موقع Allah Mahabba سلامُ القِيامَة ضمانَةُ الغُفران والحَياةِ الأَبَدِيَّة!
لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّهلِ على التّلاميذ تَصديق أَنَّ الرَّبَّ يَسوعَ قَدْ قامَ حَقًّا مِنَ المـَوت. هُمْ كانوا بِحاجَةٍ ماسَّة لِيَختَبِروا حُضورَهُ الحَيّ وَالمـَلموس في وَسَطِهِم. عَدَمْ وجود جُثمانِهِ في القَبر، وَتَدَحَرجُ الحَجَر الكَبير عَنْهُ، وَالمـَناديل المـوضوعَة في مَكانِها، تَحمِل دَلالات عَديدَة، وَلَكِنْ تَخلُقُ أَيضًا شُكوكًا عَديدَة. رُبَّما قامَ كَما قال، وَرُبَّما سُرِقَ جُثمانَهُ رُغمَ تَدابير الحِراسَة المـُشَدَّدَة عَلى القَبر. الرُّسُل هُمْ أَكثَر الأَشخاص المـَعنِيّينَ في هذا الحَدَث العَظيم وَالعَجيب.
رواياتُ ظُهوراتِ الرَّبّ عَلى عَدَدٍ بَعضٍ مِنَ الرُّسُلِ وَعلى بَعضٍ مِنَ الَّذينَ كانوا يَتبَعونَهُم، جَعَلَتْهُمْ في حالَةِ حَيرَةٍ مِنْ أَمرِهِم. في الوَقتِ عَينِه هُم لا يَستَطيعون التجوالَ في أَيِّ مَكان لِأَنَّ حدَثْ القَبر الفارِغ أَثارَ ضَجَّةً كَبيرَة في أَوساطِ الكَهَنة وَاليَهود. ما بَينَ خَوفِهِم وَتَقَوقُعِهِم في حالَةِ التَساؤل الكَبير وَالحُزنِ وَالحَيرَة وَالضَياع، لا بُدَّ مِنْ تَدَخُّلٍ سَماويّ يُخرِجُهُمْ مِن هذا المـَوقِف المـُعَقَّد. في مَساءِ يَومِ الأَحَد، في تَمامِ اليَومِ الثّالِث دَخَلَ عَلَيهِم وَالأَبوابُ موصَدَة، لِيَكونَ لَهُمْ بِقُوَّةِ قِيامَتِهِ بابَ خُروجِهِم مِن مَوتِهِم المَـعنَويّ وَمِن خوفِهِم إِلى شَجاعَةِ الشَّهادَة باسمِهِ القُدُّوس.
حُضورُه المـُمَجِّد كَقائِمٍ مِنْ بَينِ الأَموات، عَكَسَ ثَلاث عَلاماتٍ مُمَيَّزَة: مَنْح السّلام. تَثبيت حَدَثْ قِيامَتِهِ حِسِيًّا. الدَّعوَة إِلى الرسالة وَالتَّبشير. مِن خلال هَذِهِ العَلامات نَكتَشِفْ وَجهًا مِن أَوجُه قِيامَةِ الرَّبّ وَقُوَّتَها وَتَأثيرِها الرُّوحيّ الحَيّ وَالمـُحَوِّل. أَوَّلًا نَرى الرَّبَّ ذاتَ سُلطانٍ هوَ يُعطي السَّلام وَيَمْنَح الرُّوح القُدُس. بهذا الشَّكل حَوَّل قُلوب التّلاميذ إِلى قُلوبٍ تَنبُضُ بِالقُوَّة وَالحُبّ وَالرَّجاء. ثانِيًا، يُظهِر ذاتَهُ بِشَكلٍ مَلموسٍ وَمُدرَك بِما كانَ عَلَيهِ بِالأَمسِ فيما بَينَهُمْ مَصلوبًا على الصّليب، وَفي الحاضِر وَالمـُستَقْبَل مُمَجَّدًا. وَهكذا جَعَلَ إِيمانَهُمْ مَبنِيّ عَلى حَقيقَةٍ تاريخيَّة وَمَلموسَة وَمَعروفَة. يَستَطيعون أَن يُواجِهوا العالَم بِها. ثالِثًا، ذاتُ سُلطانٍ إِلَهيّ، هوَ يَدعو مَن كانوا لَهُ تَلاميذ، لِيَكونوا لَهُ رُسُلًا. وَهَكذا وَجَدوا ذاتَهُمْ لَيسَ أَمامَ دَعوَةٍ رابِّيٍ مُمَيَّز، بَلْ أَمامَ دَعوَةٍ إِلَهِيَّة، رَفَعَتْ مِن شَأنِهِم لِيَكونوا رُسُلًا وَسُفَراءَ لِلمَسيح أَمامَ العالَم.
