موقع Allah Mahabba – أحد تقديس البيعة وتجديدها
الرسالة إلى العبرانيّين 12-1:9
يا إِخوَتي، كانَت لِلعَهْدُ الأَوَّل أَيضًا شعَائِرُ عِبَادَة، وبَيْتُ قُدْسٍ أَرْضِيّ.
فَبُنِيَ المَسْكِنُ الأَوَّل، وهُوَ الَّذي يُدْعَى «القُدْس»، وكانَ فيهِ الْمَنَارَة، والْمَائِدَة، وخُبْزُ التَّقْدِمَة،
ووَرَاءَ الحِجَابِ الثَّانِي بُنِيَ المَسْكِنُ الَّذي يُدْعَى «قُدْسَ الأَقْدَاس»،
ويَحْتَوِي مِجْمَرَةً ذَهَبِيَّةً لِلبَخُور، وتَابُوتَ العَهْد، مُغَشًّى كُلُّهُ بِالذَّهَب، وفيهِ جَرَّةٌ مِن ذَهَبٍ تَحْتَوِي المَنّ، وعَصَا هَارُونَ الَّتي أَفْرَخَتْ، ولَوحَا العَهْد،
وفَوقَ التَّابُوتِ كَرُوبَا المَجْدِ يُظَلِّلانِ الغِشَاء: أَشْيَاءُ لا مَجَالَ الآنَ لِلكَلامِ عَنْهَا بالتَّفْصِيل.
وإِذْ بُنِيَتْ تِلْكَ الأَشْياءُ على هذَا التَّرتِيب، كانَ الكَهَنَةُ يَدْخُلُونَ إِلى الْمَسْكِنِ الأَوَّلِ في كُلِّ وَقْت، لِيُتِمُّوا العِبَادَة،
أَمَّا الْمَسْكِنُ الثَّانِي فكانَ عَظِيمُ الأَحْبَارِ يَدخُلُ إِلَيهِ وَحْدَهُ مَرَّةً واحِدَةً في السَّنَة، ولا يَدْخُلُ إِلَيهِ إِلاَّ ومَعَهُ دَمٌ يُقَرِّبُهُ عَنْ نَفْسِهِ وعَنْ جَهَالاتِ الشَّعْب.
وبِهذَا يُوضِحُ الرُّوحُ القُدُسُ أَنَّ الطَّرِيقَ إِلى قُدْسِ الأَقْدَاسِ لَمْ يَكُنْ بَعْدُ قَدْ كُشِف، مَا دَامَ الْمَسْكِنُ الأَوَّلُ قَائِمًا.
وهذَا رَمزٌ إِلى الوَقتِ الحَاضِر، وفيهِ تُقَرَّبُ تَقَادِمُ وذَبائِح، لا يُمْكِنُهَا أَنْ تَجْعَلَ مَنْ يُقَرِّبُهَا كامِلاً مِن جِهَةِ الضَّمِير.
إِنَّهَا شَعَائِرُ جَسَدِيَّةٌ تَقْتَصِرُ على أَطْعِمَةٍ وأَشْرِبَة، وأَنْواعٍ شَتَّى مِنَ الٱغْتِسَال، مَفْرُوضَةٍ إِلى أَنْ يَأْتِيَ وَقْتُ الإِصْلاح.
أَمَّا المَسِيحُ فَقَدْ ظَهَرَ عَظِيمَ أَحْبَارِ الخَيْرَاتِ الآتِيَة، وٱجْتَازَ المَسْكِنَ الأَعْظَمَ والأَكْمَل، غَيرَ المَصْنُوعِ بِالأَيْدِي، أَيْ لَيْسَ مِن هذِهِ الخَليقَة،
فَدَخَلَ إِلى قُدْسِ الأَقْدَاسِ مَرَّةً واحِدَة، لا بِدَمِ التُّيُوسِ والعُجُول، بَلْ بِدَمِهِ هُوَ، فَحَقَّقَ لنَا فِدَاءً أَبَدِيًّا.
إنجيل القدّيس متّى 20-13:16
جَاءَ يَسُوعُ إِلى نَواحِي قَيْصَرِيَّةِ فِيْلِبُّسَ فَسَأَلَ تَلامِيْذَهُ قَائِلاً: «مَنْ يَقُولُ النَّاسُ إِنِّي أَنَا ٱبْنُ الإِنْسَان؟».
فقَالُوا: «بَعْضُهُم يَقُولُون: يُوحَنَّا المَعْمَدَان؛ وآخَرُون: إِيْليَّا؛ وغَيْرُهُم: إِرْمِيَا أَو أَحَدُ الأَنْبِيَاء».
قَالَ لَهُم: «وأَنْتُم مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟».
فَأَجَابَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ وقَال: أَنْتَ هُوَ المَسِيحُ ٱبْنُ اللهِ الحَيّ!».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «طُوبَى لَكَ يَا سِمْعَانُ بنَ يُونَا! لأَنَّهُ لا لَحْمَ ولا دَمَ أَظْهَرَ لَكَ ذلِكَ، بَلْ أَبي الَّذي في السَّمَاوَات.
وأَنَا أَيْضًا أَقُولُ لَكَ: أَنْتَ هُوَ بُطْرُسُ، أَيِ الصَّخْرَة، وعلى هذِهِ الصَّخْرَةِ سَأَبْنِي بِيْعَتِي، وأَبْوَابُ الجَحِيْمِ لَنْ تَقْوى عَلَيْها.
سَأُعْطِيكَ مَفَاتيحَ مَلَكُوتِ السَّمَاوَات، فَكُلُّ مَا تَربُطُهُ على الأَرْضِ يَكُونُ مَرْبُوطًا في السَّمَاوَات، ومَا تَحُلُّهُ على الأَرْضِ يَكُونُ مَحْلُولاً في السَّمَاوَات».
حينَئِذٍ أَوْصَى تَلامِيْذَهُ أَلاَّ يَقُولُوا لأَحَدٍ إِنَّهُ هُوَ المَسِيح.
التأمّل
”أَنتَ هُوَ المـَسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ!“
الإِعتِرافُ بِالإِنسانِ عَلى ما هُوَ يُسَمَّى حِفظُ الكَرامَة، وَالإِعتِرافُ بِمُقَدَّراتِ الإِنسانِ وَمَواهِبِهِ يُسَمَّى التَّقدير. الإِعتِرافُ بِتَجَسُّدِ الكَلِمَة، يُسَمَّى الإِيمانُ بَمَحَبَّةِ اللهِ الَّتي لا تَعرِفُ الإِستِحالَة، بَل المـُمكِن. عَيشُ الإِيمانِ يَستَلزِمُ التَحَوُّلَ مِمَّا هُوَ جَسَديّ-مادّيّ إِلى ما هُوَ روحيّ، هَذا يَعني العَيشَ وُفقَ روحِ اللهِ، وُفقَ صورَةِ الإِبنِ الوَحيد. فَمِنَ السَّهلِ أَن تَقولَ بِمِلءِ فَمِكَ يَسوعُ النَّاصِرِيُّ هُوَ المـَسيح-ابنُ الله الحَيّ، وَلَكِن مِنَ الصَّعبِ عَلَيكَ أَن تَعيشَ ما تَقول. إِنطِلاقًا مِن هُنا يَتَّصِلُ الإِعتِرافَ الإِيمانيّ بِابنِ اللهِ بِعَمَلِ النِّعمَةِ وَالإِرادَة مَعًا. مِن جِهَةٍ، الإِنسانُ بِحاجَةٍ إِلى الأَنوارِ العُلوِيَّة لِكَي يُدرِكَ وَيُعلِنَ بِما يُؤمِن، وَمِن جِهَةٍ أُخرى هُوَ مَدعوٌّ لِكَي يُوَظِّفَ كُلَّ طاقاتِ كِيانِهِ لإِظهارِ إِيمانِهِ بِأَعمالِه. إِنَّ وَجهَ الآبِ لَم يَرَهُ أَحَدٌ قَط، بَل الإِبنُ أَظهَرَ لَنا مَحَبَّتَهُ، وَهَكَذا الإِيمانُ لا يُعتَلَن بِالكَلامِ فَقَط، بَل بِشَهادَةِ الحَياة. أَن تَقولَ للرَّبِّ مَعَ بُطرُس أَنتَ المـَسيح ابنُ اللهِ الحَيّ، هَذا يَعني أَن تَتبَعَهُ فَيكَونَ مَشروعَ حَياتِكَ.
