أمام كلّ أزمةٍ يعيشها الانسان في حياته الروحيّة أو الإنسانيّة كأزمةِ “كورونا” اليوم، هناك أربعة مواقفٍ يمكن أن يتّخذها الانسان:
الموقف الأوّل: تجاهل الأزمة وكأنّ شيئًا لم يكن. يحاول هذا الانسان متابعة قطار حياته بطريقة طبيعيّة بشتى الطرق الممكنة. ولكنّ هذا مستحيل! لا يمكننا الهروب من الازمات في حياتنا فهي تطال كياننا وأحيانًا عالمنا كلّه ككورونا ونرى تداعياتها في شتى أصقاع العالم.
الموقف الثاني: الدخول في الأزمة حتّى الثمالة وكأنّها نهاية العالم! فيصبح الانسان سجين أخبارها ونتائجها فيقع فريسة الخوف واليأس والإحباط ويفقد كل أفق رجاء.
الموقف الثالث: محاولة العبور فوق الأزمة من خلال الإجابة بطريقة سطحيّة أو متسرّعةٍ عليها: فبعض الناس يعتبرون اليوم أزمة كورونا عقابًا من الله وينسون أنّ الله نور ولا ظلام فيه. أمّا البعض الآخر فيتسرّع في الإجابة على أسئلة ال “لماذا”: لماذا الكورونا؟ لماذا لا يوقف الله هذه الأزمة؟ إلى حد اعتبار الكورونا اليوم نعمةً وهديّةً. هنا أسأل: أنستطيع أن نقول للشعب الإيطالي اليوم المتألّم بسبب فقدان المئات من أفراده يوميًّا أنّ كورونا هي نعمة؟ أكان الشعب اليهودي في بابل يتأمّل في نِعم السبي أم أنّه اكتشفها في العمق بعد فترةٍ طويلة أي بعد السبي؟ ألا ينتظر المحلّل الرياضي انتهاء مباراة كرة القدم ليرى كلّ جوانبها فيحلّلها بطريقة احترافيّة؟
الموقف الرابع: عيش الأزمة مع الرب، أي بإيمانٍ من خلال الصوم، الصلاة، الصمت والصبر. لا نخف من عيش الأزمات في حياتنا! أليست الدروس الأهمّ التي تعلّمناها في حياتنا من خلال الأزمات التي مرّينا بها؟ لا نخف من عيش الأزمات في حياتنا! فنحن نعرف نهاية “فيلم الأزمة” من خلال موت وقيامة الرب: للربّ الكلمة النهائيّة وكلّ شيء يعود بالخير على الذين يحبّون الله (رو 8: 28). لا نخف من عيش الأزمات في حياتنا! الله أعطانا نورَي العقل والايمان للبحث عن أجوبة ولكن لنتخلى عن تجربة الرغبة في إيجاد الأجوبة على كلّ الأسئلة والسيطرة على كلّ شيء فنحنُ لسنا الله!
في النهاية، اليوم في قلب الأزمة التي نعيشها، ليس الوقت مناسبًا لنسأل ونجيب على ال “لماذا”؟ سيأتي الوقت المناسب! إنّه زمن ال “كيف”: كيف نعيش هذه الأزمة كجماعةٍ مسيحيّةٍ مؤمنة؟ لنسمح لله من خلال كلمته وصمت الصلاة أن يجتاح قلوبنا في هذه الأزمة فنستطيع في نهايتها أن نميّز إرادته فنجني ثمارًا روحيّةً وفيرةً وعميقةً نتشاركها مع الآخرين.