أنت منهمك بأمور كثيرة والمطلوب واحد – موقع Allah Mahabba
سيارة وسرعة، سهرات وضوضاء، مأكولات ومشروبات، هواتف ذكيّة ورسائل قصيرة، فاسبوك، انستاغرام، إنترنت، صور، مشاهد، علمنة، إنفتاح، حب، جنس، شهوة،… ولائحة تطول ويضيق بي الوقت والمساحة لأعدّد…
نعم، لقد بات التطوّر يخترق واقعنا من حيث ندري أو لا ندري، ولكن يبقى هو الواقع… ومَن قال إن التطوّر نقطة سوداء في تاريخ البشريّة… كانت الرسالة مهما كانت طارئة ومهمّة تُبعث ولا يعرف مرسلها إن وصلت أو متى تصل، واليوم بنقرة بسيطة تُرسل الرسائل وتتأكد أنّها وصلت في اللحظة ذاتها مهما بَعُدَت المسافات… أهذه نقطة سوداء؟
كان الإنسان يحلم بالتّعرف إلى هذه الدولة أو تلك، وقد يطول الحلم وتمضي الأيّام ولا يرى سوى بلده أو حتّى شارع بيته، فوسائل النقل بطيئة ونادرة والحلم كبير في أيّام الضيق، واليوم وبثوانٍ تتعرّف على بلد بكامله لا بل على بلدان العالم،… أهذه أيضًا نقطة سوداء؟
منذ زمن إنحصرت حدود الحياة العلائقيّة بالعائلة وإن امتدّت فإلى جار أو جارين… واليوم باتت العلاقات مفتوحة صوتًا وصورة، ليس فقط من شارع إلى شارع، بل من أقصى الأرض إلى أقاصيها… أهذه نقطة سوداء؟
مَن يجرؤ أن ينعت أيّامنا بأيّام الفجور؟ مَن يجرؤ أن يُعَنْوِن حاضرنا بالمهزلة؟ مَن يجرؤ أن يَصِف جيلنا بجيل فاسقٍ معوج؟ مَن يجرؤ أن يَحْكُم على الغد بالفشل؟ مَن يجرؤ على مقارنة الماضي بالحاضر وتوقّع مستقبل مخيف مبني على شباب اليوم؟
أخي القارئ، “قِف لحظة” وعُد إلى نفسك من فضلك، وأَعِد شريط الأيّام أين أنتَ من كل ما قرأت؟ أين أنت من كل ما ردّدته على مسامعك وكلّي ثقة أنّك قد سمعته من ذويك ومجتمعك بدل المرّة ألف… قِفْ ولا تترك لكلام النّاس أن يؤثّر على قناعاتك، فالمشكلة ليست في كلامهم. ولكن إحذر أن تكون المشكلة قد تربّصت بقناعاتك، أو أن تكون قد بدأت بالتسلّل خلسة إليها. لذا دعني أفكّر معك، أخي، ليس الخطأ ولا الخوف ممّا وصل إلينا من تقدّم ووصلنا إليه من تطوّر على كل الأصعدة: العلائقيّة، المعرفيّة، العاطفيّة،… ولكن المشكلة هي في سلّم أولوياتنا، أو بكلمة أبسط المشكلة باتت في المهم والأهم في حياتنا، فحين يضيع الهدف يتربّع المهم على عرش الأهم وهنا الكارثة: فبدل أن تصبح مثلا وسيلة النقل طريقة تُسَهِّل العيش، تُصبح باستعمالها اللامسؤول هدفًا لإبراز القِوى الذاتيّة والبراعة في القيادة. وكم فقدنا من زينة شبابنا حين بدّلوا المهم بالأهم!
كم من مرّة بات الآخر على وسائل التواصل الإجتماعي وسيلة للّهو وحبّ الذات ناسين أو متناسين، أنّ احترام الآخر واجب لا قرار، فأبدًا لا يُستعمل الإنسان وتُعْشَق الأشياء… وهنا غلب مجددًا المهمّ على الأهمّ!
أخي، طلبي منك اليوم، أن تعود إلى ذاتك متسلّحًا بالشفافيّة والصدق معها، إبحث عن أولوياتك، إرجِع وحدّد المهمّ والأهمّ، فنِعماً لك إن كنت في الطريق الصحيح، وإن لم تكن فنِعماً لك أيضًا لأنّك كنت صادقًا مع نفسك ونِعماً لك لأنّك صاحب النيّة في إصلاح ذاتك… لا تنسى أبدًا أن تكون مريم ومرتا في آن، مرتا المنهمكة في أمور الدّنيا، فهذه علامة صحّة، ما دامت مريم تنبض فيك وتبعث الرّوح والجوهر في مرتا.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “أنت منهمك بأمور كثيرة والمطلوب واحد ”. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وأن تختار دائماً المسيح فوق كلّ شيء، وتتذكّر أنّ المطلوب واحد.