موقع Allah Mahabba من يَتبَع الرّبَّ يسوع يعيش التطويبات!
ترتبطُ قناعاتُنا بمفاهيمنا ومُعتقداتنا وبنظرتنا إلى الحياة بصورةٍ عامّة. هذا ما يُؤثّر بشكلٍ ما على أفكارنا وعلى مشاعرنا تُجاهُ الأحداث والمـواقف الّتي نتعرّضُ لها في حياتنا اليوميّة. من أكثر الأُمور الّتي تُؤثّر على مُعتقداتنا هي التربية، وتُصبح خطيرةً ومُؤذيةً عندما تكونُ خاطئة ومُنحرفة. نُلاحظ أنّ كثيرين من الأهل يُربُّون أولادهم على مبدأ الأقوى والأفضل والأوّل؛ على سبيل المثال، إذا ضربك أحدٌ فاضربهُ، وإذا شتمك أحدٌ فاشتُمهُ. لا تسمح لأحدٍ أن يتطاول عليك أبدًا. إنّهُ موقف الثأر الّذي يتأتّى من مبدأ “العين بالعين والسنُّ بالسّنّ”.
من جهةٍ أُخرى، كُلُّنا نجد أنفُسُنا نميلُ ونرتاحُ بالأكثر إلى مبدأ العدالة القائمة على الخير، بحيثُ نُطالبُ بحُقوقنا الأساسيّة، وفي الوقت عينه من باب العقل والمـنطق نقبل بالمـُساواة والمـعاملة بالمثل في إنصاف وإعطاء الآخرين حُقوقهُم الطبيعيّة. ولكن غالبًا ما تنتصرُ علينا الرّذائل والخطايا، بحيثُ نجدُ أنفُسنا مأسورين بأنانيّتنا، فنُسخّر كُلّ شيءٍ في خدمتها. هذا ما يجعلُ مُجتمعاتنا ومُؤسّساتنا وبُيوتنا وعائلاتنا وعلاقاتنا مُعرّضة دائمًا إلى الفساد وإلى الشّر الّذي يُخلّف وراءهُ مشاكل وصراعاتٍ وصُعوبات وتجاذُبات. الطوبى لمن يستطيعُ أن يكون عادلًا، لأنّهُ عرف كيف يحفظ قلبهُ بالصدق والإستقامة والنّزاهة.
نُلاحظُ في العهد القديم أنّ الشّريعة الّتي أُعطيت على يد موسى من أهدافها الأساسيّة إحياء وإنعاش مبدأ العدالة في العلاقة مع القريب، لذلك تأتي الوصايا العشر لتُحرّم كُلّ ما يُعرف بشُرورٍ تُؤذي الإنسان، ولا أحد يقبلها على نفسه، بل لا يُريدُها أن تكون موجودةً حتّى في حياته. إذا فكرنا نظريًّا بتطبيق العدالة ببُعديها من حُقوقٍ وواجباتٍ على قاعدة خُلُقيّة، نجد أنّ حياة النّاس تنتظمُ بشكلٍ تُصبحُ فيه الفُسحة الأكبر للخير بدلًا من الشّرّ. للأسف الشديد نكتشفُ أنّ الواقع الّذي نعيشُهُ بحاجةٍ دائمة إلى إصلاحٍ وتصويبٍ نحو الخير.
