تابعونا على صفحاتنا

مقالات

كفى! صرخةٌ مدويّة لكاهنٍ من لبنان

كفى!
نعم كفى.


نحن على أبواب الأسبوع المقدّس، أسبوع الآلام، وفيه نعيش عمق محبّة الله لنا. الآب الذي أرسل ابنه الوحيد ليموت فداءً عن خطايانا الكثيرة الثقيلة، فنحيا نحن حياة وافرة.
نعم. في غمرة مشاركة الرب آلامنا المتكررة، وهذه السنة نشاركه صليب المرض والألم الجسدي والنفسي كما الألم الاقتصادي والاجتماعي، تأتي أصوات الغربان التي تنعق لتحاول تشتيت انتباهنا عن محبة الله لتنذر بالخراب والدمار والموت ساحبة من الرب يسوع صفة الفادي ومتّهمة الله نفسه بالمعاقب المؤذي لأبنائه. فهو لهم لا يشبه أي أبٍ صالح يؤدب ويعاقب بدون أن يؤذي. فالغربان تفرح بالأذية والموت لأنها تقتات من الجثث وتعيش على الجيف المنتفخة الفاسدة المقزّزة.
نعم هكذا هي أصوات الغربان رغم جمال الطبيعة، وهكذا هي هذه الأصوات رغم جمال كلمات البابا فرنسيس يوم الجمعة 27 آذار 2020 في تأملاته حول نص إنجيل الرسل مع يسوع في السفينة التي تغرق. أصوات لا يهمّها سوى الدمار والخراب والعقاب والأذيّة وكل ما هو نتن.


عجباً كيف لا يرون مع البابا أن البشرية اليوم موحّدة في مواجهة الوباء و”تختبر صلاة يسوع الكهنوتية: فليكونوا بأجمعهم واحداً (يو 17، 21)”
عجباً كيف لا يرون أن التضامن الإنساني والعطاء المجاني وبذل الذات من أجل الآخرين، المرضى والمعوزين، هو ذروة المحبة والإيمان، وهو لا يأتي بين ليلة وضحاها.
عجباً كيف، وهم يظنّون أن هذا الوباء هو عقاب من الله، لا يقومون بفحص ضمير شخصي نادمين على خطاياهم الشخصية طلباً للرحمة وإنما يقومون بفحص ضمائر الآخرين ، أو بالأحرى يحكمون على الآخرين دون تردد و يتّهمونهم. وكلّنا يعلم من هو “المتّهِم” في الكتاب المقدّس الذي يدّعون أنّهم مشبعون منه. ربّما لو قاموا بفحص ضمير شخصي لما عادوا استطاعوا أن يروا القشّة في عيون الآخرين.
هل تعلم يا صاحبي أن ايطاليا أعطت الكثير الكثير من القدّيسين العظام وفي عصور مختلفة وحتى في العصر الحديث؟
هل تعلم أن منطقة برغامو، “بؤرة الوباء”، أعطت 18 قدّيساً، وعاشت فيها القدّيسة دجانّا موللا المحبوبة وهي علمانية تقدّست في العصر الحديث وهي مثال المؤمن بالرب وبعنايته؟


نعم.
وأقول: بنعمة الرب هناك قدّيسون حاليّون ستظهر عجائب الله فيهم
وستعرفهم الكنيسة وترفعهم على المذابح في المستقبل لأن روح الله لا يزال يعمل فينا.
كيف أكون واثقاً؟ طبعاً لأن ما يقوم به الناس، في ايطاليا وسائر العالم، لاحتواء الوباء ومساعدة بعضهم البعض على اختلاف معتقداتهم، وحتى لو كانوا ملحدين، هو عمق الإنسانية والرغبة في عيش صورة الله الكامنة فيهم والتي خلقوا عليها.
هذه هي بذار الإيمان التي فيهم وهي ستنمو حتماً.
ستنمو بنعمة الرب يسوع الذي هو أساس الإيمان والذي التجأ إليه البابا فرنسيس في صلاته كما التجأ إليه الرسل في السفينة.
ستنمو لأن الرب يبالي بخلاصنا وليس بهلاكنا، ولن يدع الغربان تأكل هذه البذار.
ستنمو لأن في أعمالهم محبة و”الله محبة، فمن أقام في المحبة أقام في الله وأقام الله فيه” (1يو4:16)
لتكن مشيئتك يا رب.