موقع Allah Mahabba – جمعة تقديس البيعة وتجديدها
رسالة القدّيس بولس إلى أهل رومة 5: 12 – 16
يا إِخوَتي، كَمَا دَخَلَتِ الخَطِيئَةُ إِلَى العَالَمِ بِإِنْسَانٍ وَاحِد، وَبِالخَطيئَةِ دَخَلَ المَوْت، هكَذَا سَرى المَوْتُ إِلَى جَميعِ النَّاس، بِمَا أَنَّهُم جَميعَهُم خَطِئُوا.
فقَبْلَ الشَّرِيعَة، كَانَتِ الخَطيئَةُ في العَالَم، لكِنَّهَا بِدُونِ الشَّرِيعَةِ لَمْ تَكُنْ تُحْسَبُ خَطيئَة.
إِلاَّ أَنَّ المَوْتَ قَدْ مَلَكَ مِنْ آدَمَ إِلى مُوسَى، حَتَّى عَلى الَّذينَ مَا خَطِئُوا بِتَعَدِّي الشَّرِيعَة، كَمَا تَعَدَّاهَا آدَم، الَّذي هُوَ صُورَةُ المَسيحِ الآتي.
وَلكِنْ لَيْسَتِ الزَّلَّةُ بِمِقْدَارِ المَوْهِبَة: فإِذَا كَانَ الكَثِيرُونَ قَدْ مَاتُوا بِزَلَّةِ إِنْسَانٍ وَاحِد، فَكَمْ بِالأَحْرَى قَدْ فَاضَتْ نِعْمَةُ اللهِ وَعَطيَّتُهُ عَلى الكَثِيرِين، بِنِعْمَةِ إِنْسَانٍ وَاحِد، هُوَ يَسُوعُ المَسِيح!
وَلَيسَتْ خَطِيئَةُ خَاطِئٍ وَاحِدٍ بِمِقْدَارِ العَطِيَّة: فَمِنْ جَرَّاءِ زَلَّةٍ وَاحِدَة، صَارَ الحُكْمُ بِالهَلاَك، وَمِنْ جَرَّاءِ زَلاَّتٍ كَثِيرَة، صَارَتِ المَوْهِبَةُ لِلتَّبْرِير.
إنجيل القدّيس يوحنّا 17: 24 – 26
قالَ الرَبُّ يَسوع: «يا أبتِ، إِنَّ الَّذينَ وَهَبْتَهُم لي أُريدُ أَنْ يَكُونُوا مَعِي حَيْثُ أَكُون، لِيُشَاهِدُوا مَجْدِيَ الَّذي وَهَبْتَهُ لي، لأَنَّكَ أَحْبَبْتَنِي قَبْلَ إِنْشَاءِ العَالَم.
يَا أَبَتِ البَارّ، أَلعَالَمُ مَا عَرَفَكَ، أَمَّا أَنَا فَعَرَفْتُكَ، وهؤُلاءِ عَرَفُوا أَنَّكَ أَنْتَ أَرْسَلْتَنِي.
وقَدْ عَرَّفْتُهُمُ ٱسْمَكَ وسَأُعَرِّفُهُم، لِتَكُونَ فِيهِمِ المَحَبَّةُ الَّتِي بِهَا أَحْبَبْتَنِي، وأَكُونَ أَنَا فِيهِم».