مُعظم الدُول والأنظمة السياسيّة أو الدينيّة تتخذُ من العقاب وسيلةً للإصلاح، فيُصبحُ الخوف منهُ رادعًا إجتماعيًّا لتقليص الجريمة والفساد. كما أنّ الدُول المُتطوّرة والنّامية تسعى لتشريع قوانين تُحافظ على حُقوق كُلّ إنسان، طُفل، مراهق، مرأة أو رجُل، ومُسنّ. ولكن عندما نأتي إلى تعليم الرّبّ يسوع في الإنجيل، نجدُ مفهومًا آخر يتناقدُ بالتّمام مع مفهوم العقاب والتّخويف والتّرهيب، وهو مفهوم المـُسامحة والغُفران. للوهلة الأُولى نجدُهُ لا يتماشى مع واقعنا العلائقيّ الإجتماعيّ لا بل نعتقدُ أنّهُ يتعارضُ مع طبيعتنا البشريّة. هل من العدل أن نُحبّ أعداءنا من يسرقون أرضنا وينهبون أملاكنا، ويتعرّضون إلى كراماتنا، ويقتُلون أحبّاءنا ويسلبون خيراتنا أن نُحبّهُم، ونغفر لهُم ونُسامحهُم؟ هل الغُفران يستطيعُ أن يكون رادعًا يقمع الشُّرور في العالم؟
لا يُمكنُنا أبدًا أن نقبل أو أن نفهم كلام الرّبّ يسوع، لو لم يُبيّن لنا الأسباب الجوهريّة، لعيش الغُفران بدلًا من الثّأر والإنتقام أو أقلّهُ المُطالبة بالعدالة. أوّلًا يدعونا يسوع لنكون أبناءً على مثاله للآب السّماويّ. لا نستطيعُ أن نكون أبناءً لهُ خارجًا عن المـحبّة والرّحمة، وبالتّالي الرّبُّ هُنا يُؤكّدُ لنا أنّ الله الآب هو الكلّيُّ الرّحمة والمـحبّة. ثانيًا يُؤكّدُ لنا الرّبّ يسوع، أنّهُ يُعاملُنا بملء رحمته ومحبّته في كُلّ لحظةٍ نكونُ فيها تُجاههُ ظالمين وخاطئين وعدائيّين. إنطلاقًا من هُنا، هو يُصحّحُ نظرتنا الخاطئة إلى الحياة وإلى الله بالّذات، وبالتّالي هو يُصحّحُ كُلّ مُعتقداتنا وقناعاتنا ومفاهيمنا، لئلّا نعتقد أبدًا أنّنا نكونُ ضُعفاء أو خاسرين أو مُهمّشين، عندما نعرف ونختبر ونمتلئ ونعيش محبّة الله في حياتنا، لأنّها تُصبحُ مقياس ومبدأ خياراتنا وقراراتنا والّتي تُوطّدُ فينا الإيمان بالحياة الأبديّة. عندما نُطالبُ بالعدالة، نُطالبُ بما خسرناه، ولكن عندما نعيشُ بالمـحبّة لا نخسرُ أبدًا، بل من خلال الغفران والمحبّة نُساعدُ الآخرين لئلّا يخسروا أنفُسهُم خارج المحبّة.
نخلُصُ لنقول، أنّنا لا نستطيعُ أن نفهم تعليم الرّبّ يسوع وأن نعيشهُ في حياتنا، إذا لم نختبر محبّة الله الآب لنا الّتي أظهرها لكُلّ واحدٍ منّا بابنه الوحيد يسوع المـسيح. مقياسُ ومعيار إختبارنا للرّبّ نتأكّد منه من خلال ثمار الرُّوح القُدُس في حياتنا. بقدر ما ننمو بالمـحبّة والرّحمة، نُصبح أشباههُ، ونثبُتُ بالبنُوُّة لهُ ونمتلئ بمراحمه، وعندئذٍ لا يعُد يهُمُّنا إذا خسرنا العالم أو إذا العالم إضطهدنا ورفضنا، لأنّنا نستطيعُ أن نقول أنّنا بمحبّة الله وغُفرانه سنملكُ معهُ إلى الأبد.
علينا أن نعترف لأنفُسنا أمام الله، أنّ ما ينزع عنّا الفرح والسّلام والرّجاء، هو تحسُّرُنا على خساراتنا وتعلُّقاتنا وخيبات آمالنا، والّتي بدورها تُؤجّجُ فينا الرّذائل والخطايا. كُلُّ هذه تُمحى وتزول عندما تحضرُ محبّةُ الله، وعندما نغفر لأنفُسنا وللآخرين. وحدهُ الغُفران يشفينا، ولن نستطيع أن نُشفى ونُحرّر، إذا لم نُؤمن ونختبر محبّة وغُفران الله لنا. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!