يَا بُنَيَّ، جَميلٌ وَرائِعٌ هُوَ أَن تَعرِفَني في مِلءِ حَياتِكَ وأَن تعرِفَ مَن أَنا في ذاتي وَمَن أَكونُ بِالنِّسبَةِ لَكَ، كَما مَن أَنتَ بِالنِّسبَةِ لي. جَميلٌ وَمَحَبَّبٌ عَلى قَلبي أَن تَعتَرِفَ بِي أَنِّي المـَسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ. لِذَلِكَ عَلَيكَ أَن تَعلَمَ ما مَعنى أَنِّي المـَسيح، لِكَي تَكونَ أَنتَ أَيضًا مَسيحيًّا بِالقَولِ وَالفِعل. بِروحِ اللهِ القُدُّوسِ قَد مُسِحتُ، لِأَكونَ خاصَّةَ الآب السَّماويّ وَمَرضاتِه. أَنا المـَسيحُ أَي لَستُ لِذاتي، بَل خادِمًا لِلكُلّ. أَنتَ أَيضًا مَدعُوٌّ بِقُوَّةِ المـَسحَةِ المـُقَدَّسَة وَباستِحقاقاتِ آلامي أَن تَكونَ مَسيحًا آخَر، فَتُظهِرَ مَحَبَّتي بِشَخصِكَ في وَسَطِ عالَمِك. كما أَنا ابنُ اللهِ الحَي، فِيَّ وَبي تَصيرُ ابنًا لله، لِذَلِكَ المـَطلوبُ مِنكَ أَن تَثبُتَ فِيَّ كَما أَنا ثابِتٌ بِالآب. الإِبنُ يَعمَلُ بِمَشيئَةِ أَبيه، فَعَلَيكَ أَن تَعلَمَ مَشيئَةَ أَبي، وَهيَ أَن تَعرِفَني إِلى أَقصى حَد. مَعرِفَتُكَ لي تَجعَلُكَ ثابِتًا في المـَحَبَّة. المـَسحَةُ المـُقَدَّسَةُ تَطالُ بُعدَكَ الحِسِّيّ، وَالبُنُوَّةُ تَعني جَوهَرَ كَيانِكَ، إِنطِلاقًا مِن هُنا عَلَيكَ أَن تَعيشَ وفقَ جَوهَرِكَ، فَتَكونَ لِلآخَرينَ مَعي مَسيحًا يُعلِنُ الخَلاصَ بِأَفعالِ الرَّحمَةِ وَالمـَحَبَّة، وَهَكذا تَدخُلُ في سِرِّ الفِداءِ وَتَغدو مَعي حَيًّا كَما أَنا الحَيُّ إِلى الأَبَد.
لا يَستَطيعُ الإِنسانُ أَن يَأخُذَ مَقصَدًا وَيَبقى عَلَيهِ، لِأَنَّ ما فيهِ مِنَ الضَّعفِ يَجعَلُهُ يَنسى ما كانَ قَد أَقدَمَ عَلَيهِ، لِذَلِكَ وَحدَهُ الحُبُّ الَّذي يُوَحِّدُ قَلبَ الإِنسانِ فَيُمَكِّنَهُ مِن ذَلِكَ، حينَئِذٍ تَتَشَدَّدُ الإِرادَةُ عَلى قَدرِ قُوَّةِ الرَّغبَةِ في القَلب. إِنطِلاقًا مِن هُنا لِكَي تَستَطيعَ التَّمَطِّي إِلى الأَمام، لا بُدَّ لَكَ أَوَّلًا مِنَ المـُكوثِ إِختِلاءً وَأَنتَ تَتَأَمَّلُ في حَقيقَتي كَمَسيحٍ وَرَبٍّ وَابنٍ لله. التَّأَمُّلُ الصَّحيح يُنَقِّي الفِكرَ وَيُحَرِّرُهُ، التَّأَمُّلُ يُغَذّي رَغبَةَ القَلبِ فَتَتَشَدَّدَ وَتَتَقَوَّى حَتَّى إِذا ما أَقدَمَ الإِنسانُ عَلى اتِّباعِ المـَسيح، تَأَتَّى ذَلِكَ مِن قُوَّةِ الإِيمانِ وَإِصرارِ الإِرادَةِ وَقَناعَةِ الفِكر وَثَمَرَةِ المـَحَبَّة الَّتي تُعَمِّقُ العَلاقَةَ بَينَ المـَسيحِ وَالإِنسانِ، إِلى أَن تُحَقَّقَ المـُطابَقَة وَالوَحدَة بَينَهُما.
رَبِّي يَسوع، أَنا الَّذي أُعلِنُ اليومَ إِيماني فيكَ جَهرًا، وَأَنظُرُ إِلى أَعمالي فَأَجِدُ ذاتي بَعيدًا عَنكَ يَا مَن أَنتَ المـُعلِّمُ الحَقُّ وَالمِثالُ الكامِل، أَلا خُذني مِن ضِعفي وَمُدَّني بِالنِّعمَةِ فَأَشهَدَ لِمَحَبَّتِكَ بِأَعمالي، فَتُعرَفَ أَنَّكَ أَنتَ رَبِّي وَمُخَلِّصي وَإِلَهي. مُدَّني بِنِعمَةِ التَّأَمُّلِ النَّقِيِّ الصَّافي، كَيما أَراكَ أَمامي في كُلِّ حينٍ فَأُقدِمَ عَلى اتِّباعِكَ، آمين.
تابعوا قناتنا على يوتيوب
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة تأمّل إنجيل “أحد تقديس البيعة وتجديدها”. ندعوك لمشاركة هذا التأمّل مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت، وأن تتّحد معه في سرّ كلمته، كلمة الحياة، لكي تنطبع كلمات الانجيل في قلبك وحياتك.