تابعونا على صفحاتنا

مقالات

وَحدَها خِبرَةُ الإِيمان تُعلِنُ حَقيقَةَ قُربَ اللهِ مِنَّا!

موقع Allah Mahabba وَحدَها خِبرَةُ الإِيمان تُعلِنُ حَقيقَةَ قُربَ اللهِ مِنَّا!

مِنْ أَكبَر وَأَكثَر الأَسئِلَة الَّتي يَطرَحُها الإِنسانُ عَلى نَفسِه وَيُشارِكُها مَع الآخرين: هل الله موجودٌ حَقًّا؟ وَإِذا كانَ مَوجودًا كَيفَ باستِطاعَتِنا أَن نَعرِفَهُ؟ مَنْ هو؟ هَل هُناكَ مِنْ دَلائِل وَبَراهين لِوجودِه؟ تَعَدُّد الأَديان، يَجعَلُنا أَيضًا نَرى مِن بابِ المـَنطِق العَقلانيّ أَنَّ اللهَ فِكرَةٌ تُفهَمْ بِعِدَّةِ طُرُق وَيُعَبَّر عَنها بِأَشكالٍ مُتَنَوِّعَة. هذا النّوع مِنَ التّفكير حَدا بِكَثيرينَ لِيعتَنِقوا مبدأ “اللّاأَدرِيّة”. أَمامَ هذا السُؤال وَالبَحث المَشروع، نَحنُ كَمَسيحيّين لَيسَ مَوضوعُنا الدِّفاع عَنْ اللهِ وَعَنْ عَقائِدِنا أَمامَ الآخرين. وَلَيسَ عَلَينا أَن نَكونَ مَسيحيّينَ لِمُجَرَّد أَنَّنا وُلِدنا في بَيتٍ مَسيحيّ وَبيئَة مَسيحيَّة، لا بَل نَحنُ وَإِيَّاهُمْ مَدعوّينَ لِنَدخُل في خِبرَةِ الإِيمان الَّتي مِنْ خِلالِها نَعرِفُ حَقيقَةَ قُربَ اللهِ مِنَّا. لِهَذِهِ الخِبرَة الإِيمانِيَّة لَدَينا نَموذَجًا رائِعًا وَحقيقيًّا نَراهُ في لِقاءِ مَريَم العذراء بِنَسيبَتِها أَليصابات.

إِنَّ مَعرِفَتَنا لِكُلّ أَبعاد الحَياة، تَقومُ عَلى ما نَسمَع وَنَرى وَنَختَبِر، وَتَبقى ناقِصَة. غالِبًا ما نَسجُنُ أَنفُسَنا بِمحدودِيَّةِ ما نَعرِفَهُ، وَلَكِنْ وَحدَها خِبرَةُ الإِيمان تَجعَلُنا نَتَحَرَّر مِن قُيودِ المـَعرِفَة، لِنَبلُغَ إِلى مُستَوى الذّات الِّتي تَجِدُ مَعنى وَكمال ذاتَها في حَضرَةِ الله. لِكَي نَدخُلَ في حَيّزِ خِبرَةِ الإِيمان، لا بَدَّ لَنا مِن أَحَدٍ يَقودُنا إِلَيه، لِذَلِكَ نَسمَع القدّيس بولُس يَقول: “الإِيمانُ يَأتي مِنَ السّماع”. السّماعُ هُنا لا يَعني الأَصوات الخارجيّة، بَل نَجِدُ مَعناه الحَقيقيّ في خِبرَةِ مَريَم العَذراء لِبِشارَة المَلاكِ جِبرائيلَ لَها. الإِنصاتُ إِلى الذَّاتِ في عُمقِ القَلبِ وَإِلى الروحِ القُدُس الساكِنِ فيها. الإِنصاتُ إِلى التّعليم القَويم الَّذي يَجِدُ القَلبُ فيهِ راحَتَهُ، وَالضَميرُ سَلامَهُ، وَالرُّوحَ تَوَهُّجَ حَرارَتَها حَيثُ الدِّفءُ وَالسّكينَةُ وَالمـَحَبَّة.

