تابعونا على صفحاتنا

مقالات

إنتِظارُ الرَّبّ سَهَرٌ دائِم في الصلاةِ وَاليَقَظَة!

لَطالَما انتَظَرَ شَعبُ اللهِ أَيْ اليَهود مَجيءَ المـَسيح، كَرَبٍّ وَمُخَلِّصٍ، وَكَمَلِكٍ يَبسُطُ سُلطانَهُ وَمَلكوتَهُ عَلى شَعبِهِ، فَيَحفَظَهُمْ بِأَمانٍ وَسَلام. حَتَّى هَذِهِ السّاعَة ما زالوا يَتَرَقَّبونَ مَجيئِهِ، وَنَحنُ الَّذينَ عَرَفنا وَآمَنَّا بِتَجَسُّدِ الكَلِمَة إِبنَ اللهِ الوَحيدَ، الرَّبَّ يَسوعَ النّاصريّ، المـَشيحا، مُنذُ أَكثَر مِنْ أَلفَي سَنَةٍ، وَفقًا لِوعودِهِ وَلِعَهدِهِ كَما جاءَ في الكُتُب، وَوَفقًا لِلأَنبِياء أَصبَحنا انطِلاقًا مِنْ قِيامَتِهِ وَصُعودِهِ إِلى السّماءِ في حالَةِ انتِظارٍ وَتَرَقُّبٍ دائِم لِمَجيئِهِ الثّاني.

في المـَجيءِ الأَوَّل، أَيْ عِندَما تَجَسَّدَ اللهُ الكَلِمَة، عَرَفنا أَنَّهُ المَحَبَّة، وَأَنَّهُ قَدْ صارَ إِنسانًا، صارَ واحِدًا مِنَّا، شابَهَنا في كُلِّ شَيءٍ ما عَدا الخَطيئَة، لِكَيْ نَصيرَ بِدَورِنا فيهِ وَبِنِعمَتِهِ وَبِقُوّةِ روحِهِ القُدّوس أَبناءً لله. يَدعونا يَسوع في الإِنجيل لِنَتَرَقَّبَ مَجيئَهُ الثّاني بِصِفَتِهِ “إِبنَ الإِنسان”، أَيّ الدَيَّان، لأَنَّهُ مِقياسُ حَياتِنا بِرُمَّتِها. وَآخِرُ نِداءٍ وَجَّهَهُ المَلائِكَةُ إِلى الرُّسُلِ عِندَ صعودِ يَسوع إِلى السّماءِ كانَ هذا: “أَيُّها الجَليليّون، ما لَكُم قائمينَ تَنظُرونَ إِلى السّماءِ؟ فَيَسوعُ هذا الَّذي رُفِعَ إِلى السّماءِ سَيَأتي كَما رَأَيتُموهُ ذاهِبًا إِلى السّماء”.

نَحنُ اليَومَ بَعدَ صُعودِهِ إِلى السّماءِ بِأَلفَيْ سَنَةٍ نَسأَل هَل حَقيقَةً سَيعودُ مَرَّةً ثانِيَة مِنْ جَديد؟ مَتى وَكَيف وَلِماذا؟ لا نَستَطيعُ البَتَّة أَن نُشَكِّكَ بِما قالَهُ لَنا، لِأَنَّنا قَدْ عَرفناهُ أَنَّهُ الحَقّ وَأَنَّهُ القِيامَة، فَلا لِبْسَ وَلا كَذِبَ في كَلامِه. لا مَحالَة سَيعودُ مِنْ جَديد. أَمَّا متى وَكَيف لَمْ يُعطِنا جَوابًا واضِحًا، بَلْ أَعطانا إِشاراتٍ تَدُلُّنا عَلى مَجيئِه. الجَوابُ الَّذي نَملُكُهُ هوَ لِماذا سَيعودُ مِنْ جَديد، ذَلِكَ لِأَنَّهُ المـَسيحَ المـُخَلِّص الَّذي أُولِيَ كُلَّ سُلطانٍ في السَّماءِ وَعلى الأَرض، إِنَّهُ ابنُ الإِنسان وَابنُ اللهِ حَقًّا، هوَ ألديّانُ العادِل.

