من عظة للبابا القدّيس غريغوريوس الكبير (540-604) عن مثل الغني الجاهل وعن خطيئة الجشع
أيّها الغني، لا تنتظرِ المجاعةَ لصنع الذهب ولا حتى العوز لتحقيق الثراء وزيادة أموالك. لا تتاجر في المصائب البشريّة. انتبه! ها أنتَ تحوّل نظرك إلى الذهب ولا تحوّله إلى أخيك. أنتَ تعرف جيّدًا في كلّ ما يختص بالعملة وتميّز العملة المزيّفة عن العملة الحقيقيّة، ولكنّك تتجاهل أخاكَ في وقت الحاجة. يمنحكَ لون الذهب الجميل الكثير من الفرح، ولكنّك لا تهتمّ لأنين المحتاجين الذين يرافقونك. كيف أفعل لأضع نصبَ عينيك معاناة الفقراء؟ … تقول لي: “وهل أنا أُخطأ إذا احتفظتُ بما هو لي؟” ولكن قل لي وأجبني: “ما هو لكَ؟ من أين أتيت بشيءٍ إلى الوجود؟ ” يبدو الأمر كما لو أنَّ الانسانَ، بعد أن شغل مقعدًا في المسرح، يطردُ الوافدين الجدد، معتبراً ما هو متاح للجميع على أنه ملكٌ خاص. وهكذا تولّى الأغنياء الأشياء المشتركة قبل الآخرين وجعلوها أشياءً خاصةً بفضل الاكتناز. لو لبيّتَ احتياجاتكَ وتركتَ ما هو غير ضروريٍّ لكَ لأولئك الذين يحتاجون إليه، لما كان أحد ثريًّا وما بقيَ أيّ محتاج… فالخبز الذي تحتفظ به لنفسِكَ هو ملكٌ للجياع.
