موقع Allah Mahabba – خميس بشارة زكريّا
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 2: 17 – 29
يا إِخوَتي، إِنْ كُنْتَ أَنْتَ الَّذي تُدْعَى يَهُودِيًّا، وتَعْتَمِدُ عَلى الشَّرِيعَة، وتَفْتَخِرُ بِالله،
وَتَعْرِفُ مَشيئَتَهُ، وتُمَيِّزُ مَا هُوَ الأَفْضَل، بِمَا عَلَّمَتْكَ الشَّرِيعَة،
وَاثِقًا مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَائِدُ العُمْيَان، ونُورُ الَّذِينَ في الظَّلاَم،
وَمُؤَدِّبُ الجُهَّال، ومُعَلِّمُ الأَطْفَال، لأَنَّ لَكَ في الشَّرِيعَةِ صُورَةَ المَعْرِفَةِ والحَقّ…
فأَنْتَ إِذًا يَا مَنْ تُعَلِّمُ غَيْرَكَ، أَمَا تُعَلِّمُ نَفْسَكَ؟ يَا مَنْ تُنَادِي: لا تَسْرِقْ! أَتَسْرِق؟
يَا مَنْ تَقُول: لا تَزْنِ! أَتَزْنِي؟ يَا مَنْ تَحْتَقِرُ الأَوْثَان، أَتَسْلُبُ هَيَاكِلَهَا؟
يَا مَنْ تَفْتَخِرُ بِالشَّرِيعَة، أَتُهِينُ ٱللهَ بِتَعَدِّيكَ لِلشَّرِيعَة؟
كَمَا هُوَ مَكْتُوب: «إِنَّ ٱسْمَ ٱللهِ يُجَدَّفُ عَلَيْهِ بِسَبَبِكُم بَينَ الأُمَم!».
إِنَّ الخِتَانَةَ نَافِعَة، إِنْ كُنْتَ تَعْمَلُ بِالشَّرِيعَة، أَمَّا إِنْ كُنْتَ تتَعَدَّى الشَّرِيعَة، فقَدْ صَارَتْ خِتَانَتُكَ لا خِتَانَة؛
وإِنْ كَانَ غَيْرُ المَخْتُونِ يَحْفَظُ أَحْكَامَ الشَّرِيعَة، أَفَلا يُحْسَبُ عَدَمُ خِتَانُتِهِ خِتَانَة؟
فَغَيرُ المَخْتُونِ بِالطَّبيعَة، الَّذي يُتَمِّمُ الشَّرِيعَة، سَيَدِينُكَ أَنْتَ يَا مَنْ بِالحَرْفِ والخِتَانَةِ تتَعَدَّى الشَّرِيعَة.
فلَيْسَ اليَهُودِيُّ مَنْ هُوَ يَهُودِيٌّ في الظَّاهِر، ولا الخِتَانَةُ مَا هِيَ خِتَانَةٌ في الظَّاهِرِ أَيْ في اللَّحْمِ؛
بَلِ اليَهُودِيُّ مَنْ هُوَ يَهُودِيٌّ في البَاطِن، والخِتَانَةُ هِيَ خِتَانَةُ القَلْب، بِالرُّوحِ لا بِالحَرْف. ومَدْحُ هذَا الإِنْسَانِ لَيْسَ مِنَ البَشَر، بَلْ مِنَ الله.
إنجيل القدّيس يوحنّا 8: 46 – 50
قالَ الرَبُّ يَسوع لِليَهود: “مَنْ مِنْكُم يُوَبِّخُنِي على خَطِيئَة؟ إِنْ كُنْتُ أَقُولُ الحَقَّ فَلِمَاذَا لا تُصَدِّقُونَنِي؟
مَنْ هُوَ مِنَ اللهِ يَسْمَعُ كَلامَ الله. وأَنْتُم لا تَسْمَعُون، لأَنَّكُم لَسْتُم مِنَ الله”.
أَجَابَ اليَهُودُ وقَالُوا لَهُ: “أَمَا حَسَنًا نَقُولُ إِنَّكَ سَامِرِيّ، وبِكَ شَيْطَان؟”.
أَجَابَ يَسُوع: “لَيْسَ بِي شَيْطَان، ولكِنِّي أكَرِّمُ أَبِي، وأَنْتُم تَحْتَقِرُونِي!
