من حقي “قول لأ”
“ليكن كلامكم نعم نعم ولا لا“
(متى ٥/٣٧)
تُعدُّ حريّة التّعبير عن الرأي أحد أهم الحقوق الإنسانية التي تكفلها الدساتير. وتتضمن أغلب دساتير دول العالم الدّيمقراطيّة وحتّى غير الدّيمقراطيّة نصوصًا تؤكِّد على احترام هذا الحق وعدم المساس به. وبذلك يُعتبر هذا الحق واجب مقدَّس ومقدِّس لا يمكن مصادرته أو التّضييق عليه، ومَن يعمل على خلاف ذلك فإنّه يؤسّس إلى الإستبداد والدكتاتورية، غير أنّه لا يجب لأحد أن يتعسّف في استخدام هذا الحق، كأن يتطاول أو يحقر الآخرين بحجة ممارسة حقه في حرية التعبير.
من حقي قول لأ، ويُعتَبر تجسيد هذا الحق من أكتر الإيجابيات في شخصيّة الإنسان. قول لا بدون خوف وبلا مساومة. قول لا حيث يتعارض المطلوب مع الأخلاق والمبادئ ولو على حساب تصفيق الآخرين ومدحهم. من حقي أن أقول لا أمام كل ما أو مَن يُهدّد كياني وشخصي وكرامتي، فاحترامي فرض أفرضه على الآخرين وليس هبة أشحذها من أحد. إنّها عطيّة الخالق منذ نفخ في من روحه فأُعطيت كرامة من كرامته. لذا حذار أن تساوم على قيمتك بل قِف متيقظًا مدركًا حقوقك وحقوق الآخرين عليك، فلا تفرض ذاتك على أحد ولا تسمح لأحد أن يدوس حديقتك الحميمة، بل اهتف لا أمام التّعدي، ولا تنحني للإنحيازات الشّائعة بل اختار بدلا عن ذلك التّعبير عن آرائك معتقداتك وقناعاتك بشجاعة وشرف. إستعمل حقّقك بقول لا في مكانها المحدّد وفي وجه ما ومَن يستحقها دواءً لداء التعدّي على كرامتك.