موقع Allah Mahabba القيامةُ هي الحقيقةُ الّتي قلبت كُلّ الموازين وفجّرت فرح الحياة الأبديّة فينا!
لعُلُومُ، وتتشابكُ فيه لأسئلةُ الوُجُوديّةُ، يظلُّ حدثُ قيامة الرّبّ يسُوع من بين لأموات موضع جدلٍ وتساؤُلٍ لكُلّ إنسانٍ: هل من المعقُول أن يقُوم إنسانٌ من بين لأموات؟ أليست لقيامةُ مُجرّد أُسطُورةٍ أو رمزٍ رُوحيٍّ؟ وإن كانت حقيقيّةً، فماذا تُغيّرُ في حياتي؟ بل أكثر من ذلك، يصرُخُ قلبُ الإنسان المجرُوح: أين اللّهُ من موت أحبّائنا؟ من أمراضنا وخيباتنا؟ من جراح الماضي؟ وهل من معنًى لكُلّ هٰذا الألم؟ وسط هٰذا الضّباب، يعلُو صوتُ فجر لقيامة، صادحًا بالدّهشة: “لماذا تطلُبن الحيّ بين الأموات؟ ليس هُو هٰهُنا، بل قام!” (لو ٢٤: ٥-٦)
قيامةُ الرّبّ يسوع هي أعظمُ حدثٍ حقيقيّ هزّ التّاريخ والكون، وقلب موازين الألم والموت. ليست قيامتُهُ مُجرّد مُعجزةٍ، بل مُفترقُ طُرُقٍ بين القديم والجديد، بين عبُوديّة الخطيئة وحُرّيّة أبناء اللّه، بين يأس المقبرة ورجاء الحياة الأبديّة. القيامةُ هي إظهارُ عدالة الله برحمته اللّامُتناهية؛ الّذين آمنوا بيسوع مكّنهُم أن يصيروا أبناء الله. إنطلاقًا من هُنا، لنغُصّ في أعماق هٰذا الحدث، لنكتشف أنّهُ ليس فقط حقيقةً تاريخيّةً، بل قُوّةً روحيّةً وإعلان حُبٍّ إلٰهيٍّ ومصدر فرحٍ لا يُوصفُ، يُعيدُنا إلى معنى وجُودنا وهُويّتنا ومصيرنا.
قيامةُ المسيح: حقيقةٌ تاريخيّةٌ ثبّتتها لنا شهاداتُ الرُسُل والكنيسةُ الأُولى
لم تُبن القيامةُ على إجتهاداتٍ عقليّة وفلسفيّة، بل على واقعٍ ملمُوسٍ واختباراتٍ حقيقيّةٍ لشُهُودٍ عاينوا الرّبّ بعد موته. يقول القدّيس بولُس لنا: “سلّمتُ إليكُم قبل كُلّ شيءٍ ما تسلّمتُهُ أنا أيضًا: أنّ المسيح مات من أجل خطايانا، كما جاء في الكُتُب، وأنّهُ دُفن، وأنّهُ قام في اليوم الثّالث، كما جاء في الكُتُب، وأنّهُ تراءى لكيفا، ثُمّ للإثني عشر، ثُمّ تراءى دفعةً واحدةً لأكثر من خمسمئة أخٍ”. (١ قور١٥: ٣-٦) لو كانت القيامةُ خدعةً كما أرادها اليهود، لما تحوّل الرُّسُلُ من جُبناء خائفين إلى شُهُودٍ مُتمسّكين بالحقّ حتّى الإستشهاد. أيضًا نرى أنّ المُؤرّخ اليهوديّ المشهور يوسيفُس قدّ وثّق حدث موت يسوع على الصّليب، لما جرى قبلهُ وبعدهُ من أحداثٍ دارت حولهُ. بالإضافة إليه كتب المـُؤرّخين الرُّومان عن هذا الحدث، عدا القرارات القانونيّة الّتي أصدرتها الإمبراطوريّة الرُّومانيّة كإجراءٍ جنائيّ بحقّ من يسرق جُثّة ميتٍ، وذلك بسبب الضّجّة الكبيرة والتحوُّل الّذي حصل بدءً من أُورشليم إنطلاقًا من حدث القيامة. الخُلاصة قيامةُ الرّبّ التاريخيّة أصبحت بمثابة إنفجارٍ كبيرٍ أحدث تحوُّلًا غير مسبوقٍ في تاريخ البشريّة.
