موقع Allah Mahabba – سبت بشارة زكريّا
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 3: 21 – 31
يا إِخوَتي، أَمَّا الآنَ فَقَدْ ظَهَرَ بِرُّ الله بِدُونِ الشَّرِيعَةِ، وَتَشْهَدُ لَهُ الشَّرِيعَةُ والأَنْبِيَاء؛
ظَهَرَ بِرُّ اللهِ بِالإِيْمَانِ بِيَسُوعَ المَسيح، لِجَميعِ المُؤْمِنِين، دُونَ تَمْيِيز؛
لأَنَّ الجَمِيعَ قَدْ خَطِئُوا، ويَنْقُصُهُم مَجْدُ الله،
لكِنَّهُم يُبَرَّرُونَ مَجَّانًا بِنِعْمَةِ الله، بِالفِدَاءِ الَّذي تَمَّ في المَسِيحِ يَسُوع؛
وقَدْ جَعَلَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِدَمِهِ بِوَاسِطَةِ الإِيْمَان، وَبِذلِكَ أَظْهَرَ اللهُ بِرَّهُ، إِذْ تَغَاضَى عَنِ الخَطَايَا السَّالِفَة،
وٱحْتَمَلَهَا، فَأَظْهَرَ بِرَّهُ أَيْضًا في الوَقْتِ الحَاضِر، لِكَي يَكُونَ اللهُ بَارًّا وَمُبَرِّرًا لِمَنْ هُمْ عَلى الإِيْمَانِ بِيَسُوع.
إِذًا فَأَيْنَ ٱلٱفْتِخَار؟ لَقَدْ أُلْغِيَ! وَبِأَيِّ شَرِيعَة؟ أَبِشَرِيعَةِ ٱلأَعْمَال؟ كَلاَّ! بَلْ بِشَرِيعَةِ ٱلإِيْمَان!
لأَنَّنَا نَعْتَقِدُ أَنَّ الإِنْسَانَ يُبَرَّرُ بِالإِيْمَان، بِدُونِ أَعْمَالِ الشَّرِيعَة.
أَيَكُونُ اللهُ إِلهَ اليَهُودِ وَحْدَهُم؟ أَلَيْسَ هُوَ أَيْضًا إِلهَ الأُمَم؟ بَلَى، إِنَّهُ إِلهُ الأُمَمِ أَيْضًا.
وَبِمَا أَنَّ اللهَ وَاحِد، فهُوَ بِالإِيْمَانِ يُبَرِّرُ الخِتَانَة، وبِالإِيْمَانِ يُبَرِّرُ عَدَمَ الخِتَانَة.
إِذًا فَهَلْ نُبْطِلُ الشَّرِيعَةَ بِالإِيْمَان؟ حَاشَا! بَلْ بِالإِيْمَانِ نُثْبِتُ الشَّرِيعَة.
إنجيل القدّيس يوحنّا 8: 56 – 59
قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: “إِبْرَاهِيمُ أَبُوكُمُ ٱشْتَهَى أَنْ يَرَى يَوْمِي، ورَأَى فَفَرِح”.
فَقَالَ لَهُ اليَهُود: “لا تَزَالُ دُونَ الخَمْسِين، ورَأَيْتَ إِبْرَاهِيم؟”.
قَالَ لَهُم يَسُوع: “أَلحَقَّ ٱلحَقَّ أَقُولُ لَكُم: قَبْلَ أَنْ كَانَ إِبْرَاهِيم، أَنَا كَائِن”.
فَأَخَذُوا حِجَارَةً لِيَرْجُمُوه. أَمَّا يَسُوعُ فَتَوارَى وخَرَجَ مِنَ الهَيْكَل.
