ننقل لكم سبع تأمّلات حول مار يوسف كتبها القدّيس ألفونس ماري دي ليغوري. هذا هو التأمّل الأوّل: السَّفَرِ إلى بيتَ لحم حيث وُلد يسوع
إن أردنا أن نعرفَ مدى قوَّة شفاعةِ القدّيس يوسُف لدى الرَّبّ المسيح، يجبُ أن نقرأ ما قالَه الإنجيلُ: “وكان خاضعًا لهما”. لم يكنْ ابنُ الله يبادرُ في عملِ شيء، ولفترةٍ طويلة من الزمن، سوى الطاعةِ التامَّةِ ليوسُفَ ومريم! وكان يكفي ليوسُفَ أنْ يتَلفّظ بكلمةٍ أو إشارةٍ حتى يطيعَهُ يسوع. إنَّ تواضُعَ يسوع في الطاعةِ هذه، يُبيِّن لنا مكانَةَ القدّيس يوسُف التي تَفوقُ عظمةَ كلِّ القدّيسين، فيما خلا الأمِّ البتول.
بالنسبةِ إلى الثقةِ في حمايَةِ القدّيسِ يوسُف لنا، فلنستمع إلى ما كانت تقولُه القدّيسةُ تيريزيا الأفيلانية: “يبدو أن الله لا يمنحنا النِعمَ بواسطة سائرِ القدّيسين في سوى مطلبٍ واحدٍ ضروري، أمّا في ما يتعلَّق بالقدّيس يوسُف، وبعد الاختبارِ العميق، فإنّه قادرٌ على إعانتنا في كلِّ الاحتياجات. فماذا يقولُ لنا الرَّبُّ من جرّاء ذلك غير أنّهُ طائعٌ ليوسُف في السماءِ كما كان على الأرض، وهو يحقِّقُ له كلَّ طِلباتِه. هذا ما اختبرَه كلّ شخصٍ اُسدِيَتْ إليه نصيحة اللجوء إلى معونَةِ هذا القدّيس العظيم. لم أرَ إنسانًا في حياتي يُكْرِمُ القدّيس يوسُف بشكلٍ خاصٍّ من دون أن يترقى أكثرَ فأكثرَ في الفضيلةِ. فمن أجلِ محبَّة الله، أسألُ كلَّ مَن لا يصدِّقني، أن يتضرّعَ إليه. ولا أفهم أيضًا كيف يلتجىءُ بعضُ الناسِ إلى مَلكةِ الملائكة، وهم مُدرِكونَ مدى التضحياتِ التي قدّمتْها أثناء طفولة يسوع، من دون أن يشكروا القدّيس يوسُف على الخدمةِ التي قدّمَها هو أيضًا للأم البتول ولابنها”.
علينا بالإخلاصِ الكاملِ للقدّيسِ يوسُف كي يَشفعَ بنا لننالَ الميتةَ الصالحة. فلأنّه أنقذَ الطفلَ يسوع من براثنِ هيرودس وكمائنِه، نالَ هو أيضًا نعمةَ تحريرِ المائتينَ من براثنِ الشيطانِ وكمائنِه. وبما أنَّه عاشَ سنوات حياتِه في خدمةِ يسوع ومريم وعملَ من جنى يدَيه ليمنحهُما الملجأ والمأكلَ، نالَ، بمعونَةِ يسوع ومريم، الميتةَ الصالحةَ، لكلِّ مَن يُكْرِمُهُ.
يا حاميَ حياتي، أيها القدّيس يوسُف، إنَّ خطاياي أوصلتني إلى أشنعِ ميتةٍ، لكن إن دافعتَ أنتَ عنّي فلن أضيع. لأنّك لم تكنْ أقربَ صديقٍ لمَن سيَحكمُ عليّ فَحَسْبُ، بل كنتَ حارسَه أيضًا، ومربِّيه الزمني، فصَلِّ من أجلي إلى الابنِ يسوع الذي يُحبّك حبًّا عظيمًا. إنّي أضعُ نفسي تحت حمايتِك، لذا اجعلني أن أكونَ لك خادمًا طَوالَ حياتي. وباسمِ العائلةِ المقدّسة، التي تنعّمتَ بفضائلِها وجمالِها أثناء حياتِك، استمدَّ ليَ الميتةَ الصالحةَ بمعونةِ يسوع ومريم.
