تابعونا على صفحاتنا

مقاومة الخطيئة
مقالات

مقاومة الخطيئة، هل تكون بالإرادة؟

تظهر الخطيئة في الكتاب المقدّس على أنّها غباوة: “يا غَبِيّ، في هذِهِ اللَّيلَةِ تُستَرَدُّ نَفسُكَ مِنكَ” (لوقا 12: 20)، إنّها تجارة خاسرة عكس التجارة المُربِحة التي هي اكتشاف ملكوت الله.

مقاومة الخطيئة ليست مقاومة إرادة، إذ أنّنا نخلط أحياناً كثيرة بين الصراع الروحي والصراع الأخلاقي. صحيحٌ أنّه علينا أن نسعى لتنطبع فينا أخلاق وأفكار المسيح، فنبلغ “ملئ قامة المسيح” (أفسس 4: 13)، هو الذي شابه إنسانيّتنا في كلّ شيء ما عدا الخطيئة. ولكن هنالك فرقٌ بين تحقيق مِثالٌ أخلاقيّ، واستجابة لدعوة إلهيّة. إنّ الخطيئة هي دائماً ضدّ الله، كما يقول المزمور 51: “إليكَ وحدكَ خطِئتُ” (مز 51: 6). الخطيئة، بلغة الكتاب المقدّس، هي قساوة قلب؛ والشفاء منها يأتي بحياة الصلاة.

هذا ما يُفسّر عدم قدرتنا على الانتصار أحياناً على خطيئةٍ ما بقوّة الارادة. لأنّ مقاومة الخطيئة تكون “بالحكمة”. فإنّ مقاومة الغضب مثلاً، لا يكون بإقناع ذاتي أنّ لا شيء يدعو إلى الغضب، بل بطلب الحكمة للتصرّف بشكلٍ صحيح.

وهنالك مثلٌ في الكتاب المقدّس يساعدنا على فهم ما نقول، وهو مثل “الشاب الغني” في إنجيل مرقس (10: 17-27). إنّ هذا الشاب كان حافظاً للوصايا، مليئاً بالفضائل، كان غنيًّا لا فقط من المال، بل من المميّزات الأخلاقيّة؛ فلمَ لم يستطع أن يتبع يسوع؟ لِمَ ذهب حزيناً في النهاية؟ ببساطة، لأنّ قلبه كان قاسياً على صوت المسيح، فلم يملك الحكمة الكافية للتخلّي عن كلّ شيء من أجل أن يتبعه.

فأين دور الإرادة؟ إنّ الإرادة مهمّة في مواجهة الرذائل، والرذيلة نكتسبها نتيجة انغماسنا المتكرّر في الخطيئة نفسها، لدرجة أنّنا لا نعُد نرى بشكلٍ صحيح أخطاءنا وخطايانا.

من هنا، يجب أن نعرف أنّ الشعور بالذنب أو بالمرارة يأتي نتيجة عدم تحقيقي لمِثالٍ مُعيّن، وهو يختلف تماماً عن الشعور بالتوبة. إذ إنّ التوبة يرافقها شعورٌ عذب، لا شعور بالمرارة. والشعور العذب يأتي بأنّني أقِف من جِهّة المخلِّص، وأنّني أحتمل الخطيئة كما يحتملها هو من أجلي. أحتمِل جراحاتي وأحملها بقوّة من حمل صليب خطايا العالم كلّه من أجلي. هذا هو منطق الانجيل الذي جاء المسيح ليكشفه لنا، والذي يعيشه من اختبر حقًّا التوبة عن الخطيئة ورحمة الله.

إنّ خلاصنا لا يتمّ بقوّة الإرادة، بل بالنعمة التي نحصل عليها من قوّة من مات من أجل خطايانا على الصليب. لنطلب من الروح القدس، روح الحكمة، أن يكشف لنا خطيئتنا التي تجعل من قلوبنا قاسية تجاه صوت المسيح، ولندَع الله يحوّل قلوبنا، كما قال: “وأُعطيكم قلبًا جديدًا وأجعَلُ في أحشائِكم روحًا جديدًا وأنزِعُ من لَحمِكم قَلبَ الحَجَر، وأُعطيكم قلبًا من لَحم” (حزقيال 36: 26).

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “مقاومة الخطيئة، هل تكون بالإرادة؟”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وأن تقاوم الخطيئة في حياتك بقوّة النعمة من يسوع المصلوب والحكمة من الروح القدس.

Avatar photo

الأب جورج بريدي

مرسل لبناني ماروني
دراسات عليا في اللاهوت الروحي في الجامعة الحبرية الغريغورية - روما، إيطاليا