تابعونا على صفحاتنا

مقالات

مقابلة حصريّة مع نيافة الكاردينال أنجيلو كوماستري

مقابلة حصريّة مع نيافة الكاردينال أنجيلو كوماستري

في هذا الفيديو المقابلة مع ترجمتها إلى اللغة الإنجليزيّة

نصّ المقابلة كاملةً

نحن في بازيليك القديس بطرس في الفاتيكان، ويشرفنا ويفرحنا أن نتحدث مع نيافة الكاردينال أنجيلو كوماستري حول هذه السنة المخصّصة للقديس يوسف وصلاة الورديّة المقدّسة. سنطلب أيضاً من نيافته أن يخبرنا عن صداقته مع القدّيسة الأم تريزا من كالكوتا التي عرفها لسنوات عديدة.
نيافة الكاردينال أنجيلو كوماستري كان النائب الباباويّ لمدينة الفاتيكان لسنواتٍ عدّة. صدر له أكثر من 115 كتاباً. هو يواصل اليوم خدمته الثمينة للكنيسة بطرق شتّة بما في ذلك صلاة الورديّة المقدّسة للشهر المريمي في هذه البازيليك عند مذبح القدّيس يوسف.
شكرا لنيافتكم على هذه المقابلة.

شكرًا لكم.

  • نيافة الكاردينال، لقد شاركنا، نحن المؤمنون، في تلاوة صلاة الورديّة المقدّسة الجميلة جدّاً التي أردتموها في هذه البازيليك في زمن الوباء والتي شارك فيها مئات الآلاف من الناس من جميع أنحاء العالم والتي تصلّونها يوميّاً أيضا خلال هذا الشهر المريمي عند مذبح القديس يوسف. برأيكم، لماذا من المهمّ أن نتلو الورديّة المقدّسة في وقت الوباء هذا وفي هذا الشهر المريمي؟

الورديّة مهمّة دائماً وهي صلاة بسيطة، متوفّرة للجميع. ثمّ، إنّها ليست صلاة متكرّرة، كما يذكر البعض في بعض الأحيان. نعم، تتكرّر بها صلاة السّلام عليكِ يا مريم، ولكن التكرار لا يعني: أن أقول دائماً الأمر عينه. لأنّنا بينما نتلو الورديّة، بل بينما نصلّي الورديّة، نسير بمسيرة حياة يسوع، ومريم ترشدنا فيها. نبدأ بالبشارة، هذا الحدث الرائع، لنصل إلى مريم التي تذهب لملاقاة أليصابات. وبينما هي ذاهبة لملاقاة أليصابات ينبع “نشيد مريم” من قلبها. لنصل إلى بيت لحم فنزور سرّ بيت لحم من جديد الذي يقول عنه البابا يوحنا: “إنّه درسٌ لم نتعلّمه بعد” وهكذا دواليك حتّى الجلجلة، حتّى القيامة. الورديّة إذاً ليست روتينيّة، هي تأمّل في الانجيل. بالحريّ، تأمّل في حياة يسوع، ولكن برفقة مرشدةٍ رائعة، برفقة مريم. وأعتقد أنّه “لو في العائلات”، وأستوحي الآن من الأمّ تريزا: “لو تعود صلاة الورديّة في العائلات، لنالت العائلات الخلاص”. كانت الأمّ تريزا تتذكّر دائماً عائلتها عندما كانوا يصلّون الورديّة معاً.
والبابا يوحنا الثالث والعشرون، البابا الأوّل الذي بدأ الصلاة عبر شبّاك شقّته، في التاسع من تشرين الثاني 1958. كان ذلك الأحد الأوّل الذي شعر به أنّ عليه صلاة التبشير الملائكي مع الجمع. فقال: “تعلّمت هذه الصلاة من صوت أمّي. كان النهار يبدأ في منزلي، بالتبشير الملائكي الذي ترنّمه أمّي، وينتهي بالورديّة التي يرنّمها والدي. في الشتاء أمام الموقدة. وفي الصيف في دار المزرعة بعد العمل في الحقول. كم كانت عائلتي جميلة! كم كان بيتي جميلٌ، كنّا فقراء، كنّا نتناول طبق دقيق الذرة بشكلٍ يوميّ تقريباً. لكنّ بيتي كان مملوءًا من الله”. لو قال اليوم ذلك العديد من الأبناء، لكنّا في عالم مختلف.

  • كيف ساعدكم، نيافتكم، في هذا الوقت الصعب، أن تُصلّوا الورديّة بالتحديد هنا في بازيليك القدّيس بطرس هذه بين ذخائر وأضرحة القدّيسين العظماء المدفونين في هذه البازيليك: القدّيس بطرس، يوحنا بولس الثاني الذي عرفتموه والذي كنّ إكراماً عظيماً للعذراء مريم، وقدّيسون آخرون كيوحنّا الذهبي الفم، بولس السادس، يوحنا الثالث والعشرون؟ كيف ساعدتكم صلاة الورديّة هذه في هذا الوقت من الوباء.

إنّ الورديّة صلاة رائعة، أذكر يوحنا بولس الثاني، الذي كان بابا، بشكلٍ ما كما كلّ الباباوات، إنّما هو كان بشكل خاص يكرّم العذراء وقد أظهر ذلك في شعاره الحبريّ أيضاً.
كان شعاره الحبريّ كلّه مريميّ، ففيه حرف الميم الذي يدلّ بوضوح على العذراء مريم. وأعتقد أنّه من الجميل أن أذكر بشكل خاصّ أنّه ولد في 18 أيّار 1920. وقد أخبرني البابا شخصيّاً هذا الخبر، فهو عندما ولد كان شهر أيّار، وبينما كانت والدته تلده في البيت، سمعت الترانيم من الكنيسة الرعائيّة القريبة جدًّا من بيتهم. فقالت والدته: “افتحوا النافذة، أريد أن تكون هذه الترنيمة للعذراء أوّل ما يسمعه ابني”. هكذا ولد يوحنا بولس. كانت والدته تملك اكراماً كبيراً للعذراء، وقد نقلت هذا الإكرام إليه. هو عاش مع والدته لسنوات قليلة جدّاً. فهي توفّيت بعد سنوات قليلة، وهو كان صغيراً جدًّا في السنّ. لكن والدته كان لها هذا الإيمان.

  • نيافة الكاردينال، نحن في السنة التي خصّصها البابا فرنسيس إلى القدّيس يوسف. بحسب وجهة نظركم وتجربتكم، كيف يمكننا أن نعيش هذه السنة المخصّصة إلى القديس يوسف بشكل أفضل؟

أعتقد أن السنة المخصّصة للقديس يوسف فرصة رائعة لندرك أنّ لكلّ واحدٍ منّا رسالة ينجزها. نعتقد في بعض الأحيان أنّ لا معنى لذلك، لكن ذلك غير صحيح. إنّ القديس يوسف هو قديس في الظلّ، وعلى الرغم من ذلك له أهميّة أساسيّة في حياة يسوع، في حياة العائلة المقدسة. ويؤكّد البابا أدركنا خلال هذا الوباء أننا آمنون بسبب الكثير من الناس الذين عملوا بصمتٍ دون الظهور في الصحف أو في البرامج التلفزيونية. إنّني أفكر بالأطباء، الممرضين، الممرّضات ومقدمي الرعاية. يصرّ البابا على أنّه حتى للآباء، الأمّهات، الأجداد والجدّات مهمّة عظيمة. أنّني أضيف شخصيًّا على أنّه ينبغي لجائزة الأوسكار لمهنة الممثلين والممثلات أن تعطى أيضاً للأمّهات، للآباء، للأجداد والجدّات. يحقّ لهؤلاء الحصول على هذه الجائزة فهم ينفّذون مهمّة أساسية بصمت. وهذه السنة هي سنة مناسبة لأن القدّيس يوسف هو قديس الظلّ لكنّه عظيم جدّاً.

