تابعونا على صفحاتنا

من حقي إصمت
مقالات

من حقي “إصمت”

من حقي “إصمت” – Allah Mahabba

يا بُني إذا افتخر النّاس بحسن كلامهم

فافتخر أنت بحسن صمتك

(لقمان)

في زمن بات فيه الكلام رخيصًا، من حقي أن أصمت. فالصّمت في عالم الألفاظ التافهة والعبارات المنمّقة بات فنّ يصعب إتقانه ويتطلّب درجة عالية من الحكمة والنّضوج. فمَن أتقن في عصرنا اليوم، عصر السّرعة والسّطحيّة، فنّ الصّمت أصبح مُبدعًا في كلامه، إذ يمنحه الصّمت طاقة قويّة للتّفكير بعمق في ما يدور حوله والتركيز بعقلانيّة على إجاباته ومداخلاته، وهكذا ينجو من السّذاجة التي تُرهِق مجتمعنا اليوم وتُتعِب آذان قاطني أرضنا.

نعم من حقي إصمت، حتّى ولو نَعَت أبناء عصرنا الصّمت بالضعف. ولكن حين يتذوّقون عذوبة كلامك النّاتج عن إبداع صمتك عَلِموا وأيقنوا أن الصّمت لغة تَحْمِل معانٍ يصعب على أكبر الفلاسفة وأفصح الفصحاء النّطق بها. فقد يحتاج المرء إلى سنتين تقريبًا ليتعلم الكلام، ولكنّه يحتاج إلى سنين ليتعلّم لغة الصّمت! فالصـمت في المواقف الصّعبة يّوَلِّد الإحترام بعكس الصّراع والجدل الذي يُولِّد التنافر والحقد، وقد باتت أيّامنا حلباتِ أخذ ورد، ضجيج كلمات لا معنى لها ولا هدف.

من حقي أن أصمت، فصمتي لا يعني جهلي بما يدور حولي، ولكن أحيانًا ما يدور حولي لا يستحق الكلام. فالعاقل مَن يعرف متى يتكلم ومتى يصمت. إذ هناك كلام لا يقول شيئًا وهناك صمت يقول كل شيء. وما أروع الإنسان الذي لا يتكلّم كثيرًا، لكنّه إذا تكلّم أسكت الكثير؛ أحيانًا الصّمت إجابة رائعة لا يتقنها الآخرين.

الأخت زينة الخوند

الأخت زينة الخوند

من راهبات مرسلات سيّدة المعونة الدائمة