يَعنينا التَّوَقُّف أَمامَ الحَقيقَة المـَلموسَة لِجَسَدِ المـَسيح القائِمِ مِن بَينِ الأَموات، لِأَنَّها الإِشكالِيَّة الأَكثَر تَعقيدًا عَلى مُستَوى التاريخ وَالبَشَرِيَّة. هيَ لَيسَت أُسطورَةً مِن نَسجٍ خَياليّ. هيَ الحَقيقَة وَحَجَرُ الزاوِيَة الَّتي عَلَيها أُسِّسَ وانتَشَرَ الإِيمانُ المـَسيحيّ. بَعض الأَديان وَالفَلسَفات، تُؤمِنْ بِخُلودِ الروح وَفَناء الجَسَد. أَمَّا أَن يَقومَ الجَسَدُ مِنَ المـَوت مُمَجَّدًا وبِصورَةٍ مُغايِرَة عَمَّا كانَ عَلَيهِ قَبلًا، هَذِهِ ظاهِرَة لَمْ يَسبِق لَها أَن حَدَثَتْ. كاتِبُ الإِنجيل الرَّابِع يُؤَكِّد في شَهادَتِهِ أَنَّ يَسوعَ الَّذي رآهُ مَيتًا على الصَّليب، هوَ الَّذي رآهُ قائِمًا مِنْ بَينِ الأَموات.
مُشاهَدة وَلَمس التَّلاميذ للرَّبّ يَسوع القائِمِ مِن بَينِ الأَمواتِ وَآخِرُهُم توما، أَحدَثَتْ فيهِم تَحَوُّلًا روحِيًّا جَذرِيّ. أَوَّلًا مَنَحَهُمْ الرَّبُّ بِقِيامَتِهِ سَلامَهُ الَّذي لا يَستَطيعُ العالَم أن يَنتَزِعَهُ مِنْ قُلوبِهِم؛ إِنَّهُ سَلامُ المـَحَبَّة وَالغُفران وَالحَياةِ الأَبَدِيَّة. ثانِيًا، مُعايَنَتِهِم لآثارِ المـَسامير وَالطَّعنَة وَالجِراح، جَعَلَتْهُم يَتأَكَّدوا أَنَّ غُفرانَهُ فاقَ خزلانِهِم وَإِنكارِهِم وَتَركِهِم لَهُ. ثالِثًا، بَعدما أَظهَرَ مَحَبَّتَهُ الفائِقَة، دَعاهُمْ لِيَكونوا رُسُلَ سَلامٍ وَغُفرانٍ وَرَحْمَة. لَقَدْ جَعَلَهُم بِدَورِهِم يَكونوا مِعطائينَ لا مُتَلَقِّين. لَقَد أَشعَلَتْ قِيامَة الرَّبَّ يَسوع في قُلوبِهِم نارَ الرُّوحِ القُدُس.
ونَحنُ الَّذينَ يَفصِلُنا أَكثَر مِنْ أَلفَيْ سَنَةٍ عَنْ هذا الحَدَثِ العَظيم، الَّذي أَسَّسَ الكَنيسَة وَأَطلَقَ رِسالَةَ المـَسيحِ في العالَم، هَلْ نَستَطيعُ أَن نَختَبِرَ قُوَّةَ قِيامَتِهِ المـَجيدَة. فَمَنْ دَخَلَ العِليَّة وَالأَبوابُ مُغلَقَة، يَستَطيعُ أَن يَلمُسَنا وَيَلتَقينا حَيثُ نَحنُ، هُنا وَالآن. لِكَيْ يَتَحَقَّقَ هذا الإِختِبارَ الرُّوحيّ، عَلَينا بَعدَ أَن نَكونَ قَدْ سَمِعنا لِشَهادَةِ الكَنيسَة وَالَّذينَ اختَبَروهُ وَعَرَفوهُ وَأَحَبُّوه، أَن نُؤمِنَ بِهِ وَبِكَلامِهِ، وَفقًا لِقَولِه: “مَنْ أَحَبَّني حَفِظَ كَلامي، وَمَنْ حَفِظَ كَلامي، أَحَبَّهُ أَبي، وَنَأتي إِلَيهِ وَنجعَلَ لَنا عِندَهُ مُقامًا”. مِنْ خِلالِ سَماعِنا وَتَمييزنا لِصَوتِ الرَّبَّ يَسوع وَلِلكُتُبِ المـُقَدَّسَة، نَستَطيعُ أَن نُمَيِّزَ لا حُضورَهُ وَحَسْب في حَياتِنا، بَل في أَعماقِ قُلوبِنا، وَعِندَئِذٍ نَكتَشِف كَيفَ يُحَوِّلُنا إِلَيه، تَمامًا كَما فَعَلَ مَعَ رُسُلِهِ، مُنذُ أَكثَر مِنْ أَلفَيْ سَنَة. عِندما تَتَّقِدُ نارُ روحِهِ القُدُّوسِ فينا، عِندَئِذٍ تَشهَدُ لَهُ أَعمالُنا وَأَقوالُنا، بَل بِالأَكثَر غُفراننا لِكُلّ مَنْ خَطِئَ إِلينا، فَيَعرِفَ العالَم مِنْ خِلالنا أَنَّهُ حَقًّا قامّ! آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!