موقع Allah Mahabba يسوع والوعد الصادق!
كُلُّ شخصٍ منّا عندما يبحثُ عن عرض عملٍ ما، يرغب أن تتوفّر لهُ كُلُّ المـزايا الخدماتيّة، سعيًا لمزيدٍ من الأرباح، بُغيةً بالرّاحة والنّجاح، والهدف الأمانُ والإستقرار. لا أحد منّا يقبل عملًا يُهدر به حقّهُ، كُلُّنا نطمح إلى العدالة مرّاتٍ كثيرة حُبًّا بأنفُسنا وليس من أجل المـُساواة، وهُنا نستغلُّ الآخرين جاعلين منهُم وسائل وغير مُكترثين لكراماتهم. عندما نبحثُ عن عملٍ ما علينا أن نعرف إيجابيّاته وسلبيّاته، وعلينا أن ننظُر إلى الغاية القُصوى منهُ، وليس إلى الآنيّ والظّرفيّ والعابر. تكلّمنا عن البحث عن العمل، كمثلٍ يُساعدُنا لننظُر إلى علاقتنا مع يسوع وإلى الدّعوة الّتي يُوجّهُها إلى كُلّ واحدٍ منّا ليكون تلميذًا لهُ. للأسف بكثيرٍ من المـرّات ننظُر إلى العلاقة مع الرّبّ يسوع على مُستوى الإفادة والمـصلحة اللّتين نجدهُما في نطاق الأعمال والوظائف في حياتنا.
عندما دعا الرّبّ يسوع تلاميذهُ إلى اتّباعه، لم يعدهُم بإجراء المـُعجزات والنُّبوءات والأعمال العجائبيّة والخارقة، لا بل كان وعدهُ لهُم صادقًا وأكيدًا من خلال أعماله المـسيحانيّة الّتي ثبّتت كلامه، والّتي فتحت قُلوبهُم لاستقبال قُوّة الرُّوح القُدُس في كيانهم. بعدما اختارهُم عرض عليهم نمط حياته الشخصيّة الّتي يعيشُها يوميًّا، مُعلنًا لهُم أنّ كُلّ الطُّوبى توجدُ فيها، فأخبرهُم عن حالة الفقر الرُّوحيّ والإجتماعيّ، وعن الجوع والعطش الدائم إلى البرّ والعدالة، بالإضافة إلى الجسديّ، كما أوضح لهُم عن حُزن القلب الّذي يعرفُ البُكاء الصادق بفعل المـحبّة والرّحمة والشعور مع المـساكين، وهذا ما كان يحدُثُ معهُ في صلاته طوال اللّيالي، وأمام الجُموع حيثُ كانت تتحرّك أحشاؤُهُ حنانًا ورحمةً. أخيرًا صارحهُم أنّهُم سيكونون مُعرّضين للإضطهاد فيكونوا غير مقبولين ومحبوبين من النّاس، شهادةً لهُ. هذا ما كان يحصُل معهُ، وكانت ذُروتهُ على الصّليب. في الوقت عينه عرض عليهم الويلات الّتي تلحق بكُلّ يعيشُ لهذا العالم مُصدّقًا وعودهُ وأكاذبيهُ، لأنّها لا محالة ستتلاشى أمام حقيقة الحياة الأبديّة والّتي هي غاية وجود الإنسان على الأرض.
أمام وعود الرّبّ يسوع الصادق الّتي أعلنها في التطويبات وفي الويلات، يتبادر على عقلنا سُؤالًا بديهيًّا: هل الرّبّ يُريدُنا أن نعيش تُعساء في حياتنا الزّمنيّة، بهدف وعودٍ ستتحقّقُ لاحقًا؟ فيتبادر على ذهننا أنّ وجودنا في هذا العالم هو بمثابة سجنٍ لا نتحرّر منهُ إلّا عند ساعة موتنا. قد يكونُ هذا السُّؤال نتيجة فهمنا الخاطئ لتعليم يسوع، فيتحوّل إلى تجرُبة تهدفُ إلى إبعادنا عن الرّبّ وعن خلاصه لنا رفضًا لهذه الدّعوة الّتي تقومُ على التّعاسة والمـشقّة والفقر والحُزن والإضطهاد.