التأمّل
”قَبلَ أَن يَكونَ ابراهيم، أَنا هُوَ“
لِكُلِّ شَيءٍ في الحَياةِ مَبدَأٌ وَأَساس، لِكَي تَبني بَيتًا عَلَيكَ أَن تَضَعَ الأَساس، وَهَذِهِ حالَةُ عَيشِ الإِيمان. لا يَستَطيعُ الإِنسانُ أَن يَقولَ عَن نَفسِهِ أَنَّهُ مُؤمِن، إِن لَم يَشهَد وَيُعَرِّف عَن مَوضوعِ إِيمانِه. يَومَ آمَنَ ابراهيمُ بالله، شَهِدَ لَما اختَبَرَهُ، وَبِشَهادَتِهِ بَيَّنَ أَنَّ اللهَ إِلَهٌ حَي، يُحاوِرُ بَني البَشَر، وَيَسيرُ مَعَهُم. لَقَد تَمَيَّزَ إِلَهُ ابراهيم عَن سائِرِ آلِهَةِ الشُّعوب، فَكُلُّها أَصنامٌ لا تَتَكَلَّم، وَبِتَعبيرٍ آخَر، هِيَ أَصنامٌ تُعَبِّرُ عَن حاجاتِ عابِديها وَلا تُلَبِّيها أَبَدًا. لَيسَ باستِطاعَتِنا أَن نَتَكَلَّمَ عَن إِيمانِ ابراهيم، بَعيدًا عَن طاعَةِ ابراهيم لِكَلِمَةِ اللهِ الَّتي سَمِعَها، وَإِن كانَ ابراهيمُ يَعني اسمَهُ أَبَ المـُؤمِنين، فَهذا لَدَليلٌ لَنا، أَنَّهُ مُنذُ القِدَمِ حاوَرَ اللهُ الإِنسانَ وَسارَ مَعَهُ في طُرُقِ الحَياة، مُعطِيًا إيَّاهُ المـَعنى. لَم يَكُن مَوضوعُ إِيمانِ ابراهيم، تَصَوُّرًا أَو شَيئًا، أَو فِكرَةً أَو صَنَمًا، بَل كانَ إِيمانُهُ بِاللهِ الحَي، إِلَهُ كُلِّ الآلِهَة، الإِلَهُ القَدير. في قَولِ يَسوع أَنَّهُ كانَ قَبلَ أَن يَكونَ ابراهيم، إِشارَةٌ عَلى أَنَّهُ الكَلِمَة، الَّذي عَرَفَهُ إبراهيم بِالإِيمانِ وَأَطاعَهُ.
يَا بُنَيَّ، أُريدُ أَن تُدرِكَ إِحاطَتي لَكَ مِن كُلِّ جانِبٍ بِمَحَبَّتي، وَأَسيرُ قُدَّامَكَ، لِكَي تُدرِكَني وَأَنتَ لا تُدرِكني. لَقَد سَمِعتَ بي، سَمعَ الأُذُنِ عَلى أَنِّي أَتَيتُ عالَمَكَ، وَصِرتُ شَبيهًا بِكَ، لِتَصيرَ بِدَورِكَ شَبيهًا بي. سَمِعتَ عَنِّي أَنِّي مَحَبَّةٌ كامِلَة، صارَت جَسَدًا يَحمِلُ أَثقالَ وَأَوهانَ الخَطيئَةِ، حُبًّا بِالإِنسان. وَإِن كانَ الإِيمانُ يَأَتي مِنَ السَّماعِ، هذا لا يَعني أَن تَتَوَقَّفَ عِندَ ما سَمِعتَهُ عَنِّي لِتَكونَ مُؤمِنًا، بَل هَذِهِ دَعوَةٌ لَكَ لِتَسمَعني أَنا شَخصِيًّا، لِأَنِّي إِلَهٌ حَي، الإِلَهُ الَّذي يُحِبُّكَ. قَبلَ أَن يَكونَ ابراهيم أَنا هُو، هذا ما قُلتُهُ لِليَهود، لِكَي لا يَقِفوا عِندَ ما سَمِعوا، بَل لِكَي يَسمَعوني يَومَ حاوَرتُهُم فَيصيروا أَشباهَ ابراهيمَ بِالإِيمان. مَن يَبقى عَلى قَديمٍ لا يَستَطيعُ أَن يَعرِفَ الجَديد، وَهذا ما حَصَلَ مَع بَني قَومي، آثَروا أَن يَبقوا عَلى قِصَصِ الإِيمان، عَلى أَن يَعيشوا الإِيمان. ابراهيمُ آمَنَ بِبِذارِ الكَلِمَة الَّتي أَلقَيتُها في قَلبِه، فَقامَ وَانطَلَقَ، وَلَم يَكُن لَهُ لا نَسلٌ وَلا أَرضٌ، بَل كانَ في قَلبِهِ سَكُّ الوَعد. دَعني اليَومَ أُخاطِبُ قَلبَكَ، لِتَسمَعَ بِدَورِكَ مِنِّي كَلِمَتي الَّتي تُعطيكَ الحَياة. لا تَضَع حاجِزًا بَيني وَبَينَك، كَيما تَستَطيعَ عَيشَ الإِيمان.