أيتها العذراءُ الفائقةُ القداسة، باسمِ الحُبِّ الذي منحتِهِ للقدّيس البتولِ يوسُف، لا تتوانَيْ في معونتي عند ساعةِ موتي.
مقدّمة
على مثالِ يسوع، الذي أظهر الاحترامَ والطاعة الكبيرين للقدّيس يوسُف، على الأرضِ، علينا نحن أيضًا أن نكونَ أوفياء متحمِّسين لإكرام هذا القدّيس العظيم. ففي اللحظةِ التي كلّفَ فيها الآبُ السماويّ القدّيسَ يوسُف ليكون صَفيَّهُ على الأرض، إتّخذه يسوعُ له أبًا، وأبدى الاحترامَ والطاعَةَ اللائقَين به لما يقاربُ مدّة الثلاثين سنة. “وكان خاضعًا لهما”، ما يَعني أنّ طَوالَ هذا الوقت، كانت مَهمّة مخلّصِنا إطاعَة يوسُف ومريم. ففي كلّ هذه الآونة كان يوسُف هو الآمر والناهي، بصفته رئيسَ هذه العائلة الصغيرة. كان يسوع طائعًا، إلى حدّ أنّه لم يقم بأيّ عملٍ أو حركةٍ، لم يتناول طعامَهُ، ولم يأخذ قسطًا من الراحة، إلاّ بأمرٍ من القدّيس يوسُف.
وهذا ما أرادَ الرّبُّ أنْ يَكشفَهُ للقدّيسة بريجيت: “كان ابني مطيعًا بالتمامِ حتى إنّه لحظةَ كان يوسُف يأمرهُ قائلا: “إفعل هذا أو ذلك”، كان يقوم به في الحال”. وقد صوّر جان غيرسون يسوعَ المسيح وهو يُعِـدُّ مائدةَ الطعامِ، ويَغسلُ الأواني المنزليَّة، ويذهب إلى النبعِ لإحضارِ الماءِ، ويَكنِسُ المنزلَ… فطاعةُ يسوعَ تُظهِر لنا منزِلَةَ القدّيس يوسُف التي تتفوّقُ أهميَّةً على جميع القدّيسين، باستثناءِ الأمِّ البتول. وبالتالي، لم يكن أحدٌ من الكتّابِ العلماءِ يبالغُ بالقول: “له الحقُّ الكاملُ في أن تُكرِمَهُ جميعُ الشعوبِ، هذا الذي أرادَ ملكُ الملوكِ أن يرفَعَهُ إلى أسمى درجات السموّ. حتى إنَّ يسوعَ المسيح نفسَهُ أوصى القدّيسةَ مارغريت دو كورتون أنْ تُبديَ أمانةً خاصّةً بالقدّيس يوسُف، لأنه اهتمّ بتغذيتِه طَوالَ حياتهِ”.
أمّا في ما يتعلقُ بالنِعَمِ المُبهرة التي يُغدِقُها القدّيسُ يوسُف على كلِّ مَن يوليه الثّقةَ، فلنْ أذكُرَ كاملَ ما شهدته، إذ يُمكِنُنا أنْ نقرأ مؤلَّف الأب باترينياني بعنوان:”إكرامُ القدّيس يوسُف”، وأكتفي بذكرِ ما قالتهُ القدّيسةُ تيريزيا الأفيلانية في الفصلِ السابعِ من قصَّةِ حياتِها: “أنا لا أذكرُ أنّي تضرعتُ يوماً إليه وخذلني. فمِنَ الروعَةِ بمكان أن أتحدَّثَ عن النِّعمِ التي لا تُحصى والتي أغدقَها الرّبُّ عليّ بشفاعةِ القدّيس يوسُف، والمخاطرِ الجسديَّةِ والنفسيَّةِ التي خلَّصَني منها. فقد أعطى اللهُ كلَّ القدّيسين الآخرين أن يقدِّموا لنا المعونَةَ لحاجةٍ واحدةٍ فَحَسْبُ. لكن بعد الخبرةِ عرفنا أنّ القدّيسَ يوسُف قادرٌ على تقديمِ المعونَةِ لنا في كل احتياجاتِنا. وبذلك يريدُ الرّبُّ أن يبقى خاضعًا له في السماءِ وعلى الأرض، فيفعل ما يطلبُه منه هذا القدّيس. هذا ما اختبرَهُ أشخاصٌ آخرون قمتُ بإرشادهم في التّضرُّعِ إليه. لقد أردتُ أن اُقنعَ الجميعَ أن يثقوا بالقدّيس يوسُف بفضلِ خبرتي الواسعةِ في النِعمِ التي حصلتُ عليها من الله بشفاعته. فأنا لم أرَ أيّ شخصٍ يُكرِمُ هذا القدّيس بشكلٍ خاصٍ ولم يتسامى في الفضيلةِ. ومنذ عدَّةِ سنواتٍ دأبتُ، في يوم عيدِه، على طلبِ نعمِهِ فيُستجابُ طلبي حالاً. فأصلّي كي تنالَ محبَّةُ الله كلَّ مَن لا يريدُ أن يؤمنَ فيختبر بنفسه ذلك. أمّا في ما يتعلَّقُ بي، فأنا لا أعرفُ كيف يفكِّرُ الناسُ في ملكةِ الملائكة وكلِّ التضحياتِ التي كانتْ تُقدمُها في طفولةِ يسوع، من دون تقديم الشكرِ إلى القدّيس يوسُف على كلِّ الخدماتِ التي وفّـرَها في الوقتِ عينِهِ للأمِّ وللابن”.
