تابعونا على صفحاتنا

مقالات

يَسوع مَعَنا في تَجارِبِنا كُلَّها!

عِندَما نُمعِنُ التأَمُّلَ في تَجارِبِ الرَّبَّ يَسوع الثّلاث عَلى ضَوءِ أَحداثِ العَهدِ القَديم نَكتَشِف أَنَّها تُلَخِّص ثَلاثَ مَحَّطاتٍ مُهِمَّة في تاريخِ شَعبِ الله، وَتُلَخِّص الوُعود الثّلاث الَّتي تَلقَّاها إِبراهيمُ مِنَ الله، وَهيَ النَّسلُ وَالأَرضُ وَالبَرَكَة. مِن خِلالِ هَذِهِ التَّجارِب نَكتَشِفُ بِدَورِنا المـَحاوِر الّتي يَجَرِّبُنا مِنْ خِلالِها روحُ الشَّرَّ، وَنَتَعَلَّم مِنْ يَسوع كَيفَ عَلَينا أَن نُجاهِدَ بِالصّلاةِ وَالصَّومِ للإِنتِصارِ عَلَيها.

تُلَخِّصُ التجرُبَة الأُولى خِبرَة شَعبِ اللهِ في البَرِّيَّة الَّتي امتَدَّت إِلى أَربَعينَ سَنَة. هُناكَ عَرَفوا الجوعَ وَالعَطَش، فَمَدَّهُم اللهُ بِالمَنِّ وَالسَّلوى. هَذِهِ التَجرُبَة أَسَّسَت لِقِناعَة العَيشِ عَلى قاعِدَة “أَعطِنا خُبزَنا كَفافَ يَومِنا”، وَأَيضًا أَكَّدَت بِالأَكثَر عَلى أَنَّهُ لَيسَ بِالخُبزِ وَحدَهُ يَحيا الإِنسان، بَل بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخرُجُ مِنْ فَمِ الله”. هَذِهِ التَّجرُبَة عَنَتْ مَسأَلَة الوجود، أَو بِتَعبيرٍ آخَر “النَّسل”. آكُل لِأَعيش، فَكَيفَ لي أَن أَستَمِرَّ بِالبَقاءِ مِنْ دونِ طَعام؟! مَع يَسوع نُدرِكُ أَنَّ إِستِمرارَ وجودَنا يَبقى مُتَّصِلًا بِاللهِ وَحدَهُ. يَكفينا أَن نُعطيهِ المـَكانَة الأُولى في حَياتِنا.

تُلَخِّصُ التَّجرُبَة الثانِيَة خِبرَة موسى الواقِفِ عَلى الجَبَلِ المـُشرِف عَلى أَرضِ الوَعد الَّتي لَمْ يَستَطِع أَن يَدخُلَها. بَينَما هُنا يَسوع يَرى كُلّ مَمالِكِ الأَرضِ، وَلَمْ يَشَأْ أَن يَملِكَها، لِأَنَّهُ لا يَستَطيعُ الإِنسان أَن يَعبُدَ اللهَ وَيَعبُدَ المال في الآنِ عَينِهِ. هَذِهِ التَّجرُبَة أَسَّسَتْ في تَعليمِ يَسوع قاعِدَة: “ماذا يَنفَعُ الإِنسان، لَو رَبِحَ العالَمَ كُلَّهُ، وَخَسِرَ نَفسَهُ؟ ماذا يُعطي بَدَلًا عَنْ ذاتِهِ؟”. هَذِهِ التَّجرُبَة عَنَتْ مَسأَلَة “الوَعد بِالأَرض”، الَّتي يَتَحارَبُ عَلَيها الجَميع لِبِناءِ مَملَكاتهِم، بَينَما يَسوع جاءَ لِيُبَشِّرَ بِمَلَكوتِ اللهِ الَّذي لا يَدعو إِلى الحَربْ بَل إِلى السّلامِ وَالمَحَبَّة. مَع يَسوع نُدرِك أَن المُمتَلَكاتِ المادِّيّة لا تَزيدُ مِنْ شَأنِنا أَبَدًا، بَل على العَكسِ تَجعَلُنا أَسرى لَها، فَلا نَعُد نَقوى أَن نَرى مَلَكوتَ اللهِ في داخِلِنا.

تُلَخِّصُ التَّجرُبَة الثالِثَة خِبرَة شَعبِ اللهِ الَّذي تَغَنَّى مَع سُليمان بِبِناءِ هَيكَلِ أُورَشَليم، حَيثُ جَعَلوا مِنْهُ مَركَزَ حُضورِ اللهِ في وَسَطِ شَعبِهِ. مَعَ سُقوط وَدَمارِ الهَيكَل وَالسّبيّ إِلى بابل تَزَعزَعَ إِيمانَهُم، فَالإِلَهُ الَّذي عَرَفوهُ بالمـُنتَصِر دَومًا في الحُروب بَدى ضَعيفًا وَمَهزومًا. مَفهومُهُم للهِ أَنَّهُ القَويّ وَالجَبَّار الَّذي لا يَتَزَعزَع هَيكَلُهُ أَبَدًا، قَدْ سَقَطَ مَرَّتَينِ قَبْلَ مَجيءِ يَسوع. هَذِهِ التَّجرُبَة أَكَّدَ فيها يَسوع أَنَّهُ يَرضى أَن يُنقَضَ الهَيكَل، وَأَن يُصلَبَ وَيُهان وَيَموت لِيَقومَ في اليومِ الثالِث. في هَذِهِ التَّجرُبَة آثَرَ يَسوع أَن يَعيشَ مِلءَ إِنسانِيَّتَنا مُقتَبِلًا كَأسَ المـَوت عَلى أَنْ يُظهِرَ أُلوهِيَّتَهُ بِالجَبَروتِ وَالقُوَّة. مِن خِلالِ هذِهِ التَّجرُبَة الَّتي تَعني “البَرَكَة” أَكَّدَ لَنا يَسوع أَنَّ بَرَكَة الآبِ لَنا غَيرَ مَشروطَةٍ بِالمالِ وَالأَرضِ والصِحَّة وَالقُوَّة، لا بَل هيَ تُرافِقُنا دَومًا حَتَّى في المـَرَضِ وَالفَقرِ وَالأَلَمِ وَالإِضطِهاد.