  • نيافة الكاردينال، يبدو اليوم أن العديد من البلدان تخرج رويداً رويداً من الوباء، لكن لا يزال العديد من الناس يعانون نتيجة للوباء: إما لأنّهم مصابون بالفيروس أو لأنهم فقدوا أحد أفراد أسرتهم الذي أصيب بالفيروس. كيف يمكن للقديس يوسف مساعدة هؤلاء الناس وتعزيتهم؟

عاش القديس يوسف تجربة دراماتيكيّة في بعض الأحيان. على سبيل المثال، أفكّر كيف نظّم الرحلة من الناصرة إلى بيت لحم مع مريم العذراء التي كانت على وشك ولادة الطفل. أعتقد أنّه تعب في تلك الرحلة وأتصوّر أيضاً الخطر والصراع الذي واجهه في الرحلة من بيت لحم إلى مصر. ليس بإمكان التاجر العثور على وظيفة بسهولة. لذلك أتخيّل كم عانى القدّيس يوسف. لكنّنا لا نرى أبداّ أيّ تذمّر من قبل يوسف. في الواقع، لا تنقل الأناجيل عنه أيّه كلمة على الإطلاق. إنه رجل الصمت.
علينا إذاً أن نتحلّى دائماً بثقة كبيرة في المِحَن. المِحَن ضرورية. لقد قرأت عبارة تبدو لي الآن مناسبة جدًّا: “لا يرنّ الجرس إلّا عند تعرّضه للضرب”. هذا ما يحدث للناس أيضا. في المِحَن، يظهر حقّاً ما نحن عليه، يظهر للخارج ما هو في داخلنا. تكشف لنا المِحَن في بعض الأحيان، إذا ما كنا متشبّثين بالصخرة التي هي لله أم متشبّثين بالتفاهة. علينا في تلك الحالة اذاً أن نرجع إلى الوراء. إذاً المحنة مفيدة فهي تجعلنا نعي بمن نحن متشبّثون.

  • نيافة الكاردينال، لقد ذكرتم الأمّ تريزا من كالكوتا، ونيافتكم عرفتم الأمّ تريزا، وكانت لديكم صداقة جميلة جدًّا مع الأمّ تريزا. كان للأمّ تريزا إكراماً كبيراً للعذراء مريم ولصلاة الورديّة كما ذكرتم للتوّ. هل بإمكانكم ربّما أن تخبرونا قليلاً عن الأمّ تريزا، عن حبّها للورديّة المقدّسة؟ ربّما أحد أحداث صداقتكم مع الأمّ تريزا.

إذا بدأت الكلام عن الأمّ تريزا، سأحتاج إلى وقت طويل. لقد حظيت بثلاثين عاماً من الصداقة مع الأمّ تريزا. لذا أحتاج إلى الكثير لأتكلّم به. ولكن أكتفي بسرد هذا. هذه هديّة من الأمّ تريزا. عندما خضعتُ لعمليّة جراحيّة في القلب. في العام 1990، خضعت لعمليّة جراحيّة خطيرة في القلب ولم أكن أعلم كيف سينتهي بي الأمر بعدها. اتّصلت بالأمّ، فقالت لي الأمّ: “إذهب مطمئنًّا، سترافقك العذراء” وأرسلت لي هذه الأيقونة العجائبيّة. وضعتها في هذا الخاتم وأحملها معي دوماً. قالت لي: “ستذهب معك العذراء وسترافقك”. دخلت مع هذه الأيقونة إلى غرفة العمليّات وكنت أحملها في يدي بشدّة. فقال لي الطبيب: “انتبه، فبسبب البنج سترتخي يدك، وسيسقط كلّ شيء على الأرض”. سمحت لنفسي أن أقول له: “قم بعملك، وأنا سأقوم بعملي. سأصلّي وأكون بسلام”. خضعت للعمليّة الجراحيّة وتمّ كلّ شيء على ما يرام. ثمّ اتّصلت بالأمّ فقالت لي: “أرأيت؟ لقد رافقتك العذراء، كن مطمئناً”. وكانت الأمّ تحمل المسبحة الورديّة دائماً في يدها.
انظر، عندما ذهبت الأم تريزا إلى الأمم المتّحدة. وهي كانت الراهبة الوحيدة في العالم، بحسب معرفتي، التي دُعيت للتكلّم في الأمم المتّحدة. ذهبت مع المسبحة الورديّة. فعرّف عنها أمين عام الأمم المتّحدة آنذاك، بيريز دي كويلار، بكلمات لم تعجب الأمّ كثيراً في حينها. قال: “أقدّم لكم المرأة الأقوى في العالم. هذه المرأة لديها قلب منفتح على جميع الشعوب. هي حقّاً الأمم المتّحدة”. أتعلم بما ردّت الأمّ؟ رفعت مسبحة الورديّة وقالت: “أنا فقط راهبة فقيرة تصلّي، وبالصلاة تفتح العذراء قلبي ويملأه يسوع حُبّاً”. عندها نظرت إلى حشد جمعيّة الأمم المتّحدة وقالت: “صلّوا أنتم أيضاً وسيضع يسوع في قلوبكم حبّه فتحملونه إلى من هم بحاجة، حتّى الذين هم معكم. ربّما تجدون في بيوتكم من هو بحاجة إلى طيبتكم. صلّوا، افتحوا أعينكم وستدركون هذا الشيء”.
هذه هي الأمّ تريزا. ولكن هذا واحد من العديد من الأحداث.

