تابعونا على صفحاتنا

مقالات

من يَتبَع الرّبَّ يسوع يعيش التطويبات!

عُرِف الدين اليهوديّ أنّهُ تأسّسَ مع موسى على الشريعة، وبالتالي على كلّ يهوديّ صالح ومؤمن أن يحفظ الرسوم والوصايا والأحكام لكي يكونَ إبنًا للشريعة. يعتقد اليهوديّ أنَّ الشريعةَ الّتي عُرِفَت بلوحي الوصايا على يَدِ موسى هي أَزليَّة. وما نعلمهُ من فمِ الرّبَّ يسوع أنَّ الشريعةَ أُعطيت بسبب قساوة قلب الإنسان، فعهدُ الله المُحِبّ والأمين يَسبِقُ الشريعة وهو أزليّ.

مِنَ الألقاب الّتي أُعطيت للربّ يسوع أنّهُ المُشرِّعُ الجديد، ولكن تعليمهُ لا يقومُ على نقضِ ما سبق، بل على إكمالهِ ولا على وصايا سلوكيّة وأدبيّة، بل على معرفة الله أنّهُ أبٌ مُحِبٌّ ورحوم، وعلى وصيّةٍ وحيدة هي المحبّة بمعناها العميق الحُبّ الإِلَهيّ، وعلى عيشِ التطويبات. يقولُ القدّيس بولس “الحَرف يقتُل أمّا الروحُ فيُحيي”. من خلال هذه الآية نستطيع أن نفهم أنَّ غايةَ التطويبات العيش وفقًا لمواهِبِ الروحِ القُدُس، لنكون أحياءً بالنّعمةِ ولكي نتبع المسيح بحريّة شخصيّة تُحرِّر إنسانيّتنا من المعتقدات والشرائع الفكريّة والفلسفيّة، لتكون أكثرَ تطابُقًا مع فكر المسيح وأخلاقهِ ونهجه.

يُخبرنا الإنجيليّ لوقا عن أربعِ تطويباتٍ أعلنها يسوع لتلاميذه وتقوم على الفقر والجوع والبكاء وقبولُ الإضطهادِ من أجلِ إبنِ الإنسان. توازيها أربع لعناتٍ تقومُ على الغِنى والشبع والضحِك والمجد الباطل. إنطلاقًا من هُنا نسأل أنفُسنا: هل التطويبات تعني أن نعيش في التعاسة والحزن، أم هي حقًّا طريق السعادة الحقيقيّة؟ أَوَّلًا، التطويباتُ الأربعة هي ذاتُ صدىً عميق لإنتصار يسوع في البرّيّة على تجاربِ إبليس. ثانيًا، التطويباتُ تعني إختبار الإنسان لحقيقتهِ بما فيهِ مِن نَقصٍ، فهي كلّها تُشيرُ إلى الحرمان، ممّا يجعلُ الإنسانَ متواضِعًا ومتوسِّلًا أمام الله. ثالِثًا التطويبات مدرسةُ تتلمُذٍ للرّبّ يسوع.

تبدأُ من الفقر أي التجرّد والتّخلّي عن السيطرة والتملُّك، ليكون الله هو الأوَّلُ والآخر، الأَلِفُ والياء، أي الكُلّ في الكُلّ.

يلي الفقر، الجوع والّذي يعني رغبة القلب الذي يتوقُ ويشتاقُ ويرغب في معرفة واختبار الله، والذي يشعر بالنَّقصِ مَتى حُرِمَ مِنَ النّعمة.

بعد الجوع يأتي الحُزن أو البكاء الصادق الناتج عن معرفة الخطايا الشخصيّة والظلم والشرَّ المُنتشرين في العالم. “المحبّةُ لا تفرح بالظلمِ بل بالحقّ”، لذلك يُصبِح هذا البُكاءِ وهذا الحُزن موقِفًا صارخًا ضدّ الظلمِ واللّاعدالة. إنّهُ ثمرةُ الصلاة الحقيقيّة، فهو ليسَ مقرونًا بالكآبةِ واليأس، بل بالرجاءِ والمحبّة، والّذي نراهُ في صلاة يسوع وفي موقفهِ من إنسانيّتنا الضعيفة والخاطِئة.

أخيرًا قبولُ مواجهة الإضطهادِ برباطةِ جأشٍ وشجاعة من أجلِ إبنِ الإِنسان. هذه الطوبى هي ثمرةُ الثبات في الحقّ وتأكيدٌ واضح على محبّة الله المُتجسّد فوق كُلّ شيء. في هذهِ الطوبى إعلانٌ صريح عن حبّ الإستشهاد من خلال التمسّك بالخير والحقّ والصلاح والعدالة والمحبّة الصادرين من الله. كلّ هذه بإمكاننا عيشها في حياتنا اليوميّة، عن طريق رفض الإجهاض، وعدم الكذب ورفض التنمّر واستغلال الآخرين، وبرفض كلّ أنواع الخطايا  ونستطيع عيشها عندما نختار ونُقرّر رُغم جراحنا وضعفنا أن نغفر لكلّ من خطِئ إلينا.

الطوبى تعني الهناء والسعادة حيثُ نختبر الفرح الحقيقيّ، ولهذا السبب خُلِقنا ودُعينا لكي نعيشها من خلالِ محبّتنا وإتّباعنا للربّ يسوع المسيح. ولكي نعيشها بالملءِ عرضَ يسوع أمامنا أيضًا الويلات لكي نُحسنَ التمييز والخيار، ولكي لا نعيش وفقًا لروحِ هذا العالم “آلهتهم بطونهم ومجدهم عورتُهُم”. لكي لا نعيش على قارعةِ الطريق حيثُ تسود الخطايا ومعها الظلم. حيثُ نكون أغنياء بكلّ شيءٍ وفقراء من الله، ومن لا يعرف الحقّ ولا يثبُت في المحبّة فهو في حالةِ بؤسٍ وعقمٍ روحيٍّ ومُذري، وبالتّالي لا ينفعنُا شيئًا أن نربح العالم ونخسر أنفسُنا، بل مثلما يقول القديس بولس: “نعيشُ كفقراء لا شيءَ لنا، ونحنُ نُغني الكثيرين”.

الرّبّ يسوع يدعونا لنعيش فرح وتعزيات التطويبات من منطلق ثباتنا فيه واتّباعنا لهُ، وهكذا نعيشُ حريّة أبناءِ الله. الطوبى لمن يتّكلُ على اللهِ والويلُ لمن يتَّكِلُ على البشر. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!