينَ بِالفِعلِ عَينِه، أَو نَكونُ رِجالَ بَأسٍ وَنُواجِهُ إِنطِلاقًا مِنَ الحَقِّ في مُعتَرَكِ الحَياة. إِذا نَظَرنا في العُمقِ إِلى المـَشاكِلِ الَّتي تَحدُثُ بَينَ النَّاسِ انطِلاقًا مِنَ البَيتِ الواحِد وَالعَائِلَةِ الواحِدَة وَالجَماعَة الواحِدَة، نَكتَشِفُ أَنَّها تَقومُ غالِبًا عَلى وِجهَتَي نَظَرٍ، وَعَلى تَمَسُّكٍ عَنيدٍ بِمـَوقِفٍ مُحَدَّد، وَعَلى سوءِ فَهمٍ، وَعَلى انتِهاكٍ لِحُقوقِ أَحَدٍ… . هَذِهِ وَغَيرِها تُبَيِّنُ لَنا أَنَّنا غالِبًا ما نَتَخَطَّى حُدودَنا الشَّخصِيَّة، عَلى مُستَوى الحُقوقِ وَالإِحتِرام، وَعَدَمِ الإِعتِرافِ بِالآخَرِ وَمَوقِعِهِ في حَياتِنا. لَقَد واجَهَ يَسوعُ في حَياتِهِ هَذِهِ الآفَّة وَانتَصَرَ، لِأَنَّهُ عَرَفَ هُوِيَّتَهُ كَإِبنٍ مُرسَلٍ بِصورَةِ نَبِيِّ الجَليلِ فَكَرَزَ بِالحَقِّ وَلَم يُحابِ أَهلَ بَيتِهِ بَل أَحَبَّهُم.
يَا بُنَيَّ، لَيسَ بِالأَمرِ الصَّعبِ أَن تَكونَ نَبِيَّ عَصرِكَ بِالمـَعنى الحَصريّ لِلكَلِمَة، إِن كُنتَ مُوَحَّدًا في ذاتِكَ. لَيسَ عَلَيكَ أَن تَبحَثَ في أَقوالِكَ وَأَعمالِكَ وَتَصَرُّفاتِكَ عَن مُراعاةٍ لِأَفكارِ النَّاسِ وَمَشاعِرِهِم، إِن كُنتَ ثابِتًا في الحَقِّ وَالمـَحَبَّة. لَيسَ عَلَيكَ إِلَّا أَن تَكونَ أَنتَ أَنتَ صادِقًا وَمُنسَجِمًا مَع نَفسِكَ وَفي الوَقتِ عَينِهِ مُحتَرِمًا الآخَرينَ عَلى شَتَّى اختِلافاتِهِم وَإِن هُم اعَتَرَضوكَ في مَسارِكَ. المـَطلوبُ مِنكَ أَوَّلًا أَن تَعرِفَ دَعوَتَكَ، وَعَلَيها تُكَوِّنُ كَلامَكَ وَتَصَرُّفَكَ وَعَمَلَكَ. أُنظُر لَقَد صِرتُ لِأَهلِ بَيتي في النَّاصِرَةِ وَالجَليل، سَبَبَ عَثَرَةٍ، لِأَنَّهُم أَلقَوا عَلَيَّ أَحكامَهُم السَّابِقَة، قَبلَ أَن يَسمَعوا لي. قالوا فِيَّ هُوَّذا ابنُ النَّجَّارِ فَمِن أَينَ لَهُ هذا؟ وَأَنتَ قَد يُشيرونَ إِلى ماضيك، لِأَنَّهُم أَسَروا أَنفُسِهِم بِماضيهِم. لِذَلِكَ أَقولُ لَكَ لا يُزدَرى نَبِيٌّ إِلَّا في وَطَنِهِ وَبَيتِه، لِأَنَّ النَّبِيَّ الحَقّ، يَرغَبُ بِأَن يُجَدِّدَ وَيُصلِحَ كُلَّ شَيءٍ عَلى قِياسِ المـَحَبَّةِ وَالحَقّ وُفقَ كَلِمَةِ الله. النَّبِيُّ هُوَ يُسَمِّي الأَشياءَ بِأَسمائِها، وَيَبحَثُ في الأَسبابِ قَبلَ النَّتائِجِ، فَيُؤَنِّبَ وَيُحَذِّرَ وَيُوَبِّخَ بِهَدَفِ البُنيانِ، رافِضًا روحَ العالَم، مُتَمَسِّكًا حَتَّى بَذلِ الدَّمِ بِروحِ الحَقِّ.
مِن بَينِ الأُمورِ الَّتي يُعاني مِنها الإِنسانُ في عَلاقاتِهِ، مَسأَلَةُ عَدَمَ فَهمِه، إِذ يَكتَشِفُ أَنَّ آراءَهُ وَأَفكارَهُ وَمُعتَقَداتِهِ، لا تَتَطابَقُ مَعَ بيئَتِه. مِن جِهَةٍ يَكتَشِفُ اختِلافَهُ وَفَردانِيَّتَهُ عَن الآخَرين، وَمِن جِهَةٍ أُخرى يَبحَثُ عَن انتِماءٍ وَبيئَةٍ حاضِنَةٍ لَهُ. مِنَ المـُفيدِ جِدًّا أَن نَعرِفَ الأَسبابَ قَبلَ كُلِّ قَرارٍ. هُناكَ طِباعٌ حادَّة تَمضي بِمُواجَهَةِ الآخَرين، بِاعتِبارٍ أَنَّها هِيَ عَلى صَوابٍ وَحَقّ، وَالكُلَّ عَلى خَطَأ، وَهذا جُرمٌ كَبير. مَن يَفهَمُ ذاتَهُ أَوَّلًا باستِطاعَتِهِ أَن يَتَحاوَرَ مَعَ الآخَرينَ فَيَفهَموه، وَإِن رَفَضوهُ لِكَونِهِ صادِقًا، شَفَّافًا وَنَزيهًا وَلا يُحابي ظاهِرَ النَّاس، صارَت المـُشكِلَةُ فيهِم وَلَيسَت فيه. لِيَكُن قَصدُكَ فَهمَ ذَاتِكَ أَوَّلًا وَالدَّور وَالمـَكانَ الَّذي تَملأُهُ، فَهل يَقومُ عَلى الحَقِّ المـُعطى مِنَ الله؟
رَبِّي يَسوع، يا نَبِّيَّ الجَليلِ الفَقيرِ وَالشَّاهِدِ للِمـَحَبَّةِ وَالحَقّ. أَنتَ الَّذي قوبِلتَ بِالرَّفضِ وَالإِهاناتِ وَالشَّتائِم، وَأَنا المـَجروحُ مُنذُ طُفولَتي مِن كُلِّ هَذِه، إِلى حَدٍّ صِرتُ رافِضًا لَكَ، بِأَوجُهٍ شَتَّى في الحَياة. يَا مُعَلِّمي، عَرِّفني عَن ذاتي وَأَنا مَعَكَ، وَاجَعلني أَلَّا أَرفُضَ أَحَدًا، وَأَن أَتَعَلَّمَ مِن إِزدِراءِ النَّاسِ لي الإِتِّضاعَ حُبًّا بِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل أربعاء بشارة العذراء ”لا يُزدَرى نَبِيٌّ إِلَّا في وَطَنِهِ وَبَيتِه“ ندعوك لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!