التأمّل
”يَا أَبَتِ، إِنَّ الَّذينَ وَهَبتَهُم لي أُريدُ أَن يَكونوا مَعي حَيثُ أَكون“
مِن مُمَيِّزاتِ المـَحَبَّةِ الكامِلَة، أَنَّها لا تَعرِفُ التَّعَلُّق، بَل تَرغَبُ في الخَيرِ المـُطلَق، لِذَلِكَ مَن يَعرِفُ المـَحَبَّةَ في المـَسيحِ تَجِدُهُ حُرًّا وَمُحَرَّرًا مِن كُلِّ قَيدٍ وَفي الوقتِ نفسِهِ يُريدُ لِمَن أَحَبَّهُ أَن يَكونَ مَعَهُ حَيثُ يَكون. عِندَما نَدخُلُ إِلى لاهوتِ الإِنجيليِّ يُوحَنَّا، تَتَجَلَّى لَنا شَخصِيَّةُ الكَلِمَة المـُتَجَسِّد مـَوسوماً بِهَذِهِ المـَحَبَّةِ الكامِلَة. أَوَّلًا يَعتَرِفُ يَسوعُ بِأَنَّ الآبَ هُوَ مَصدَرُ كُلِّ شَيء وَإِلَيهِ يَعودُ كُلُّ شَيء. ثانِيًا، نَرى يَسوعَ يَعمَلُ عَلى إِعادَةِ كُلِّ شَيءٍ لله، فَنَراهُ يُمَجِّدُهُ، يَشكُرُهُ وَيُسَبِّحُهُ. ثالِثًا، نَكتَشِفُ قُوَّةَ العَلاقَةِ القائِمَةِ بَينَ يَسوع الإِبن وَاللهُ الآب، مِن حَيثُ تَتَمايَزُ الأَقانيمُ عَن بَعضِها البَعض وَتَبقى المـَحَبَّةُ في صَميمِ ارتِباطِهِم وَفي صَميمِ مَشروعِهِم الخَلاصيّ للإِنسان. الآبُ وَهَبَ الإِبنَ الرُّسُلَ الإِثنَي عَشَر، وَيَسوعُ قَد جَعَلَ مِن هَذِهِ الهِبَةِ الثَّمينَة بِفِعلِ الرُّوحِ القُدُس كَنيسَةً مُقَدَّسَة. حَيثُ يَكونُ يَسوع، هُناكَ تَكونُ الكَنيسَة، وَالعَكسُ يَصُحُّ. لَقَد أَرادَ يَسوعُ أَن تَكونَ الكَنيسَةُ مُمَجَّدَةً مَعَهُ في قَلبِ الآب.
يَا بُنَيَّ، أُنظُر إِلى كُلِّ ما صَنَعتَهُ مِن أَجلِكَ أَنتَ، لَقَد أَتَيتُ إِلى عالَمِكَ مُتَّخِذًا طَبيعَتَكَ رُغمَ ما فيها مِن ضُعفٍ وَهَشاشَةٍ وَخَطيئَة، وَصِرتُ مثلَكَ إِنسانًا كامِلًا. لَقَد نَظَرتُ إِلَيكَ عَلى أَنَّكَ هِبَةٌ ثَمينَةٌ أُعطِيَت لي مِن لَدُنِ الآب. يَكفيكَ أَن تَنظُرَ وُفقَ نَظرَتي إِلى كُلِّ إِنسانٍ حَتَّى تَكتَشِفَ في أَعماقِ كَيانِكَ، كَم مِنَ الهِباتِ وَالخَيراتِ قَد أَعطَيتُكَ. الهِبَةُ لا تَعني الإِمتِلاك، إِنَّما تَعني عَطائي المـَجَّاني لَكَ، وَتَقصِدُ أَن تَكونَ أَمينًا، لا مُفَرِّطًا وَمُستَهلِكًا بِفِعلِ سُلطَةٍ مُزَيَّفَة. وَهَبتُكَ كُلَّ شَيءٍ، لِكَي تَصنَعَ لَكَ سُلَّمًا يَرتَقي بِكَ إِلى السَّماء، وَهذا السُّلَّمُ تُصنَعُ أَدراجَهُ مِن مَجموعِ العِبَرِ وَالخُلاصاتِ الَّتي تَتَعَلَّمُها مِن واقِعِ حَياتِكَ، وَهَكذا تَكتَشِفُ حَقيقَةً أَنِّي أَعطَيتُكَ وَوَهَبتُكَ كُلَّ شَيء، حَتَّى بِذاتي صِرتُ لَكَ ذَلِكَ السُّلَّمُ الَّذي يوصِلُكَ إِلى الآب. إِسمَعني حينَ أُناجي الآب، فَأَنا أُريدُكَ مَعي، لِذَلِكَ قُل لي نَعَم بِمِلءِ حُرِّيَّتِكَ، لِتَكونَ حَيثُ أَكونُ أَنا. مَحَبَّتي تَدفَعُني إِلَيكَ لا لِكَي أُقَيِّدَ شَخصَكَ بي، بَل لِكِي أُقَدِّمَ لَكَ الأَفضَلَ وَالأَكمَل، وَكُلَّ ما هُوَ مُقَدَّس. الحَقَّ الحَقَّ أَقولُ لَكَ، أُريدُ أَن تَكونَ مَعي لِخَيرِكَ الأَسمى.