إِنَّ عَدُوَّ الطّبيعَةِ البَشَرِيَّة يَعرِفُ تَمامًا مَكامِنَ ضُعفِنا، وَيَتَسَلَّلُ إِلَيها عَنْ طَريقِ حاجاتِنا وَرَغَباتِنا وَعَلاقاتِنا إِنْ بِأَنفُسِنا عَلى مُستَوى الجَسَد، أَو بِالآخَرين عَلى مُستَوى الأَرض وَالمـُجتَمَع وَالمادِّيّات، أَو مِنْ خِلالِ سُبُل عِبادَتِنا لله، حَيثُ يَعمَل عَلى تَحريف فَهمِنا لِمَشيئَةِ اللهِ القُدُّوسَة وَلِبَرَكَتِهِ عَلَينا، كَما فَعَلَ مَعَ آدَمَ وَحَوَّاء. مَع يَسوع نَتَعَلَّم كَيفَ عَلَينا أَن نَكونَ حَذِرينَ وَيَقِظينَ مِنْ خِلالِ الصَّلاةِ وَالصَّومِ، وَكَيفَ عَلَينا أَن نَتَسَلَّحَ بِكَلِمَةِ اللهِ في الكِتابِ المـُقَدَّس. لَيسَ هذا وَحَسبْ بَل أَن نَلتَمِس دائِمًا الحِكمَةَ وَالفَهمَ وَالقُوَّة مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ لِكَيْ لا نَسمَحَ لِإِبليس أَن يُحَرِّفَ التَّعليمَ الصّحيح.

إِنطِلاقًا مِنْ هُنا، يَتوَجَّبُ عَلَينا أَن نَتَعَلَّمَ كَيفَ نُصَلِّي مِنْ مُعَلِّمِ الصَّلاةَ الرَّبَّ يَسوع. وَكَيفَ عَلَينا أَن نَصومَ. لا يُمكِنُنا أَن نُناجي اللهَ كَأَبٍ إِذا كانَتْ حَقيقَتَهٌ مَجهولَةٌ بِالنِّسبَةِ لَنا. يُعَلِّمُنا يَسوع أَنْ نُناجي الآبَ أَبَّا بِدالَّةِ الأَبناء. عِندَما نُعَزِّزُ ثِقَتَنا بِاللهِ وَتُدرِكُ قُلوبَنا مَحَبَّتَهُ لنا لا نَعُد نَخافُ مِنْ قِوى الظّلام. وَعِنَدَما نُكَرِّسُ وَقتَنا لِكَيْ نَلتَقي الرَّبَّ في الصّلاةِ، نَكونُ بِذَلِكَ قَدْ أَعطَيناهُ الأَوْلَوِيَّةَ في حَياتِنا. عِندَئِذٍ يَأتي الصّومُ لِيَكونَ وَسيلَةَ تَحَرُّرٍ مِنْ قُيودِ المادَّة وَتَنظيمًا لِعَلاقَتِنا بِالعالَم الخارجيّ بِشَكلٍ تَكونُ فيهِ الأَوَّلِيَّة لِلرُّوحِ لا لِلجَسَد. يُصبِحُ الصَّومُ تَعبيرًا مَلموسًا عَنْ الرَّغبَة الحَقيقيَّة وَالمـُحَرِّكَة للصّلاة. لَيسَ الصَّومُ حُرمانًا مِنَ الأَشياء، بَل عَلى العَكس هوَ جوعٌ وَعَطَشٌ إِلى الله، وَبِالتَّالي يُصبِحُ إِمتِلاءًا مِنَ الله، وَإِفراغًا للذَّات. يُساعِدُنا الصَّومُ لِتَكبُرَ نِعَمَ الرُّوحِ القُدُسِ فينا، وَتُقَلَّصُ الرَّذائِلُ وَالخَطايا مِنْ طَبيعَتِنا الضّعيفَة.  في عالَمٍ أَصبَحَ مَفهومُ الصَّومِ وَالصّلاةِ فيهِ رَمادِيًّا، عَلَينا أَنْ نَطلُبَ مِنَ الرُّوحِ القُدُسِ أَن يَلمُسَ رَغَباتَ قُلوبِنا وَيُصَحِّحَ مَفاهيمَنا الخاطِئَة، وَصورَةَ اللهِ فينا، لِكَي نَنقادَ خَلفَ يَسوع إِلى بَرِّيَّةِ قُلوبِنا وَلِكَيْ نُواجِهَ ضُعفَنا والشرّير، بِقُوَّةِ مَحَبَّةِ اللهِ لَنا، واثِقينَ أَنَّنا بِيَسوعَ أَصبَحنا أَبناءً لله، وَدَعوَتُنا هيَ القَداسة فَيَسودَ مَلكوتُ اللهِ فينا للأَبَد. آمين

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!