وأَنَا لا أَطْلُبُ مَجْدِي، فَهُنَاكَ مَنْ يَطْلُبُ وَيَدِين”.
التأمّل
”مَن كانَ مِنَ اللهِ استَمَعَ إِلى كَلامِ الله“
طُفولَةُ الإِنسانِ وَسِنينَ تَرَعرُعِهِ الأُولى تُحاطُ كُلُّها بِالتَّعليمِ وَالتَّأديب. هُنا يَتَعَلَّقُ الوَلَدُ بِمُرَبِّيهِ، وَبِما يُعَلِّموهُ إِيَّاه، وَهُنا أَيضًا يَتَلَقَّى جِراحًا تُطبَعُ في شَخصِيَّتِهِ طَوالَ حَياتِه. حَيثُ وَجَدنا نورَ الحُبِّ، نَنمو، وَحَيثُ تَلَقينا بَردَ الظَّلامِ نَذبُل. صَحيحٌ أَنَّنا مُنذُ نُعومَةِ أَظافِرِنا نَسأَلُ عَن كُلِّ الأَشياءِ راغِبينَ في مَعرِفَتِها، وَكَأَنَّنا وَراءَ طَيَّاتِ أَسئِلَتِنا نُريدُ أَن نَتَعَرَّفَ عَلى اللهِ قَبلَ كُلِّ شَيء، إِلَّا أَنَّ صورَةَ اللهِ الَّتي نَشَأنَا عَلَيها أَتَتنا مِن مُرَبِّينا، لا فَقَط عَلى مُستَوى التَّعليم، بَل بِالأَكثَر عَلى مُستَوى المِثال وَالقُدوَة. مَن قُدِّمَت لَهُ صورَةُ اللهِ في حَرارَةِ الحُبِّ، نَمَت فيهِ الرَّغبَةُ بِالاستِماعِ أَكثَر إِلى كَلامِ الله. وَمَن قُدِّمَت لَهُ صورَةُ اللهِ في عَواصِفِ البَرد، وَجَدَ ذاتَهُ يَبحَثُ عَن مَجهولٍ لِيُحِبَّهُ وَلَم يَلقاهُ. الكُلُّ يَبحَثُ عَن الله، إِلَّا أَنَّ وَجهَةَ بَحثِنا تَتَعَلَّقُ بِفَهمِنا لِصورَتِه. مَن تَمَرَّسَ عَلى اكتِشافِ الخَيرِ الَّذي فيه، عَلى أَنَّهُ مِنَ الله، تَمَكَّنَ بِالأَكثَرِ مِنَ الإِستِماعِ إِلى كَلامِ الله، وَوَجَدَ ذاتَهُ مُستَدفِئًا بِإِشعاعاتِ حُبِّهِ السَّرمَديّ.
يَا بُنَيَّ، أَمِل أُذُنَ قَلبِكَ، وَعُد إِلى أَيَّامِ طُفولَتِك. خُذ لَكَ مَكانًا إِلى جانِبي، وَاستَدفِئ بِغَمرَةِ حُبِّي لَكَ. أُريدُ أَن أَقُصَّ عَلَيكَ قِصَصَ الحَياةِ، قِصَصَ الرَّجاء، قِصَصَ المـحَبَّةِ وَالإِيمان. أُريدُ أَن تَستَمِعَ مِنِّي إِلى كَلامِ الله، كَيما تَستَطيعَ مُواجَهَةَ كُلِّ شَيءٍ بِقُوَّةِ الغُفرانِ وَالمـُسامَحَةِ وَالسَّلام. الكَلامُ الَّذي أَقولُهُ لَكَ، لا يُحَدُّ بِكتابٍ وَنَصٍّ وَحَرف، بَل هُوَ يَعني سيرَةَ حَياتِكَ مَعي، وَسيرَةُ حَياتي مَعَكَ. الكَلامُ الَّذي أَقُصُّهُ عَلَيكَ، لا يَقِفُ عِندَ بُعدٍ نَظَريّ، لِيَتَجاهَلَ البُعدَ العَمَليّ، بَل يَعني قَلبَكَ، وَكُلُّ ما تَعيشُهُ، وَتَتَكَدَّرُ مِنهُ، وَتَفرَحُ بِهِ؛ إِنَّهُ يَعنيكَ شَخصِيًّا. كَم مِنَ المـَرَّاتِ سَئِمتَ مِن سَماعِ المـَواعِظ وَإِن هيَ تَحتَوي كَلامًا عَنِّي، ذَلِكَ لِانطِفاءِ رَغبَةِ البَحثِ عَن مَشيئَتي فيكَ، وَلِأَنَّ الَّذي يَعِظُكَ أَولى أُسلوبَهُ عَلى كَلِمَتي. أَرهِف أُذُنَ قَلبِكَ لِكُلِّ شَيءٍ في الحَياة، فَأَنا الكَلِمَة، وَفي كُلِّ وَقتٍ أُحادِثُكَ وَأُخاطِبُكَ. كُلُّ مُحِبٍّ يُريدُ أَن يُخاطِبَ المـَحبوب، وَأَنتَ المـَحبوبُ مِنِّي، لِذَلِكَ في كُلِّ وَقتٍ أُلقي عَلَيكَ كَلِمَتي، الَّتي هِيَ لَكَ حَياةٌ وَقُوَّةٌ، وَرَجاءٌ وَصَفاءٌ وَسَلام. لِتَسمَع إِرادَتَكَ كَلِمَتي، كَيما تَختَبِرَ مَحَبَّتي بِأَفعالِكَ اليَومِيَّة.
قبولُ الكَلامِ لا يَتَوَقَّفُ عِندَ حاسَّةِ السَّمَعِ فَقَط، بَل يَأخُذُ بِالحِسبانِ، الشَّكلَ وَالمـَضمون، الأُسلوبَ وَالنَّبرَةَ وَالشَّخصِيَّة. إِن أَتى الإِنطِباعُ سَلبِيًّا، ذَلِكَ لِأَنَّهُ أَبرَزَ مَلامِحَ التَّسَلُّطِ وَالأَمرِ وَالفَرض، فَلَن يَتَقَبَّلَ المـُستَمِعُ الكَلامَ المـُلقى عَلَيهِ وَإِن كانَ يَحتَوي عَلى دُرَرٍ مِنَ الحِكَمِ وَالمـَعاني. مَن تَأَمَّلَ بِوَجهِ المـُعَلِّمِ الإِلَهيِّ يَسوع، يَجِدُ في مَلامِحِ وَجهِهِ الكَثير الكَثير مِنَ الوَداعَةِ وَالتَّواضُعِ وَالحُبِّ وَاللُّطف، لِذَلِكَ يُحَقُّ أَن يُطاعَ كُلُّ كَلامِه. كُلُّ إِنسانٍ وَإِن مارَسَ التَّسَلُّطَ في ميدانِ حَياتِهِ، يَكرَهُ أَن يُسَلَّطَ عَلَيه. لِيَكُنُ مَقصَدُكَ في إِتقانِ إِصغائِكَ لِكَلامِ الله، كَيما تَعكُسَ الوَداعَةَ وَالتَّواضُعَ في كَلامِكَ وَتَصَرُّفِكَ وَحُضورِكَ، هذا إِن شِئتَ أَن يَكونَ سَماعُكَ طَاعَةَ مَحَبَّةٍ كَبيرَة لله.
رَبِّي يَسوع، بِكَلِمَتِك لي، أَسأَلُ نَفسي إِن كُنتُ لَكَ مُصغِيًا، وَإِن كُنتُ لَكَ طائِعًا وَإِن كُنتُ لَكَ مُحِبًّا. بِكَلِمَتِكَ لي تَسَأَلُني أَينَ أَنا، أَفي الجانِبِ الأَيسَرِ أَم الأَيمَن؟ أَأَنا لَكَ أَم عَلَيكَ؟ أَرجوكَ رَبِّي نَقِّي قَلبي بِنارِ كَلِمَتِكَ الحَيَّة، حَتَّى ما إِن أَسمَعُ صَوتَكَ العَذب، أُجيبُكَ مِن صَميمِ قَلبي، هاءَنَذا رَبِّي، هَوايَ أَن أَعمَلَ مَشيئَتَكَ، آمين.
تابعوا قناتنا
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل خميس بشارة زكريّا “مَن كانَ مِنَ اللهِ استَمَعَ إِلى كَلامِ الله”. ندعوك لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!