إنّ مخطَّط الفداء لم يأتِ بالوحي، فجأةً ولمرّةِ واحدة، في سرّ التجسُّد. فميلاد الكلمة-الله، الذي وَلَدَته الأمُّ البتولُ في العالمِ، لم يكن ليَلفِتَ الأنظارَ، ويُذهلَ العُقولَ، لو أنَّ اللهَ لم يُهيئ لهذا الحدث بفاعلّيةٍ كبيرة، شكّلت الإطار الأخلاقيَ العميق. فقد كان بإمكان الله أن يصِلَ إلى مبتغاه بطرقٍ فائقة التصوُّر، إنّما “بحكمتِه اللامتناهية اختار الطريقة الأسهلَ والأجمل، بدلَ أن يفرِضَ ذاتَهُ بقَّـوةِ قدرته. هذا ما يتطلّبُه مخطَّـطِه بشأنِ تجسُّد ابنهِ الوحيد… فحين كشفَ عن بتوليَّة مريم، أظهرَ مسبقًا، عظمةَ الرَّبِّ يسوع. فماذا ينبغي فعلُه للوصولِ إلى هذه الأهدافِ الثلاثة: حماية وجود يسوع، والسمعة الصافية لأمِّه، والدعم الكامل لكلٍّ منهما؟ علينا إيجاد حجابٍ يحمي زواجاً طاهراً مقدَّساً، ومِنْ ثَـمَّ اتحادُ زَوْجٍ بتولٍ بأمّ عذراء“.
في هذه الحال تبدو لنا رسالة القدّيس يوسُف، في موضوعِ التجسُّدِ، جوهريّةً لضرورة ولادةِ الربّ المسيح وعيشِه حياةً خَفيَّـةً على ما أرادتْه العناية الإلهيّة، دونما مساومةٍ في ما يخصُّ الشرفَ والكرامةُ الإنسانية. ففي ارتباطِهِ بالبتولِ، حافظَ أوّلاً على بتوليّةٍ مُخصِبةٍ لأمّ الله، وأصبح ثانياً حارساً لطفولة المُخلِّص، وحمى أخيراً سرّ التجسّد. تلك هي الأهدافُ الثلاثة لرسالة القدّيس يوسُف.