يُصَوِّرُ البَعضُ أَنَّ الإِيمانَ، يَعني الوُجود المـاوَرائيّ وَالَّذي لَيسَ لَنا إِمكانِيَّةَ إِثباتِهِ إِن كانَ حَقيقَةً أَم لا. وَالبَعضُ يُوَصِّفُ الإِيمانَ عَلى أَنَّهُ يَتَّصِلُ بِأَعمَقِ مَشاعِرِ القَلبِ، وَلا يَتَّصِلُ بِجَهدِ العَقلِ وَالذَّكاء. العَقلُ يَبحَثُ عَمَّا هُوَ مَوجودٌ عَلى نِطاقِ المـَلموسِ وَالمـُختَبَر، فيما الإِيمانُ يَتَّصِلُ بِأَمرٍ لا يُمكِنُنا تَحديدُهُ وَتَسمِيَتُه. في الحَقيقَةِ لَولا عَطِيَّةُ الإِيمانِ الَّتي لا تَتَّصِلُ فَقَط بِمَعرِفَةِ اللهِ، بَل تَعني أَيضًا دينامِيَّةَ الحَياةِ بِأَسرِها لَما استَطاعَ الإِنسانُ أَن يَنمو عَلى شَتَّى الصُّعد. الإِيمانُ يَبلُغُ إِلى المـَعنى الأَعمَق لِلمـَوجودات، وَيَنبَعُ مِنَ أَعماقِ القَلبِ مُحَفِّزًا العَقلَ البَشَريّ عَلى العَمَلِ بُغيَةَ الفَهم. الإِيمانُ يَضَعُ الإِنسانَ في حَضرَةِ اللهِ الحَي. لِيَكُن قَصدُكَ في فَهمِكَ لِعَطِيَّةِ الإِيمانِ وَعَيشُهُ حَياةً.
رَبِّي يَسوع، قَبلَ أَن يَكونَ ابراهيمَ كُنتَ أَنتَ، وَقَبلَ أَن أُصَوَّرَ في البَطنِ، أَرَدتَني أَن أَكون. يَا مَن أَنتَ البِدايَةُ وَالنِّهايَة، ها أَنا أَنحني أَمَامَ عَظَمَتِكَ الأَزَلِيَّةِ وَأَطلُبُ مِنكَ اليَومَ أَن تَزِدني إِيمانًا، فَأَعرِفَ بِقُوَّةِ الإِيمانِ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ يَؤولُ إِلَيكَ. لِذا لا تَسمَح أَن أَنغَلِقَ عَلى أَفكاري وَمَحدودِيَّتي، بَل إِجعَلني مُؤمِنًا بِكَ، دائِمَ الجِدَّةِ، آمين.
تابعوا قناتنا
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل سبت بشارة زكريّا “قَبلَ أَن يَكونَ ابراهيم، أَنا هُوَ”. ندعوك لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!