من حقي “إدمع وإبتسم”
“…أتمنّى أن تبقى حياتي دمعة وابتسامة؛ دمعة تطهّر قلبي وتُفْهِمني أسرار الحياة وغوامضها، وابتسامة تكون عنوان فرحي بوجودي”
(جبران خليل جبران)
المشاعر هي الرّوح والإحساس والعواطف التي تتواجد في كيان الإنسان وهو بعد في بطن أمّه. المشاعر الصادقة عبارة عن إحساس صادق رقيق جدًّا يجب المحافظة عليه وتجسيدها بعيدًا عن الفتور والتجمّد، فمن غير المشاعر والإحساس لا يوجد حياة.
الفرح والحزن صفتان إنسانيتان مرتبطتان بالظروف والوقت. يدخلان في الحياة ضمن التّلون والتّعدد والتّشكّل الذي اقتضاه الإبداع الإلهي في هذه الحياة، فإذا فَرِحْتَ لا تبطر ولا تتكل ولا تتصور أن الدّنيا كلّها حلوة، وإذا حَزِنْتَ فلا تشعر بالإحباط وتتصوّر أن الدّنيا قد أدبرت عنك؛ فافرح كما تريد وتقبل الحزن كيفما كان. إذن فالفرح والحزن هما إبداع إلهي لحفظ توازن الإنسان طول حياته ولتجدّد هذه الحياة وتطوّر الفكر الإنساني، فلا الليل دائم ولا النّهار دائم أيضًا. فكل فرح تَسْعَد به ، وكل حزن تتألم منه ما هو إلّا صورة من الصّور الكثيرة في الإبداع في خلق الإنسان ولولا وجود الفرح والحزن معًا لتجمّد عقل الإنسان عن التفكير وتوقَف عن البناء والتطوّر.
لذا من حقي أن أدمع وأبتسم، معبّرًا بصدق عن مشاعري وأحاسيسي، عن تأثير هذا الحدث أو ذاك القول أو هذا الآخر. فمَن حدّد أن الدموع ضعف أو الإبتسام سخافة؟! إنّهما أنا، إنّهما تعبير عمّا يجول في داخلي، إنّهما طريقتان أجسّد بهما بكل صراحة عمّا به أفكّر وربما يجسّدان دواخلي بعمق ومصداقية تفوق أحيانًا قدرة الكلمة لا بل قدرة الكلمات. فكم من دمعة قالت ما لم تنجح الأحاديث بإيصاله وكم من ابتسامة عبّرت عن اطمئنان ورضى أكثر من المديح وأجمل العبارات.
نعم من حقي أن أدمع وأبتسم، لأنّه بكل بساطة من حقي أن أكون أنا، وأن أعيش أنا بلا خجل وبلا تخوّف من نظرة الآخر وحكم المجتمع، فأنا كيان فريد قد يفرِّحْني ما لا يفرِّح الآخر ويُحزنني ما لا يُحزنه، فمشاعري أحترمها وأعيشها بشفافية وأحترم مشاعر الآخر.