حجرُ زاوية تعليم الرّبّ يسوع يقومُ أوّلًا على مشروعه المـسيحانيّ الّذي أعلنهُ من نُبُؤة أشعيا في مجمع النّاصرة. ثانيًا، هو يُعلنُ الطُّوبى لمن جعلتهُم الشّريعةُ والتّقليدُ والمـجتمع ملعونين، وبالتّالي هو يُعلنُ الرّحمة لهُم. ثالثًا، من خلال الويلات، يكشفُ عن أمرين: ثمرةُ اللّاعدالة، ونتيجة رفض العيش في الحقيقة الّتي تقومُ على المـحبّة، وبالتّالي هو يحُثُّ التّلاميذ ليكون اختيارهم حُرًّا، مبنيًّا على الحقيقة النّهائيّة الّتي من أجلها خُلقوا والّتي من أجلها دعاهُم، إلى ملء الفرح والسّعادة.
إنّ مشيئة الله لنا في المـسيح يسوع هي أن نكون أغنياء بالله الآب، واضعين كُلّ ثقتنا وإتّكالنا عليه، على مثال يسوع. هذا يعني أن نعيش إيماننا، وثمارهُ عيش الفضائل، بدلًا من الإنغماس في الرّذائل، وعندئذٍ نفهم جيّدًا أنّ يسوع لا يمنعُنا عن الغنى الماديّ، عندما نرُدُّ كُلّ خيرٍ لأبينا السّماويّ، وعندما نكونُ أسخياء، نُشاركُ الآخرين في الخير المادّي الّذي أفاضهُ علينا. عندئذٍ نفهمُ جيّدًا أنّ الرّبّ يسوع لا يفرض علينا أن نموت جوعًا، بل يدعونا إلى العدالة الإجتماعيّة، لكي نتقاسم خُبزنا اليوميّ مع إخوتنا، وإن مُنع عنّا خُبزنا اليوميّ بسبب الظُلم البشريّ، نبقى بالرّجاء أقوياء مُتّكلين على عناية أبينا السّماويّ. عندئذٍ نفهمُ جيّدًا أنّ الرّبّ يسوع لا يُريدُنا أن نكون حزانى، ولكن إن ظُلمنا واضطُهدنا وسُلبت حُقوقنا، نعرفُ جيّدًا أنّ فرحنا الأكيد ليس بما يحصُلُ معنا ولا بما نملكُهُ أو نعرفُهُ، بل فقط من الرّبّ وحدهُ. لذلك علينا أن نُفضّل الحُزن على الفرح عندما تُنتقصُ العدالة، ويسود الظُّلم. الحُزنُ الّذي يتأتّى من الرُّوح القُدُس، ينتُجُ عن المـحبّة الصافية، الّتي لا تفرح بالظُّلم بل بالحقّ.
صراعُنا لعيش التّطويبات وإبعاد الويلات عنّا، يقومُ على عيشنا للفضائل، على قاعدة إيماننا الثابت والأكيد بقيامة الرّبّ يسوع. هذا ما يجعلُنا نخرجُ دائمًا مُنتصرين، لأنّ الرّبّ سيُعوّضُ علينا كُلّ نقصٍ، وسيمسحُ كُلّ دمعةٍ من عُيوننا. لقد فعلها بقيامته المـجيدة، وبإعطائنا الحياة الأبديّة. يُريدُنا الرّبّ أن نكون تُجّارًا حقيقيّين، لا نستثمر في البورصة والأعمال التجاريّة، بل بتوظيف قدُراتنا وإحياء مواهب الرُّوح القُدُس فينا، لكي ننمو وفقًا لقامته، ولكي نعرف عذوبة الرُّوح وتعزياته، بدلًا من طُمأنينةٍ آنيّةٍ وأمانٍ بشريٍّ زائل. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!