تابعونا على صفحاتنا

مقالات

هل للعربِ سيّدةً؟ مريم تابوت العهد أينما حلّت!

تُعتبر مريمُ العذراء الأعلى والأرفع مقامًا بين جميع القدّيسينَ والقدّيسات، وعليهِ نجد أنَّ أكثرُ الرعايا والكنائس تحملُ إسمها بصفاتٍ عديدة ومتنوّعة. يرى البعضُ في هذا الأمر مغالاةً، والبعض يتّهمُ الكنيسة الكاثوليكيّة أنّها تؤلّه العذراء وتُغالي في إكرام القدّيسين. في الواقع العبادةُ هي فقط للثالوث الأقدس، أمّا إكرامُ مريم العذراء المُميّز لهُ دوافعهُ وأسبابهُ البيبليّة واللاهوتيّة.

عندما نتأمّل بحدث البشارة وما تلاهُ من أحداثٍ جرت مع مريم وبواسطتها نكتشِف أحقيّتها بهذا الإكرام والتقدير الخاصّ والمُميّز. عندما نتأمّل بزيارتها إلى بيت زكريّا وأليصابات ونتوقّف عند تفاصيل اللقاء، ونتمعّن في معنى الكلمات ونتفاعل مع نشيد التعظيم الّذي أنشدتهُ نجد الأسباب الّتي تدفعنا إلى إكرامها وإلى تطويبها من جيلٍ إلى جيلٍ على مثال أليصابات.

أوّلًا، مريم المُسرِعة إلى جبال يهوذا وبيتِ زكريّا، هي بمثابة تابوتِ العهد الصاعد إلى أورشليم. إستضافةُ أليصابات ورقص يوحنّا الجنين في أحشاء أُمّهِ يُذكّرُنا برقص وغناء وتهليل الملك داود أمام تابوت العهد. هذا التصرّف يحمل دلالات تقديم العبادة بحريّةٍ وفرح لا لشخصِ مريم، ولكن لمن تحملهُ في أحشائها كإناءٍ مُقدّس وكأُمٍّ طاهرة.

ثانيًا، إعلانُ أليصابات أنَّ مريم هي أُمُّ الرّبّ، هو إعترافٌ جريءٌ جدًّا أنّ “يهوه” الّذي لا يُرى، رهو الخالق، وهو إلهُ إسرائيل، إلهُ الوعد والعهد صنعَ لَهُ أُمًّا على الأَرض. أليصاباتُ هُنا تمامًا مثلَ سمعان بطرس، فليس باللحم والدّم عرفت أنَّ مريمَ أُمّ الرّب، بل بقوّةِ الروحِ القُدُس. يُخطِئ كل من يُفسّر أُمومة مريم لله الإبن المتجسّد على مستوى محدوديّة منطق العقل البشريّ.

ثالثًا، مريم أيقونةُ الإيمان. في العهدِ القديم آمن إبراهيم بوعودِ الله: النسلُ والأرضُ والبركة. هُنا نرى مريم بملءِ إنسانيّتها ورغم ضِعَتِها ومحدوديّتها آمنَت بما بلغها من عندِ الرّبّ، فكانت لها الطوبى الّتي لا ولن تُفارِقها أبدًا.  أصبحت مريم العذراء حقيقةً أيقونةَ إيمانٍ إلى حدٍّ جعلت أليصابات أكيدةً وشاهدةً وراجيةً أنَّ كُلَّ وعودَ الله لا محالة ستتحقّق في مريم العذراء. من هذا المُنطَلقِ نفسُهُ نحنُ كمؤمنينَ كاثوليك، نُكرِّرُ باستمرارٍ وعلى الدوام قول أليصابات في الجزء الثاني من صلاة المسبحة: “مباركةٌ أنتِ في النساء، ومباركةٌ ثمرةُ بطنِكِ سيّدنا يسوع المسيح”.

رابعًا، إكرامُ مريم هو فعلُ مديحٍ وشُكرٍ لله ولعملهِ وتدبيرهِ الخلاصيّ في التاريخ. من خلال نشيدها تُخبِرُنا عمّا صنعهُ اللهُ فيها، وهذا الفعل ليسَ محصورًا في زمنٍ مُحدَّد، لا بل يتّصِلُ بوعودِ اللهِ منذُ البدءِ ويمتدُّ إلى الأبد لأنّهُ مِن صُلبِ عهد الله الثابت. إنطِلاقًا من هُنا، تمجيدًا لعملِ الثالوثِ الأقدَس، وتقديرًا وإكرامًا لهُ لا يسعُنا أن ننظُرَ إلى مريم العذراء وكأنّها وسيلةً استخدمها الله بشكلٍ ظرفيّ وآنيّ لكي يدخُلَ في تاريخنا وحياتنا من أَجلِ خلاصِنا. فالخلاصُ الذي أعطانا إيّاهُ غايتهُ رفع كرامتنا وتقديسنا لنكونَ فيهِ أحياءً ومُمجّدين، فهل يُنَقِّص أو يحجُب أو يُزيلُ شيئًا من كرامةِ من اختارها لتكونَ للإبنِ المُتجسّدِ أمًّا؟ إن كان الثالوث الأقدس قد كرّمها بشرفِ الأُمومة، كيف لنا نحنُ ألّا نُطوّبها من جيلٍ إلى جيلٍ، وندعوها إلى حيثُ نحنُ لتكونَ لنا سيّدةً وشفيعةً لبلدانِ الخليج العربيّ؟ في إحتفالنا اليوم في النيابة الرسوليّة لشمال شبه الجزيرة العربيّة بعيد سيّدة العرب، شفيعتنا الخاصّة، نسألُ الثالوث الأقدس الإله الواحد،  أن يمنحَ كُلَّ نِساءِ العالم وبخاصّةٍ في الوطن العربيّ مثال وشفاعة مريم العذراء ليستمدّوا منها دورهم وحريّتهم ومكانة كرامتهم. ونسألها جميعًا أن نكون رُسُلًا على مثالها لابنِها يسوع ربّنا وإلهنا ومخلّصنا، فننشُرَ سلامهُ ونُعلِنُ خلاصهُ ومجدَهُ أينما وجِدنا. آمين

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!