موقع Allah Mahabba
كُلّ من يُتابع المشهد اللّبنانيّ، ويستمع إلى أحاديث وحوارات وجدالات اللُّبنانيَّين حول الوضع القائم، يستخلص عن طريق تراشُق التّهم المتبادلة أنّ المسؤوليّة تقع على الجميع وأنّ الشّعب اللُّبنانيّ برمّتِهِ هو الضّحيّة…
مِنَ الطّبيعي والمنطقيّ أنّ المسؤوليّة الأكبر وإن تفاوتت بين منصب وآخر وموقع وشخصٍ وآخر، تقع على من هُم في موقع السّلطة حاليًّا بشتّى إنتماءاتهم واصطفافاتهم واستراتجياتهم الدفاعيّة، وذلكَ لسببين: لأنّهم اختيروا إنطلاقًا من شعاراتهم البرّاقة لهذه المسؤوليّة، ولأنّهم بملء إرادتهم وحرّيتهم قبلوا وحلفوا وقسموا ووعدوا أن يعملوا لخير الوطن وشعبه. فالسّؤال الّذي نُريد الوقوف عندهُ، ليس ماذا فعلتُم؟ فبالنّسبة للشعب اللّبنانيّ واضحةٌ أفعالكم وبيّنةٌ ثماركُم، فكُلّ من يلتقطها يعرف الزّلّ والقهرَ والحرمان والموت…، وإن شئنا ألّا نُلقي بالتّهمة عليكم نسألكم ماذا تفعلون الآنَ واليومَ وحالًا لإنقاذ الشّعب اللّبنانيّ، هل بالمزيد والمزيد من رشق التّهم تجاه بعضكم بسبب فسادِكُم الظّاهِر، أم بإستطاعتكم القيامَ بعملٍ دؤوب وجدّي وحقيقيّ يهدف إلى الإنقاذ وإلى الخروج من الأزمة؟
في الوقت الّذي انتظرنا وننتظر تشكيلَ حكومة جديدة، ماذا فعل البرلمان من رئيسه إلى كلّ أعضائه؟؛ تحصينُ المجلس النّيابي بالسواتر الإسمنتيّة والحديديّة والرادع البشريّ: القوى الأمنيّة. ودراسة البطاقة التموينيّة بعدما أفلست خزينة الدّولة وفرغت كُلّها. وأيضًا على مستوى مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة، ماذا فعلت بشخص رئيسها ومستشاريه، لم نسمع بمروحةِ إتّصالاتٍ مُكثّفة مع الدّول الشّقيقة ولا مع دول القرار ولم نرَ أقلّهُ مبادرة إلى مؤتمر لحلّ الأزمة اللّبنانيّة أو التّخفيف منها… أمّا على صعيد الحكومة هروب وتقاعص تحت عباءة الإستقالة الَّتي ما كانت سوى الحجّة الواهية للمزيد من الفساد المتعمّد والسّرقة المُنظمّة، وكأنّ الهدف المرسوم مُسبقًا هو البلوغ إلى إفلاس كامل وإسقاط كلّ المؤسّسات بما فيها العسكريّة والأمنيّة منها والإبقاء فقط على عروش الزّعماء، وهذا ما معناه الوصول إلى قعر جهنّم حيثُ عرش الشيطان.
لقد سمعنا بالمبادرة الفرنسيّة، وسمعنا أيضًا بالمبادرة الفاتيكانيّة وسمعنا أيضًا بمبادرة قائد الجيش ومبادرات خارجيّة لدعم الجيش اللّبنانيّ، لكنّنا لم نرَ مِن المؤتمنين على خير الدولة والوطن والشّعب سوى بضع اجتماعات وكأنّها دوريّة، روتينيّة لمجلس الدّفاع الأعلى وذلك بهدف تنظيم أزمة الفيول وسواها وليس للعمل على حلّها…
من هُنا نعود إلى قصّة الملك سليمان في الكتاب المقدّس وأمّ الصبيّ. فما يظهر أنّ الشّعب اللّبنانيّ ليس بمثابة الإبن الحبيب والوحيد لدى حُكّامه وهؤلاء ليسوا بالأمّ بل السّارقة. الشعب اللّبنانيّ ما هو لديهم سوى قطيعٍ يُقادُ ألف مرَّةٍ ومرّة للذّبح كُلّ يومٍ ولم يفتح فاه…
الشّعب اللّبنانيّ لا يريد سلطة تُبرّر مواقفها وتتفلّت من مسؤوليتها بذرائع متنوّعة وغير مقنعة، فالموضوعُ هُنا ليس خيارَ معارضةٍ لمولاةٍ إنّما هو يطلب الحقّ والعدل والكرامة، يريد أفعالًا تتحقَّق لا شعاراتٍ طنّانة. فعلى من هُم في السّلطة اليوم أن يعملوا أقلّهُ اليوم لهذا اليوم دون الرّجوع للماضي ومن دون الوعود الكاذبة للغد.
كلّ الشّعب اللّبنانيّ غدا ضحيّة حُكّامه، ولكن أن يقبل الشّعب الموت وتلاشي الدّولة والوطن بسبب أن يُبقي ذاته بتبعيّةٍ لحُكّامٍ أثبتوا بأعمالهم تُجاهَهُ أنَّهُم ليسوا بأمّ الصبيّ، هيَ اللّعنةُ في حدّ ذاتِها، وهذه هي الخطيئة الأكبر.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ
شكراً لزيارة موقعنا وقراءة مقالة “من المسؤول ومن الضحيّة؟!” . ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وأن تعمل على نشر السلام والمحبّة المسيحيّة في وطنك.