تابعونا على صفحاتنا

مقالات

مِن علاماتِ الإِستِعداد لِمَجيءِ المـَسيح: الإِصغاء لِصَوتِ الله!  

كانَـت وما زالت السياسَة تَأخُذ الحَيّز الأَكبَر مِنْ إِهتِمامات الشأن العام الإِجتِماعيّ. حَتّى في أَيَّامِ الرَّبّ يَسوع نَرى مِنْ خِلالِ بِشارَةِ الإِنجيليّ لوقا النّظام السياسيّ، وَنرى الإِنجيليّ يُسَمّي لَنا أَسماءَ الحُكّامِ وَأُمَراءِ كُلِّ رُبعٍ على مَملَكَةِ إِسرائيل بِقُسمَيها الشمالي وَالجنوبيّ، مُضيفًا إِلَيها أَسماءَ عُظَماء الأَحبار في تِلكَ الحَقَبَة. في الوَقتِ عَينِهِ يُبَيِّنُ لَنا بِطَريقَةٍ مُتَوازِيَة ظُهور يوحنّا المَعمدان في البَرِيَّة مُنادِيًا بِالتَّوبَة. الرسالةُ مِن هذا التوازي المـُعتَمَد أَن نَرى كَيفَ أَنَّ صَوتَ النَبِيّ يَعلو لِيَهُزَّ المـَعمورَة، فَيخافَ مِنْهُ حُكّامُ وَأُمَراءُ الأَرضِ، لِأَنَّهُ صَوتُ الله. وَإِن ارتَفَعَ في البَرِيَّة لَكِنَّهُ بَلَغَ إِلى عُمقِ أورشليم.

في وَقَتٍ سابِق صَمَتَ زكرِيّا الكاهِن أَمامَ سِرّ الله، تارِكًا الصُراخَ لابنِهِ يوحنّا المـَعمَدان مِن بَعدِهِ لِيَزأرَ بِقُوَّةٍ كَالأَسَدِ في البَرِيَّة مُنادِيًا بِالتَوبَة. مناداةُ يوحَنّا هيَ كالسَيفِ ذي حَدَّين، مِن ناحِيَةٍ يُنذِر بِالغَضَبِ الآتي، وَمِن ناحِيَةٍ أُخرى يُعلِنُ بِالرَّجاء السَلام، وَيَبقى مَضمونَ رِسالَتِهِ واضِحًا وَصَريحًا: “أَعِدُّوا طَريقَ الرَّبّ واجعَلوا سُبُلَهُ قَويمَة”. نَراهُ يَتَوَجَّه إِلى إِرادَة وَرَغبَةِ الإِنسان لِكَيْ يُصلِحَ ذاتَهُ، لِكَيْ يُقَوِّمَ نَهجَهُ وَأَداءَهُ عَلى شَتّى الصُّعد وَفقًا لِوَصايا الله، وَبُغيَةً في لِقاءِ المـَسيح المـُنتَظَر.

مَنْ يُريدُ أَن يَعرِفَ السّلامَ الحَقيقيّ الَّذي يُعطيهِ الرَّبَّ، وَأَن يَعرِفَ الخَلاصَ لِنَفسِهِ، عَلَيهِ أَلَّا يَبقى في دَوَّامَةِ أَصواتِ العالَم الشاذّة وَالمـُضَلِّلَة، وَعَلَيهِ أَيضًا أَلَّا يَكونَ مِنْ هُواةِ الأَضواء، بَل مِمَّنْ يَهوونَ السَكينَةَ وَالصَلاة. مِمَّن لا يَستَمِعونَ إِلى مَشورَةِ الشِرّيرينَ، وَلا يَتَوَقّفونَ في طَريقِ الخاطِئينَ وَلا يَجلِسونَ في مَجالِسِ الساخرينَ، بَلْ مَنْ يَستَمِعونَ إِلى صَوتِ اللهِ، إِلى وَصاياهُ، لِيَعمَلوا بِها، فَيُثمِرونَ ثِمارًا تَدُلُّ عَلى تَوبَتِهِم. بِإِمكانِنا أَن نَبقى في دَوَّامَةِ الأَخبارِ وَالأَحداثِ السِياسِيَّة وَالإِجتِماعِيَّة وَشُؤون العَمَل وَالوَظيفَة، وَلَكِنَّنا نَبقى بَعيدينَ عَنْ تَذَوُّقِ كَلِمَةِ اللهِ الَّتي وَحدَها بِقُوَّةِ الرّوحِ القُدُس تُعطينا السلامَ وَالتَعزِيَةَ وَالمَعنى.

