«ورَأَيتُ مَلاكًا هابِطاً مِنَ السَّماء بِيَدِه مِفْتاحُ الهاوِيَةِ وسِلسِلَةٌ كَبيرة، فأَمسَكَ التِّنِّيِنَ الحَيَّةَ القَديمة، وهي إِبْليسُ والشَّيطان، فأَوثَقَه لأَلفِ سَنَة» (رؤيا يوحنّا 20: 1-2).
إبليس! الحيّة القديمة، التي استفردت بحوّاء في عَدَن لتقنعها بأنّ الله على خطأ. لتقول لها بأنّه غير صحيح كلام الله لآدم: “أنّهما سيموتان إن أكلا من شجرة معرفة الخير والشرّ” (التكوين 3: 4-5). لتقنعها بأنّها وحدها على صواب، بأنّها تعرف بأمور الله أكثر من الله عينه! بأنّها عالمة في لاهوت الله! فهي وآدم بحسب قولها سيصبحان آلهة إن أكلا من هذه الشجرة. لكنّ إبليس كذَّابٌ وأَبو الكَذِب (يوحنّا 8: 44). فما من أحدٍ يعرف أكثر من الله، الكلّي المعرفة، وأكثر علمًا من كليّ العلم، وأحكم من الحكمة عينها! لكن عندما أصغى آدم وحوّاء للحيّة وأكلا، خطِئا و«بِحَسَدِ إبليسَ دَخَلَ المَوتُ إِلى العالَم» (الحكمة 2: 24).
أمّا اليوم فهنالك آخرون يدّعون المعرفة، هم “لاهوتيّو” فيسبوك المزيّفون. سفسطائيّون يجادلون بالخطأ ويحكمون بالتضليل. هم كخصم الإنسان، إِبليسَ، الأَسدِ الزَّائِرِ الذي يَرودُ في طَلَبِ فَريسةٍ لَه (بطرس الأولى 5: 8). الأسد يَفصِل فريسته عن قطيعها ليستفرد بها ويقضي عليها. هكذا أولئك، يستفردون بمؤمنٍ تلو الآخر في سلسلة تعليقاتٍ لا تنتهي وبكلماتٍ منمّقة يدّعون فيها العلم بينما تختبئ وراءها شهوة عقلهم فقط. شهوةٌ هدفها الوحيد القول: “أنا على حقّ” ولو على حساب الكنيسة. يدّعون معرفةً تفوق معرفة الكنيسة في الأمور التي تخصّ الكنيسة!
فيقولون: «الكنيسة “تغشّكم”» كما قالت الحيّة لحوّاء: «الله “يغشّكما”». يدّعي جهابذة فيسبوك هؤلاء الذين تتلمذوا في مدوّنات إلكترونيّة عَكِرة توجد فيها المياه الآسنة فقط، أنّ معرفتهم تفوق ألفي سنة معرفة لاهوتيّة في الكنيسة. يُقنعون إنسان اليوم، آدم وحوّاء اليوم، بضرورة التخلّي عما تُعلّمه الكنيسة، كرمة المسيح الطيّبة، وعمّا تُصدره في تدابيرها وبياناتها، لأنّهم وحدهم على صواب وعندها بحَسَدِهم يُدخِلون الموت إلى عالم المؤمنين.
فترى هنالك مؤمنٌ رافضٌ أن يتناول جسد ربّنا يسوع المسيح، الخبز النازل من السّماء الذي يأكله لا يموت (يوحنّا 6: 50-51) فيفضّل المؤمن بسببهم الموت على تناول الحياة. هنالك مؤمنٌ آخر يرفض سلطة الباباوات والبطاركة، قائدو سفينة الخلاص التي ترسو في مرفأ واحد أحد، ميناء الخلاص والحياة الأبديّة، لأنّ مُدَّعو المعرفة هؤلاء قالوا له نحن أفهم! وهنالك مؤمنٌ آخر يعرف في أمور السّماء والأرض أكثر من الكنيسة، الجسر الخلاصيّ الذي ما انفكّ يربط الأرض بالسّماء، لأنّه تخرّج من كليّة “لاهوتيّي” الفيسبوك هؤلاء!
بذلك، يقع مُدَّعُو المعرفة ومن معهم فيما يشبه “خطيئةٍ أصليّة” تجاه الكنيسة. فكما وقع آدم وحوّاء في “الخطيئة الأصليّة” تجاه الله وراحت تزداد خطيئتهما تجاهه. هكذا يُخطئ أولئك “خطيئةً أولى” تجاه الكنيسة وتبدأ بعدها سلسلة خطاياهم تجاهها: يُشكّكون أوّلاً في صحّة كلام الكنيسة المقدّسة كما شكّك آدم وحوّاء في صحّة كلام الله القدّوس. بعدها، يبدأون برفض ما تُعلّمه الكنيسة كما رفض آدم وحوّاء ما علّمهما إيّاه الله. بعدها، يأكلون من سمّ تعاليم الفيسبوكيّين، كما أكل آدم وحوّاء الثمرة. بعدها يترنّحون على هاوية الخروج من الكنيسة لأنّهم يرفضون الإقرار بخطيئتهم فيتستّرون بكُتُبٍ ومقالاتٍ هشّة، ، تحت طائلة عدم طاعة الكنيسة من جديد، كما قالت حوّاء: «الحيّة أغوتني فأكلت». فيخرجون عندها من عَدَن! يصبحون في الهاويّة يبحثون عن ينابيع خلاص، وعن ماء الحياة فلا يجدونها. لأنّ تلك الينابيع تجري في ربوع الكنيسة وأغوارها، التي أقنعهم جاحدو المعرفة الفيسبوكيّة بضرورة الإبتعاد عنها.
فإلى “لاهوتيّي” فيسبوك، المعلّمين المتوهّمين العلم، جلّ ما فعلتموه هو ابتداع الانشقاق ونشر انعدام الثقة بين المؤمن والكنيسة فَفَصْلتم المؤمنين البسطاء عن الكنيسة كما فَصَلَ إبليس آدم وحوّاء عن الله. ولست أقول ذلك في معرض شيطنتكم بل لأنّ التشابه قد أصبح واضحًا جدًّا لعين الإيمان. لذلك أدعوكم للتوبة والتماس المصالحة مع الله، الكنيسة، المؤمنين الذين ضلّلتموهم وذواتكم، وأدعوا المؤمنين لاستقاء التعاليم من السّلطة الكنيسة الرسميّة وحدها.