  • نيافة الكاردينال، إنّ القدّيس يوسف والعذراء مريم عاشوا أوقاتاً من الاضطهاد فاضطروا الهرب إلى مصر لحماية الطفل يسوع من الملك هيرودس ومن ثمّ عادوا من مصر. بالنسبة لكم، ماذا بإمكان المسيحيين الذي يعانون الاضطهاد، على سبيل المثال في الشرق الأوسط، أن يتعلّموا اليوم من القدّيس يوسف والعذراء مريم؟

لقد تعرّضت الكنيسة دائماً للاضطهاد. لكنّنا متأكّدون أنّ الذي يَضْطَهِد لا يتنصر أبداً.
إننا في روما. هنا سيطر نيرون في أحد العصور، ماذا بقي اليوم من نيرون؟ لا شيء بتاتاً. ماذا بقي من هيرودس؟ لا شيء بتاتاً. الذين يضطهدون ينتهون عاجلاً، الكلمة الأخيرة ليست عندهم.
انظر، قامت العذراء مريم في نشيدها بنبوءة رائعة، قالت: “شَتَّت المتكبّرين في قلوبهم، حطّ الأقوياء عن العروش ورفع المتواضعين”.
انظر، هذا النشيد قد أخاف نابوليون العظيم، الذي كان يُعتبر في العام 1806 سيّد العالم. فقد اضطرب عندما عرف أنّ في الخامس عشر من آب، الذي كان يوم عيد ميلاده، فهو ولد في 15 آب 1769، يُتلى هذا النشيد في كلّ الكنائس لأنّه عيد سيّدة الانتقال.
غضب جدّاً حتّى قرّر منع الاحتفال بعيد سيّدة الانتقال في فرنسا. “لأنّ في يوم عيد ميلادي، قال، لا أريد السّماع أنّ الله يحطّ الأقوياء عن العروش ويرفع المتواضعين”.
ولكن هذا ما حصل معه أيضاً بعد بضعة سنوات اذ فقد هو عرشه سنة 1815.
كلمات مريم تعبر التاريخ لتصل لجميع الذين يعانون، للذين يتعرّضون للإضطهاد. أريد أن أقول، ابقوا مطمئنين. إن كنتم مع يسوع، فأنتم مع المنتصرين.
أسمح لنفسي أن أذكّر بقول للقدّيس يوحنا بوسكو: “عندما نكون مع الله، فنحن الأكثريّة”.

أشكر نيافتكم باسمي وباسم
جميع مسؤولي
موقع Allah Mahabba
شكراً جزيلا

شكراً لكم، وأقول لكم بصدق وبعاطفةٍ كبيرةٍ تجاه لبنان، لقد شعرتُ دوماً أنّ لبنان، كيف أقول، هو الباب الذي يفتح لنا الطريق نحو أرض يسوع.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/channel/UCWTL4VXQh38PrPBZvVSZGDQ

شكراً لزيارة موقعنا وقراءة هذه المقابلة الحصريّة مع نيافة الكاردينال أنجيلو كوماستري التي نتكلّم فيها عن علاقة الكاردينال والأم تريزا– الكنيسة تواجه المافيا. ندعوك لمشاركتها مع أصدقائك ومتابعتنا على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك، انستغرام، يوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضىء بوجهه عليك ويرحمك وليمنحكم السّلام!