مَن رَغِبَ في السَّماءِ عاشَ مِن أَجلِ السَّماء، وَمَن رَغِبَ في الأَرضِ عاشَ مِن أَجلِ الأَرض، لِذَلكَ يُرتَجى أَن تَقومَ صَلاتُكَ عَلى أَن تَجعَلَ مِن أَرضِكَ سَماءً. يَتَحَقَّقُ هذا الأَمرُ عِندَما يَعيشُ الإِنسانُ في مَخافَةِ اللهِ، مُتَأَمِّلًا في حُضورِهِ العَذب، الَّذي يَقودُ التَّاريخَ إِلى خَواتيمِهِ وَهوَ يُعنى بِكُلِّ خَلائِقِهِ. عَلى الإِنسانِ أَن يَتَمَتَّعَ بِنَظرَةِ يَسوع لِلحَياة، وَباتِّضاعِهِ وَفَقرِهِ في إِقرارِهِ أَنَّ كُلَّ شَيءٍ هِبَةٌ مِنَ الآب، وَفي مَحَبَّتِهِ في أَن يَطلُبَ الخَيرَ لِكُلِّ إِنسان، لِذَلِكَ أَرادَ أَن يَكونَ الكُلُّ مَعَهُ في مَلَكوتِ الله. إِن أَرَدتَ أَن تَقتَدي بِيَسوع عَلَيكَ إِذًا، أَن تَنظُرَ مِثلَهُ وَتَتَّضِعَ مِثلَهُ وَأَن تَتَخَلَّى بِفِعلِ شُكرانٍ مِثلَهُ، وَأَن تُحِبَّ مِثلَهُ. الأَمرُ لَيسَ صَعبًا وَلا مُستَحيلًا، إِن كانَت فيكَ الرَّغبَةُ بِمَحَبَّةِ الله.
رَبِّي يَسوع، أَنتَ الَّذي صَلَّيتَ مِرارًا أَمامي لِأَتَعَلَّمَ مِنكَ الصَّلاة، وَفي صَلاتِكَ رَغِبتَ وَتَوَسَّلتَ مُناجِيًا الآبَ، شاكِرًا إِيَّاهُ عَنِّي كَهِبَةٍ ثَمينَةٍ صارَت لَكَ، وَسائِلًا إِيَّاهُ أَن أَكونَ بِمَجدِكَ الأَزَليّ. فَمَن أَنا يَا رَبُّ وَمَن أَنتَ؟ أَيُّ حُبٍّ هُوَ أَنتَ الَّذي يَرغَبُ مِن جَعلِ ما لَيسَ بِشَيءٍ شَيئًا وَما لَيسَ بِحُبٍّ حُبًّا؟! خُذني كُلِّي لَكَ رَبِّي، آمين.
تابعوا قناتنا
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل جمعة تقديس البيعة وتجديدها “يَا أَبَتِ، إِنَّ الَّذينَ وَهَبتَهُم لي أُريدُ أَن يَكونوا مَعي حَيثُ أَكون”. ندعوك لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن يعطيك نعمة القداسة لكي تكون ملحاً للأرض ونوراً لعالم اليوم!