القيامةُ: قُوّةٌ رُوحيّةٌ حولّت وجودنا نحو الحياة الأبديّة
إنطلاقًا ممّا سبق، نُدركُ أنّ القيامة ليست نظريّةً تُدرسُ، بل حياةً تُعاشُ. هي نارٌ تُغيّرُ القلب وتُحوّلُ المسار. الرُّسُلُ بعد القيامة لم يبقوا كما كانُوا: “قام بُطرُسُ ووقف مع الرُّسُل لأحد عشر، ورفع صوتهُ وقال: (…) أنتُم قتلتُمُوهُ وصلبتُمُوهُ، ولكنّ اللّه أقامهُ، وحلّ قُيُود الموت، إذ لم يكُن في القُدرة أن يُبقيهُ في قُبضته”. (أع ٢: ٢٣-٢٤) وبُولُسُ الّذي كان مُضطهدًا، أصبح شاهدًا لقُوّة القيامة: “كُلُّ شيءٍ حسبتُهُ خسارةً… في سبيل معرفة لمسيح يسُوع ربّي… لكي أعرفهُ وأعرف قُوّة قيامته”. (فيل ٣: ٨ -١٠) كُلّ هذا صنعهُ الرّبّ ليُغيّر نمط عيشنا، لئلّا نعيش بالعبثيّة واللّامعنى والضّياع. لقد شقّ لنا طريق الحياة الأبديّة، لنسير على خُطاه، مُؤمنين بقيامته ثمرةً لمحبّته اللّامُتناهية لنا، ورفعًا لكرامتنا أمامهُ. لهذا السّبب أصبحت القيامة ليس حدثًا تمّ في الماضيّ ونُدركُهُ بعد المـوت، بل أيضًا قُوّةً روحيّةً تُحوّلُ مسار ونهج حياتنا، لنُصبح قياميّين وحواريّين وفق التّعبير السُّريانيّ والّذي يعني لابسي حُلّة نور القيامة النّاصع حياةً أبديّة.
القيامةُ: إعلانُ حُبٍّ لا يُقهرُ ورحمةٍ لا تُحدُّ، هي فرحٌ وشجاعةٌ للقلب
في الصّليب، بدا أنّ الحُبّ انهزم. ولكن في القيامة، أعلن يسوعُ لنا أنّ لمحبّته الغلبة على المـوت وعلى الشّرّ وعلى الخطيئة: “فإنّهُ في رحمته الوافرة، ولدنا مرّةً ثانيةً، لرجاءٍ حيٍّ، بقيامة يسُوع المسيح من بين الأموات”. (١بط ١: ٣) لا يُمكنُ لمن يلتقي بالرّبّ القائم من بين الأموات أن يبقى على ما كان عليه. فرحُ القيامة هو نبضُ القلب المـُتجدّد: “قد أتيتُ لتكون لهُمُ الحياةُ، وتفيض أكثر”. (يو ١٠: ١٠) من هُنا القيامةُ تُنيرُ حياتنا، وتُعيدُ تشكيل هُويّتنا. نحنُ لم نعُد عبيد الخوف، بل أبناء الرّجاء والحياة.
لنفرح ولنبتهج! فإنّ المسيح قام! القيامةُ هي الجوابُ الإلٰهيّ على كُلّ تساؤُلٍ في الوجود: “لا تخف! أنا الأوّلُ والآخرُ، أنا الحيُّ: كُنتُ ميتًا، وها أنا حيٌّ إلى دهر الدّهُور!” (رؤ ١: ١٧-١٨) “وها أنا معكُم طوال الأيّام، إلى انقضاء الدّهر.” (متّ ٢٨: ٢٠)
المسيحُ قام! حقًّا قام! وقيامتُهُ جدّدت وتُجدّدُ كُلّ شيءٍ، وتُحيي فينا الرّجاء، لتجعل منّا شُهُودًا لغلبة الحُبّ والحياة والخير والحقّ، على البُغض والموت والشّرّ والباطل! إذا كان الحُبُّ يستدعي سكرات الذكريات الجميلة، فكم علينا أن نبقى في حالةٍ هذيذٍ روحيّ ونحنُ نتأمّلُ قيامة الرّبّ المجيدة. هي الّتي تُخبرنا عن محبّة يسوع لنا، وعمّا صنعهُ من أجلنا. القيامةُ تُعلنُ لنا إنتصار إنسانيّتنا بيسوع على كُلّ شُرور واقعنا وعالمنا. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!