تابعونا على صفحاتنا

مقالات

لماذا لم يدافع المسيح عن ذاته عند محاكمته؟

شهود الزور

«فظَلَّ صامتاً لا يُجيبُ بشيء!» هذا ما يقوله إنجيل مرقس عن يسوع خلال محاكمته أمام عُظَماءُ الكَهَنَةِ والشُّيوخُ والكَتبةُ عندما نطق ضدّه شهود الزور. فلقد أتى «أُناسٌ كثيرونَ يَشهَدونَ علَيه زوراً فلا تَتَّفِقُ شهاداتُهم». وعندما اتّفقت شهادة بعض شهود الزور على أنّ المسيح قال: «إِنِّي سَأَنقُضُ هذا الهَيكَلَ الَّذي صنَعَته الأَيدي، وأَبْني في ثَلاثَةِ أَيَّامٍ هَيكلاً آخَرَ لم تَصنَعْه الأَيدي» سأل عظيم الكهنة يسوع: «أَما تُجيبُ بِشَيء؟». فظلّ يسوع صامتاً لا يجيب بشيء. لكن يسوع أجابه عندما سأله: «أَأَنتَ المسيحُ ابنُ المُبارَك؟» فقال له: «أنا هو…» (مرقس 14: 53- 62).

كانت الشريعة اليهوديّة تقول: «لا تشهد بالزور» وهذه إحدى الوصايا العشر. والسخرية هي أنّ الشهود بمخالفتهم للشريعة يعتقدون أنّهم يدافعون عنها! لكنّ الأخطر، أنّ الشريعة كانت تقتضي أن يُحْكَم على شاهد الزور بالحُكمِ التي كانت شهادته الكاذبة ستُسببها لمن شهد ضدّه. فلو شهادة الزور كانت ستؤدّي لسجن المُتَّهَم، يُطلق عندها سراح المُتَّهَم ويُسجَن شاهد الزور. ولو شهادة الزور كانت ستؤدّي لقتل المُتَّهَم، يُطلق عندها سراح المُتّهم ويُقتل شاهد الزور. لذلك لم يدافع يسوع عن ذاته أمام شهود الزور حتّى لا يَظهَر زورهم فيُقتلون هُم بل قَبِل الموت عنهم! وأجاب فقط عندما سئل إن كان هو المسيح.

يسوع المسيح هو الحقيقة المتجسّدة المولود من الآب قبل كلّ الدهور. ولو أراد أن يُظهر الحقيقة لأظهرها في كلماتٍ قليلةٍ وعندها كان ليُقتَل شهود الزور. لكنّ «اللهَ لَم يُرسِلِ ابنَه إِلى العالَم لِيَدينَ العالَم بل لِيُخَلَّصَ بِه العالَم» (يوحنّا 3: 17). فعندما ضُرِبَ يسوع على خدّه الأيمن أدار الأيسر. لم يُجب على شهادتهم، بل حمل خطاياهم وخطايا العالم أجمع وشَهِد من على صليبه أنّه مخلّص العالم. من هُنا يضع الطقس اللاتيني لحناً للإنجيل الذي يُتلى في الجمعة العظيمة، إن رُنِّمَ، تُلاحظ فيه أنّ النوطات الموسيقيّة للجُمل التي يقولها المسيح كلّها نوطات موسيقيّةٍ منخفضة أكثر من باقي نوطات اللحن. فكما يقول سفر أشعيا في النبوءة عن عبد الله المتألّم: «قد جَعَلتُ روحي علَيه هو يُبْدي الحَقَّ لِلأُمَم. لا يَصيحُ ولا يَرفَعُ صَوتَه لا يُسمِعُ صَوتَه في الشَّوارِع» (أشعيا 42: 1-2). لأنّ إبداء الحقّ لا يتمّ في الصياح بل في وداعة المحبّة. فهكذا يُجيب الحَمَل على الذئاب!

تسجّل على قناتنا على يوتيوب

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg