لقاء مريم الممتلئة نعمة، بإليصابات
لقاءٌ ظاهره بسيط بين فتاةٍ ونسيبتها. ولكنّنا كلمّا أمعنّا النظر، زاد اندهاشنا أمام عظمة الحدث.
لقاء يجمع بين فتاة شابّة تحمل في أحشائها ابن الله ــ الله، وامرأة مسنّة تحمل في أحشائها عطيّة من الله.
لقاء ببساطته يجمع مريم، حوّاء الجديدة الّتي تحمل الحياة في أحشائها، بإليصابات حوّاء القديمة الّتي فقدت خصوبتها ولم تحبل إلّا بعطيّة من الله.
لقاء يجمع يسوع، آدم الجديد المتّحد بالآب والروح القدس، بيوحنّا رمز آدم القديم، الّذي ينتظر تحقيق الوعد ومجيء المخلّص.
لقاء يجمع يسوع، الشريعة الجديدة (المحبّة)، بيوحنَّا رمز الشريعة القديمة الّتي تدعو إلى التوبة، وتكتفي بتحديد الخير من الشرّ، وبتنظيم حياة الإنسان، وتذكّره بأنّه مدعوٌّ لحبّ الله، والإنسان، وأن يُعنى بالخليقة كأبٍ صالح.
لقاء جمع يسوع الكاهن الّذي بذل نفسه في سبيل الله والإنسان، بيوحنَّا رمز الكهنوت القديم الّذي يكتفي بتقادم الحيوانات للتعبير عن حبّه لله والإنسان.
الخلاص هو لقاء بين الله والإنسان. سفر التكوين يحدّثنا عن حرّيّة الإنسان الّتي اختارت الانفصال عن الله، فزَنَت، ودخلت بعهدٍ مع الموت الّذي باعها على طاولة الخليقة والأوهام، ومنع عنها نعمة التجسّد والحياة. أراد الإنسان معرفة الخير والشر، في حين دعاه الله ليحيا وينمو ويكثر بحرّيّة ومحبّة. المعرفة بحسب الكتاب المقدّس هي العلاقة العميقة والشخصيّة الّتي تجمع بين اثنين. فالمعرفة هنا لا يُقصد بها المعرفة العلميّة أو غيرها، بل الدخول بعلاقة مع الشرّ، تجرّد الإنسان من إنسانيّته، وتُنتِجُ عداوة مع جسده، وتحوّله إلى هائمٍ في عالم الخيال، راكضًا وساجدًا وسجينًا لأفكارٍ هي وليدة لقائه بسيّده الجديد: الموت.
لقاء مريم الممتلئة نعمة، بإليصابات الّتي حَمِلَتْ بابنٍ في شيخوختها بنعمة من الله، يكشف لنا، أنّ الخلاص هو لقاء الإنسانيّة بعريسها الأوّل: “بحبّها الأوّل”، بيسوع.
إليصابات: حوَّاء القديمة التائبة؛ ويوحنَّا: آدم القديم التائب، والنبيّ المُعِدّ الطريق، والكاهن المُترجّي الخلاص؛ ها هو يلتقي بالمخلِّص ويمتلئ فرحًا لأنّه به يكتمل ودعوته تبلغ الملء.
في الختام، مريم الرسولة الأولى لابنها، تُظهر لنا أنَّ العمل الرسوليّ المسيحيّ، ليس غنوصيّة، أي لا يقوم على نقل مجموعة معلومات، وعقائد، كما أنّه لا يقتصر على أعمال اجتماعيّة، بل هو دعوة للّقاء بيسوع ابن الله الحيّ، الّذي تجسّد ومات وقام من بين الأموات. لقاء ولّد فرحًا في قلب مريم، فحملته لنسيبتها إليصابات وانتقل بالسماع إلى يوحنَّا الّذي ارتكض ابتهاجًا في رَحِمِها. لقاءٌ أراده الله شخصيًّا مع زكا العشَّار، ومريم المجدليّة، ولعازر في القبر، وتوما المشكّك، وبطرس الناكر، وبولس المضطهد… لقاءٌ شخصيٌّ غدا متاحًا للجميع في الاحتفال الإفخارستيّ.
لقاءٌ… فرحٌ، يُحوّلنا، يؤنسِنُنا، ويحوّل الموت إلى فسحة لقاء.
https://www.facebook.com/allahmahabbaorg/
https://www.allahmahabba.org/archives/3779/allah-mahabba-videos/