تابعونا على صفحاتنا

مقالات

هَل هُناكَ مِن عَلاماتٍ تَدُلُّ على مَجيءِ ابنِ الإنسان؟

مِن بَينِ الأَسئِلَة الَّتي يَسأَلُها الإِنسان، وَيَبحَث عَن أَجوِبَةِ لَها: مَتى يَنتَهي العالَم؟ وَكَيف؟ متى تَكونُ النِّهايَة؟ مَنْ يُطالِع الكُتُب الدينيَّة يَرى هذا السُؤالُ مَوجودٌ عندَ مُعظَمِ الدِيانات الّتي تُؤمِن بِالله. لِكُلِّ مِنها نَظرَتُها وَمَفهومَها الرّوحيّ وَاللّاهوتيّ الخاص. السُؤال الَّذي عَلَينا أَن نَسأَلَهُ عَلى أَنفُسِنا، لِماذا نُريدُ مَعرِفَةَ النِّهايَة؟ ما نَعرِفَهُ بِشَكلٍ واضِحٍ أَنَّ لِكُلِّ مِنّا يَومًا سَيَموتُ فيه. فَإِذا كُنَّا لا نَستَطيعُ تَحديدَهُ، فَلِماذا نُريدُ مَعرِفَة مَتى وَكَيف تَكونُ نِهايَةُ الجَميع وَالعالَم؟

عِندَما نَرجِعُ إِلى جَوابِ الرَّبَّ يَسوع حَولَ نِهايَةِ العالَم، نَجِدُهُ يَستَخدِمُ أُسلوبَ الأَدَب الرُؤيَويّ “الأَبوكاليبسيّ”. فَهو لا يَتَكَلَّم بِصيغَةٍ مُباشَرَةٍ عَنْ أَحداثٍ وَأَزمِنَةٍ تاريخيَّة فيما يَخُصُّ موضوع نِهاية العالَم. نَسمَعُهُ يَتَكَلَّمُ عَنْ دَمارِ هيكَل أورَشَليمَ قَبلَ حدوثِهِ، وَنَسمَعُهُ يَتَكَلَّمُ عَنْ الحُروب الَّتي تَطالُ الأُمَم، وَلَكِنَّهُ يَستَخدِمُ لُغَّةَ الرَّمزِ فيها جَميعًا، لِنَكونَ دائِمًا عَلى أُهبَةٍ واستِعدادٍ في التَّوبَة، وَيُقَدِّمُ لَنا عِبرَةً مُفادُها أَنَّ سُلطانَ اللهِ وَمَلكوتَهُ لَن يَقوى عَلَيهم أَحدًا.

عِندَما نَسمَعُهُ يَتَكَلَّم عَنْ ظُلمَةِ الشَّمسِ وَالقَمَر وَتَساقُطِ النُّجوم وَتَزَعزُع القوّات في السّموات، هوَ لا يَعنيها بِالمعنى الحَرفيّ، بَل يُشيرُ إِلى أُفولِ دَلالاتِها وَفقَ اعتِقاداتِ الأَديان القَديمَة وَالوَثَنِيَّة على أَنَّها آلِهَة وَثابِتَة وَغَيرَ مُتَزَعزِعَة، وَظُهورِ عَلامَة إِبنِ الإِنسانِ مَكانَها، أَيْ كَلَمِةُ اللهِ الثابِتَة وَالحَقَّة الَّتي لا تَزول.

إِنَّ الشَّمسَ وَالقَمر وَفقًا للكِتاب المـُقَدَّس قَدْ خَلَقَهُما اللهُ لِحُكمِ النَّهارِ وَاللَّيل، أَيْ بِهَدَف تَنظيمِ الزَّمَن وَالسّنين وَالفُصول وَالأَشهُر وَالأَيّام. الشّمسُ وَالقَمَر وَالنُّجوم وَفقًا للأَديانِ القَديمَة وَلِلوَثَنِيّين، هُم بِمَثابَةِ الآلِهَة الثابِتَة. عِندَما يُكَلِّمُنا الرَّبَّ يَسوع أَن سُقوطِهِم وَزوالِهِم، هوَ يَعني سقوطِ النِّظامِ القَديم، وَاضمِحلالِ الآلِهة القَديمَة، لِيَحِلَّ مَكانَهُما نِظامُ تَدبير اللهِ الخَلاصيّ، وَنشوء الزَّمَن المـَسيحانيّ مَعَ مَجيء “إِبنِ الإِنسان”.