وباختصار، قال القدّيس بيرناردين دو سيين إنّه من المحتومِ أنَّ هذا هو الرّبُّ نفسُهُ الذي كرّمَ القدّيس يوسُف كمربّيهِ، لن يَرفِضَ له طلبًا في السماء، بل هو يُحقِّقُ كلَّ ما يطلبُه بسهولةٍ كبيرةٍ. لكن، بما أنَّه علينا أن نموتَ جميعًا، فعلى الجميعِ أن يُبدي كلَّ الإخلاصِ إلى القدّيس يوسُف لسببٍ واحدٍ، وهو الرغبة في الحصولِ على ميتةٍ صالحةٍ. فالمسيحيَّة بأسرها تعترفُ بالقدّيسِ يوسُف كمدافعٍ عن المائتين وشفيع الميتة الصالحة، وذلك لثلاثة أسبابٍ:
أوّلًا، لأنّه أحبَّ يسوعَ المسيح، ليس كصديقٍ فَحَسْبُ، بل كأبٍ، وبالتالي تكون شفاعته أقوى بكثيرٍ من شفاعةِ كلِّ القدّيسين الآخرين. ويقولُ جان غيرسون إنّ صلواتِ القدّيس يوسُف لها بالنسبةِ إلى يسوع تأثيرها كالأمرِ المُبرم.
ثانيًا، إنَّ للقدّيس يوسُف القدرة الكبيرة على مواجهةِ الأبالسةِ التي تُهاجمُنا في نهايةِ حياتِنا. فقد أعطاه يسوعُ المسيحُ امتيازًا خاصًا بحمايةِ المائتين من براثِن إبليس، كمكافأةٍ له على حمايته من براثن هيرودس.
ثالثًا، إنَّه بفضلِ المساعدةِ التي حصلَ عليها من يسوعَ ومريم في ساعةِ مماتِه، يتمتَّعُ بامتيازِ الحصولِ على ميتةٍ صالحةٍ وهانئةٍ لخدّامِه. وبالتالي، حين يَضرعون إليه عند مماتهم، سيأتي ليقوّيهم ويحملَ إليهم معونةَ يسوع ومريم. ثَمّةَ أمثلةٌ كثيرةٌ، لكنّنا سنتوقّفُ عند ذكرِ البعضِ منها:
يُخبر بوفيريوس أنّ راهبًا كبوشيًّا، حين شعرَ باقترابِ أجَلِهِ طلبَ من الرهبانِ أن يضيئوا بعضَ الشموعِ. فسألَهُ هؤلاء عن السببْ، فأخبرَهم بأنّه بعد هنيهاتٍ سيأتي القدّيسُ يوسُف ومريم العذراء لزيارتِه. وبالكادِ لفظَ هذه الكلماتِ حتى أضاف: “هذا هو القدّيسُ يوسُف وملكةُ السماءِ فاجثوا على ركبِكُم يا آبائي واستقبلوهما.” وفيما هو يتكلَّمُ بهذه الطريقة لفظَ أنفاسَهُ الأخيرة بسلامٍ في التاسعَ عشرَ من آذار، اليومِ الذي يُخصّص لتكريمِ القدّيسِ يوسُف. ويُخبرُ الأبُ باترينياني، بحسبِ القدّيس فنسان فيرير وآخرين كُثر، أنّ بائعًا من فالنسيا اعتادَ كلَّ عامٍ في يومِ عيد الميلاد أن يدعو، رجلًا عجوزًا وامرأة تُـرضِع طفلًا، إلى العشاءِ، تكريمًا ليسوعَ ومريم ويوسُف. هذا الرجلُ التقيّ، ظهرَ، بعد موتِه، على شخصٍ كان يصلّي، وأخبرَهُ أنَّهُ في لحظةِ مماتِه زارَهُ يسوعُ ومريم ويوسُف وقالوا له: “خلالَ حياتِك كنتَ تستقبلنا عندَك، في شخصِ هؤلاءِ الفقراءِ الثلاثة، والآن أتينا نحن إليك لاستقبالِكَ عندنا، وقادوهُ إلى الفردوس. ونقرأ أيضًا في كتابِ الأخبارِ الفرنسيسكاني، في الرابع عشر من شباط، أنّ الأختَ المُكَرَّمة بودنزياما زانيوني، التي كانتْ تخصِّصُ إكراماً كبيرًا للقدّيس يوسُف، فرِحت عند ساعةِ موتها بالقدّيسِ الذي أتى إلى جانبِ فراشِ موتِها، حاملًا الطفل يسوع على ذراعِه، فراحتْ تتحدَّثُ تارةً إلى القدّيس يوسُف، وطورًا إلى الطفلِ يسوع، وتشكرُهما على هذه النِّعمةِ الكبيرةِ. ولفظتْ الأختُ أنفاسَها الأخيرة بكل فرحٍ بهذه الرفقة العذبة.
ويقال إنّه في قصصِ الراهبات الكرمليات، حافيات القدمَين، أنّ الأخت المبجلة آن – أغسطين، عند اقترابِ ساعةِ مماتها، رأتها بعضُ الراهباتِ برفقةِ ومعونةِ القدّيس يوسُف والقدّيسة تيريزيا الأفيلانيّة. وأخيرًا بحسبِ الأب جيوفاني دي ألوزا، في كتابِه الذي يخبِرُنا عن القدّيسِ يوسُف، ظهرَ على أحدِ إخوتِه الرهبان، وأخبرَه بأنّ الله خلّصَهُ من جهنّم بفضل الإخلاصِ الذي أبداه للقدّيس يوسُف، وأعلن بالتالي أنّ القدّيسَ، كأبِ وصيٍّ على يسوع المسيح، كانت سلطتُه عليه كبيرة.
التأمّل الأوّل: حولَ السَّفَرِ إلى بيتَ لحم حيث وُلد يسوع
“وصعد يوسُف من الجليلِ إلى اليهوديَّة، من الناصرةِ إلى بيتَ لحم، مدينةِ داود”.
تأمّلوا في تلك الأحاديثِ العذبةِ التي تبادَلها يوسُف ومريم في طريقِهما إلى بيتَ لحم، عن رحمةِ الله، الذي أرسلَ ابنَهُ إلى العالمِ ليخلِّص البشر. وعن محبَّةِ الابنِ الذي أتى إلى وادي الدموعِ هذا، ليدفَعَ ثمنَ خطيئةِ الإنسانِ بآلامِه وموتِه. تأمّلوا أيضًا في ما احتملَهُ القدّيسُ يوسُف من آلامٍ، حين وجدَ ذاتَه مع مريم، منبوذًا من الجميعِ في بيتَ لحم، في الليلةِ التي وُلد فيها الكلمةُ الإلهية. حتى إنَّهما اضْطُرّا إلى إيجادِ مأوى لهما في إسطبلٍ. يا لألمِ يوسُف الذي رأى عروسَهُ الفائقةُ القداسة، الشَّابَّةَ اليافعةَ، وهي على شفيرِ الولادة، ترتجف بردًا في هذه المغارةِ الرطبةِ والمفتوحةِ من كل مكانٍ! لكن كم كان فرحه كبيرًا حين سمِعَ مريمَ تناديه وتقول له: “تعال يا يوسُف، تعال واسجد لطفلِنا الإله الذي وُلدَ الآنَ في هذا الاسطبلِ! تأمَّلْ جمالَه، تأمَّل في هذه المغارةِ! ها ملكُ الكونِ على هذا التبنِ. انظر إليه وهو يرتجفُ بردًا، هو الذي يَشعلُ السرافيمُ بنارِ محبَّتِهِ! استمع إلى بكائِه، وهو فرَحُ السماوات! ولكن يا لحُبِّ يوسُف وحنانِهِ، حينَ رأى بأمّ عينَيه ابنَ اللهِ طفلًا، وسمعَ الملائكةَ تسبِّحُ الرَّبَّ الرضيعَ، ورأى المغارةَ ممتلئةً نورًا! … يجثو يوسُف على ركبتَيهِ باكيًا وقائلًا: “أعبدُك، أجل، أعبُدكَ يا ربّي وإلهي. يا لَفرحي أن أكون بعد مريم، الأول الذي رآك رضيعًا، وأن أعرفَ أنّكَ ترغَبُ في أن تُدعى ابنًا لي في هذه الدنيا، وأن تَصيرَ فعلًا كذلك! فاسمح لي إذًا أن أتلفَّظ أنا بهذا الاسم، واُناديكَ منذ الآن، يا ابني وإلهي، فأنا أكرّسُ نفسي بكليّتها لك. ولن تكونَ حياتي لي، بل لكَ أنتَ، ولن أستخدمَها في سوى خدمتِك يا ربّي! “وكم ازدادَ فرح يوسُف حين رأى أنّه في هذه الليلةِ بالذات وصلَ الرعاةُ الذين دعاهم الملائكةُ لرؤيةِ ربِّهم الرضيع، وبعدَهم المجوسُ القدّيسونَ الذين أتوا من المشارقِ لتأديَةِ واجبِهم أمامَ ملكِ السماءِ، أمامَ الإله الذي تأنَّسَ لإنقاذِ خليقتِه.
†تأملات وصلوات:
يا راعِيَّ القدّيس، أرجوكَ، باسمِ الآلام التي شعرتَ بها حينَ رأيتَ الكلمة الإلهي يُولَدُ في إسطبلٍ، في حالةٍ مدقعةٍ من الفقرِ، من دونِ نارٍ ولا ثيابٍ، وحين سمعتَه يبكي ألمًا بسببِ شدَّةِ البردِ، أرجوك، امنحني أن أتألّم حقّـًا بسببِ خطايايَ، التي فيها تَسببتُ بالدموعِ التي ذرفَها يسوع. لكن، باسم الفرحِ الذي شعرتَ به حين رأيتَ يسوع طفلًا، مولودًا في مغارةٍ، بهذا الجمالِ وهذه النعمةِ للمرَّةِ الأولى إلى درجةِ أنّه منذ تلك اللحظةِ الأولى بدأ قلبُك يَشتعلُ بأقصى درجات الحُبِّ لهذا الطفلِ المُحبِّ والمَحبوب، استمدّ لي نعمةَ أن أحبَّهُ أنا أيضًا إلى أقصى درجاتِ المحبَّةِ على الأرض، لأستحقَّ يومًا أن أقبلَهُ وأمتلكَهُ في السماء.
وأنتِ، يا مريم، يا أمّ الله، وأمّي، صلّي من أجلي لابنكِ، واستمدّي ليَ الغفرانِ عن كلِّ الإهانات التي ارتكبتُها أمامَهُ، وعلى نعمةِ التّوقّفِ عن إهانته.
وأنتَ، يا حبيبي يسوع، سامحني من أجلِ محبَّةِ يوسُفَ ومريم، وأعطني نعمةَ رؤيتك يومًا في الفردوسِ لأسبِّحَك هناك وأحُبَّ جمالـَكَ الإلهي، وطيبتَـك التي جعلتْكَ طفلًا من أجلي. أحبُّكَ أيّها الجمال اللامتناهي، أحبُّكَ يا يسوعي، أحبُّكَ يا إلهي، يا حبّي ويا كلّي!
لبقيّة التأمّلات:
1. التأمّل الأوّل حول مار يوسف للقدّيس ألفونس دي ليغوري
2. التأمّل الثاني حول مار يوسف للقدّيس ألفونس دي ليغوري
3. التأمّل الثالث حول مار يوسف للقدّيس ألفونس دي ليغوري
4. التأمّل الرابع حول مار يوسف للقدّيس ألفونس دي ليغوري
5. التأمّل الخامس حول مار يوسف للقدّيس ألفونس دي ليغوري
6. التأمّل السّادس حول مار يوسف للقدّيس ألفونس دي ليغوري