عظمة الأمّهات
ما من شيءٍ غير مستطاعٍ عند الله!
فبعد آدم وحوّاء، كان بإمكان الخالق
أن يجعل البشر من التراب يُخلقون،
أن يُليّن الحجر فمنه يخرجون،
أم يَسْحر المطر فمنه يتقطّرون.
هو المستحق كامل التسبيح،
الذي يُخرس بيده زئير الريح،
وعلى امتداد كفّيه الكون يستريح.
كان باستطاعته خلق البشر كالملائكة،
اضاءتهم كالنجوم في الليالي الحالكة،
أو اصعادهم كنمو الأشجار المتشابكة.
لكنّه اختار
أن ينسج العظام في رحم الأمّهات،
أن يرسم العيون في داخل الحاملات،
أن يُخفق القلوب في بطن السيّدات.
فأصبح حضنهنّ مركز الأمان،
صارت أيديهنّ مسكن الحنان،
وملأت محبّتهنّ قلب الإنسان.
ففي أيدي الأمّ الأطفال تدلّلت،
في بحر حبّها الأخطاء تعلّلت،
وعلى وقع تصفيقها الإنجازات تكلّلت.
لإكرام الأمّ
أنهار الحِبْر ليست كافية،
وألوان الزهر ليست شافية،
وهدايا الدهر ليست وافية.
لذا دخل من رحم مريم المسيح،
ليسبي مملكة الموت القبيح،
فيتحدّث عن والدة الإله التاريخ.
فالأمّ في تاريخ الخلاص كرامةٌ ومجدٌ،
عند الله، صوت صورتها برقٌ ورعدٌ،
وفي السماء التي لا تقاس عظمةٌ وخُلدٌ.