يَقولُ لَنا الإِنجيليّ لوقا أَنَّ كَلِمَةَ اللهِ كانَت إِلى يوحَنَّا بنِ زَكَرِيَّا في البَرِيَّة، وهذا يَعني أَنَّهُ عرَفَ الكَلِمَة وَدَخَلَ في عَلاقَةٍ شَخصِيَّةٍ مَعَها إِلى حَدٍّ أَصبَحَ لَها خَادِمًا أَمينًا صَوتًا وَرِسالَةً وَشَهادَةً. نَحنُ أَيضًا في زَمَنِ المـَجيءِ هذا مَدعُوّونَ لِأَن نَتَعَرَّفَ عَلى كَلِمَةِ الله، وَأَن نَسمَحَ لَها أَن تُصلِحَنا وَأَن تُوَجِّهَنا، فَنُعِدَّ الطَّريقَ أَمامَ الرَّبّ. حَياتُنا تُشبِهُ الطَّريق، هيَ بِمَثابَةِ مَسارٍ وَإِتِّجاهٍ نَسلُكُهُ مِنْ خِلالِ قَناعاتِنا وَالتِزاماتِنا وَتَصَرُّفاتِنا وَأَقوالِنا وَأَفعالِنا. عِندَما نَسمَع صَوتَ يوحَنَّا المـَعمَدان في بَرِيَّةِ قُلوبِنا حَيثُ نَكونُ لِوَحدِنا في مُواجَهَةِ أَنفُسِنا، نَكتَشِف أَنَّنا مَدعوّينَ إِلى مُلاقاةِ المـَسيح في وَسَطِ طَريقِنا أَي حَياتِنا.

غالِبًا ما نَسُدُّ السُبُل الَّتي يُحاوِلُ اللهُ أَن يَأتي بِواسِطَتِها إِلَينا، وَأَوَّلُها عَدَمَ الإِصغاءِ إِلى صَوتِهِ فينا أَو بِالكَنيسَةِ أَو بِالآخَرين، وَعَدَمَ الإِيمانِ بِحُضورِهِ وَبِقُوِّةِ كَلِمَتِهِ، بالإِضافَةِ إِلى تَمَسُّكنا العَنيد بِأَنانِيَّتِنا وَبِقَناعاتِنا الشَّخصِيَّة وَبِتَعَلُّقاتِنا وَعاداتِنا. أَن نُعِدَّ طَريقَ الرَّبّ هذا يَعني أَن نَسلُكَ وَفقًا لِمَشيئَتِهِ وَوَصاياه، فَنَعيشَ المـَحَبَّةَ وَالمـُصالَحَةَ مَعَ بَعضِنا البَعض. لَقَد نادى يوحنّا المـعمَدان بِمَعمودِيَّةِ التوبَة لِغُفرانِ الخَطايا، وَهَذِهِ المـَعمودِيَّة هيَ الخُطوَةُ الأُولى في إِعدادِ طَريقِ الرَّبّ، وَالَّتي بِواسِطَتِها نَتَخَلَّى عَنْ أَنانِيَّتِنا لِيَكونَ الرَّبُّ هوَ الأَوَّلُ في حَياتِنا. مِنْ هُنا نَفهَم أَهَمّيَّة الكُفر بِالشّيطان وَبِكُلّ أَعمالِهِ وَأَقوالِه، وَأَهَمِيَّة إِعلانُ الإِيمان بِمَحَبَّةِ اللهِ وَصَلاحِهِ وَغُفرانِهِ.

الطريقُ الَّذي يُوصِلُنا إِلى المـَسيح هوَ إِتِّباعَ إِنجيلِهِ المـُقَدَّسَ لِأَنَ كَلامَهُ لَنا هوَ روحٌ وَحَياة، هذا ما يُصلِح نُفوسَنا، فَلا نَبقى في دائِرَةِ إِدانَةِ وَانتِقادِ الآخرين، وهذا ما يَجعَلُنا يَومًا ما أَشباهَ يوحَنَّا المـَعمَدان أَصواتًا قَوِيَّة تَشهَدُ لله بِالحَقِّ وَالمَحَبَّة، بَعدَما نَكونُ قَدْ سَمِعنا وَمَيَّزنا وَاختَرنا صَوتَ اللهِ العَذبَ فينا، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!