إِبنُ الإِنسان بِحَسَب الكِتاب المُقَدَّس هو المُصطَلَح الَّذي يُعَبِّر عَنْ هُوِيَّة وَسُلطان المـَسيح المـُنتَظَر كَدَيَّانٍ. هذا هوَ أَكثَرُ مـُصطَلَحٍ عَرَّفَ مِنْ خِلالِهِ الرَّبَّ يَسوع عَنْ نَفسِه مَرَّاتٍ عَديدَة. إِنطِلاقًا مِنْ هُنا، أَكَّدَ عَلى هُوِيَّتِهِ كَإِلَهٍ حَقّ، وَإِنسانٍ حَقّ. وَأَيضًا أَشارَ عَلى حُلولِ الزَّمَن المـَسيحانيّ، الَّذي مَعَهُ افتُتِحَ مَلَكوتُ الله. إِذًا لَيسَ المـَوضوع هوَ وَصف دَقيق لِما سَيَحدُث عَلى مُستَوى الأَحداث الكونيَّة وَالزَّمَنِيَّة، بِقَدَر ما هوَ تَوجيه للدّخول في الزَّمَن المـَسيحانيّ الَّذي قالَ عَنهُ يَسوع أَنَّهُ قَريب، وَقَد تَحَقَّق بِتَجَسُّدِهِ وَآلامِهِ وَمَوتِهِ وَقِيامَتِهِ.

على ضَوءِ فَهمِنا لِتَعليمِ الرَّبَّ يَسوع، أَصبَحنا مَدعُوِّينَ لِئَلَّا نَضَع رَجاءَنا بِهَياكِلِنا الخاصَّة المُعَرَّضَة للدَّمارِ وَالسُّقوط، وَلا بِآلِهَةِ العالَم الَّتي يَعتَبِرُها ثابِتَةً مِثلَ الشّمسِ وَالقَمر. بَل عَلَينا أَن يَكونَ كُلَّ رَجاءَنا بِكَلِمَةِ اللهِ الَّتي هيَ لَنا روحٌ وَحَياة، وَهي لا تَزولُ أَبَدًا. أَضحى عَلَينا أَن نَقرَأَ حَياتَنا وَالأَحداثِ الَّتي تَجري في العالَم مِنْ حُروبٍ وَمَجاعاتٍ وَعُنفٍ وَقَتلٍ وَسِواها، عَلى ضَوءِ حُضورِ الرَّبِّ فيها، إِنَّهُ ابنُ الإِنسان الَّذي يَجمَع كُلَّ المُؤمِنينَ باسمِهِ أَيْنَما كانوا، لِيَمنَحَهُم الخَلاص.

إِنطِلاقًا مِنْ كِتابِ الطبيعَة وَمَثل التّينَة الَّتي لانَت أَغصانُها وَأَفرَخَت أَوراقَها، عَلَينا أَن نَقرَأَ عَمَل اللهِ في حَياتِنا. إِنطِلاقًا مِنْ كِتابِ أَحداثِ الحَياةِ وَالعالَم بِأَسرِهِ الَّذي لا يَعرِف دَيمومَةَ السّلامِ وَالأَمانِ وَالطُمَأنينَة، عَلَينا أَن نَقرَأ كَلِمَةَ اللهِ الحَقَّة الَّتي تُعطي قُلوبَنا دَفعًا مِنَ الإِيمان وَالرّجاءِ وَالمـَحَبَّة. التينَةُ تُمَثِّلُ شَعبَ اللهِ في الكِتابِ المـُقَدَّس، وَبالتالي عِندَما يُصبِح هذا الشَعب مُستَعِدًا لِقَبولِ كَلِمَة الخلاص سَيَرى حضورَ ابنِ الإِنسان فاعِلًا. وَمتى وَضَعنا كامِل ثِقَتَنا بِالرَّبّ لا تَعُد تُؤَثِّر عَلَينا كُلّ تَغَيُّراتِ العالَم الجَذرِيَّة، لِأَنَّنا ما عُدنا نَحيا لِأَنفُسِنا، بَل لِمَنْ ماتَ وَقامَ مِنْ أَجلِنا. وَلِأَنَّنا مَعَ المَـسيح ابنِ الإِنسان عَرَفنا الحَقَّ في مَحَبَّتِهِ اللَّامُتناهيَة. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!