إِنطِلاقًا من السَبَب الأَساسيّ للمـَجيء الثّاني، وَعلى ضَوءِ مَجيئِهِ الأَوَّل، أَصبَحنا مَدعوّينَ لِنَكونَ في حالَةِ سَهَرٍ وَتَرَقُّبٍ بِالصّلاةِ وَاليَقَظَة أَوَّلًا لِحُضورِهِ في حَياتِنا لأَنَّهُ العِمّانوئيل، وَثانِيًا لِمَجيئِهِ كَدَيَّانٍ عادِل. هَذا الأَمر يَدفَعُنا لا لِلخَوفِ مِنَ اللهِ، بَلْ للتَّمَسُّكِ بِالخَلاصِ الَّذي أَعطانا إِيَّاهُ بابنِهِ يسوع. وَنَحنُ في حالَةِ الإِنتِظارِ هذا، نَتَوَسَّلُ تَحقيقَ مَلَكوتِهِ وَمَشيئَتِهِ في حَياتِنا، مُعِدّينَ أَنفُسَنا بِالتَّوبَةِ الصادِقَة لِنَكونَ أَهلًا لِميراثِ مَلَكوتِهِ الأَبَديّ.

مَع آخِرِ نِداءٍ وَجَّهَهُ المَلائِكَةِ للرُّسُلِ نَفهَم أَنَّهُ سَيَأتي بمِلءِ سُلطانِهِ مُظهِرًا مَجدَهُ بِإِنسانِيَّتِنا الَّتي اتَّخَذَها، وَالَّتي حَرَّرَها وَخَلَّصَها وَافتداها وَمَجَّدَها، لِذَلِكَ تَدعونا الكَنيسَة في زَمَنِ المـَجيءِ لِنَتَرَقَّب مَجيئَهُ الثّاني على ضَوءِ مَجيئِهِ الأَوَّل، فَيُصبِحَ تَركيزُنا وَإِهتِمامُنا مُصَوّبًا على حَدَث التَجَسُّد، وَنُصبِح مَدعوّينَ لِنَكونَ بِدَورِنا تَجَسُّدِيّينَ أَيْ أَشخاصًا يَعيشونَ إِيمانِهِم في حَياتِهِم اليَوميَّة عَلى ضَوءِ الرَّجاء واستِعدادًا للمَلَكوتِ الأَبَديّ.

يُحذِّرنا الرَّبَّ يَسوع مِنَ أَن يُثقِلَ قُلوبَنا القُصوفُ وَالسُّكرُ وَهمومُ الحَياةِ الدُّنيا، فَنَجهَلَ دَعوَتَنا للخلاص. إِنطِلاقًا مِنْ تَسمِيَتِهِ لِمَداخِلِ التَّجرُبة هذِهِ في حَياتِنا نَجِدُهُ يُؤَكِّد لَنا عَلى مَعرِفَتِهِ لِواقِعِ حَياتِنا البَشَرِيَّة وَللمَخاطِرِ وَالخَطايا وَالتَّجارِبِ المـَوجودَة في عالَمِنا وَمُجتَماعاتِنا. تَحذيرُهُ لَنا يُشبِه تَمامًا التَّحذيرَ الَّذي وَجَّهَهُ لِآدَمَ وَحَوَّاءَ في الفِردَوس.

عِندَما نُصغي إِلى كَلِمَتِهِ بِإِيمانٍ، نُصبِح عَلى أُهبَةٍ لِنَعَمَلَ بِوَصِيَّتهِ فَنَكونَ يَقِظينَ، ساهرينَ وَمُصَلّينَ. كُلُّ مَنْ تَجاوَبَ مَع دَعوَةِ الرَّبِّ هَذِهِ يُدرِكُ تَمامًا نِعمَةَ الصّلاةِ الَّتي تَجعَلَهُ في عَلاقَةٍ حَيَّةٍ مَع الله، فَيَنهَلَ مِنْ مَعرِفَتِهِ وَحِكمَتِهِ، فَيُصبِحَ سَهَرَهُ إِدراكًا وَتَمييزًا، فَيَجِدَ ثَباتَهُ بِسَلامِ المـَسيحِ وَتَعزِيَتَهُ بِكَلامِهِ المـُحييّ. فَيَنزَعَ عَنْهُ رَهبَةَ الشَّكِ وَالرّيبَةِ وَالخَوفِ مِنْ مَجيئِهِ الثَّاني، لِيَبَقى مُستَعِدًّا بِشَوقِ المـَحَبَّة وَتَوقِ الخَلاصِ وَالرَّغبَة الصادِقَة بِاللّقاء، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!