لِكَي نَستَطيع فهم خبرَة الإِيمان، عَلَينا التأَمُّل بِلِقاءِ مَريَم العَذراء بِنَسيبَتِها أَليصابات، لِكَيْ نَستَطيعَ بِدَورِنا تَمييز اختِباراتِنا الشخصِيَّة وَتَصويبِها نَحوَ اللِّقاءِ بِاللهِ حَيثُ نَشعُر بِقُربِهِ وَحُضورِهِ وَحَنانِهِ الدافِئ. يُخبِرنا الإِنجيليّ لوقا عَن الغِبطَة الَّتي رافَقَت لِقاء مَريَم العذراء بِنَسيبَتِها أَليصابات، وَيُبَيّن لَنا سَبَبَها الرّئيسيّ، وَأَخيرًا يُعطينا خُلاصَةً وَتَعليمًا إِيمانِيًّا حَولَ هُوِيَّة يَسوع وَدَور مَريَم وَيوحَنَّا المـَعمدان في تَدبير اللهِ الخَلاصيّ. بِدايَةً لِقاءُ مَريَم الحامِل بِيَسوع بِقريبَتِها أَليصاباتِ الحامِل بِيوحنّا المَعمَدان يُسَلِّطُ الضّوءَ على ما يَحمِلانِهِ مِنْ خُبراتِ شَخصِيَّة للهِ الحَيّ. كُلُّ واحِدٍ مِنَّا لَدَيْهِ ما يَحمِلُهُ مِنْ تاريخيهِ وما يَنقُلُهُ في لِقاءاتِهِ إِلى الآخَرين، وَلَكِنْ مَريَمُ العَذراء تُبَيِّنُ لَنا أَنَّها تَحمِلُ إِبنَ اللهَ إِلَهُ العَهدِ في أَحشائِها، وَتَعكِسُهُ بِحُضورِها، وَكَلامِها وَتَصَرُّفَها. كما أَنَّ أَليصابات تَحمِلُ نَبِيَّ وعودِ الله، مِمَّا جَعَلَها تَعرِفُ أَنَّ مَريَم هيَ أُمَّ اللهِ الَّذي سَيُحَقِّق كُلَّ وعودِهِ، بَدءًا مِمَّا اختَبَرَتهُ هيَ الَّتي كانت عاقِرًا على مُستَواها الشّخصيّ.

لِقاءُ مَريَمُ العَذراء بِأَليصابات، يُبَيِّنُ لَنا أَمرَين أَساسِيَّين للدُّخولِ في خِبرَةِ الإِيمان. الأَوَّل، أَنَّ الرَّبَّ يُريدُنا على المـُستَوى الشّخصيّ أَن نَدخُلَ في عَلاقَةٍ حَقيقيّة وَحَيَّة مَعَهُ مِنْ خِلالِ رَغبَتِنا في مَعرِفَتِنا لَهُ، وَهذا ما عَلَينا أَن نسعى إِلَيهِ في صَلاتِنا الشّخصيَّة، كما فَعَلَت مَريَمُ العَذراء فَقَبِلَت بِشارَة المَلاكِ جِبرائيلَ لَها. الثّاني، أَهَمِيَّة نَقل اختِبارِنا الإِيمانيّ للرَّبّ بِنقاءٍ أَو استِعدادنا لِقَبولِ هذا الإِختِبار مِنْ خِلال إِنفِتاحِنا الدّائِم على عَمَل روحِهِ القُدُّوس في حَياتِنا، فَنُمَيِّزَ لِقاءاتِنا وَنَتَحَسَّس جَيِّدًا مَشاعِرَ قُلوبِنا، وَحَرَكَةَ أَفكارِنا.

لِقاءُ مَريَمُ العَذراء بِأَليصابات، يُؤَكِّدُ على قولَ الرَّبَّ يَسوع: “كُلّ ما اجتَمَعَ إِثنانِ أَو ثَلاثَة باسمي أَكونُ حاضِرًا في وَسَطِكم”. حقًّا مَنْ يَدخُل في خِبرَةِ الإِيمان، لا يُقَيِّم لِقاءاتِهِ على مُستَوى العَقل وَحَسب، بَلْ يَنظُر إِلَيها مِنْ بُعدِ حُضور الله فيها، وَيَسعى إِلى عَيشِ المـَحبَّة. هذا ما نَراهُ جَلِيًّا وواضِحًا في لِقاءِ مَريَم بِأَليصابات. عِندما نُحسِنُ خِبرَةَ الإِيمان، لا نَعُد نَنظُر إِلى مَكانَة الضُعف البَشَريّ في حَياةِ الآخَرين، بَل إِلى المـَساحَة الَّتي يُؤَمِّنُها هذا النَّقص لِعَمَلِ النِّعمَة الإِلَهيَّة، فَتُصبِحَ كَلِماتُنا تَحمِل مَعنى الرَّجاء وَالإِكرام وَالتَّقدير وَالمَحَبَّة، وَتُصبِحُ خِدمَتُنا لِلقَريب إِعدادًا لِتَجَسُّد الكَلِمَة في حَياتِنا. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!