موقع Allah Mahabba كَيفَ باستِطاعَتِنا أَن نَكونَ مَع أَنفُسِنا وَلَيسَ ضِدَّها؟!
يُخبِرُنا الإِنجيل أَنَّ تَلاميذ الرَّبّ صُدِموا عِنَدما وَجَدوا واحِدًا خارِجًا عَنْهُم، يَطرُدُ بإِسمِ المـَسيح الشَياطينَ. لَقَدْ ظَنَّوا أَنَّهُم مُمَيَّزونَ عَنْ سِواهُمْ لِأَنَّهُمْ خاصَّةُ الرَّبّ، وَأَنَّ ما لَدَيهِمْ مِنْ نِعمَةٍ وَسُلطانٍ لَيسَت عِندَ سِواهُم. أَلَيسَ هذا ما يَحدُثُ مَعَنا، إِذ نُمَيِّز أَنفُسَنا عَنْ سِوانا، فَقَط لِأَنَّنا مَسيحيّين؟ إِذا تَتَبَّعنا سِياقَ النَّصّ الإِنجيليّ لَدَى القِدّيس مَرقُس، نَكتَشِف أَنَّنا قَدْ نَكونُ أَعداءً لِنُفوسِنا وَسَبَبٍ عَثَرَةٍ لَها، وَذَلِكَ لِأَنَّنا نَدَع أَهواءَنا وَنَقائِصَنا تَعمَلُ فِعلَ الإِرادَةِ في حَياتِنا.
بَعدَما أَجابَ يَسوع عَلى التّلاميذ بِقَولِه: “مَن لَم يَكُن عَلَينا كانَ مَعَنا”، يُكَلِّمُهمْ عَنْ مَوضوعَين: مُكافَأَةَ مَنْ يَقبَلُهُم على أَنَّهُمْ لِلمَسيح، وَالعَثَرَة أَو التَّجرُبَة الَّتي تَتَأَتَّى مِنَ النَّفسِ بِذاتِها، وَالَّتي عَلَيهِم أَن يَستَأصِلوها مِنها. إِنطِلاقًا مِن سِياقِ النَّص الإِنجيليّ نَجِدْ تَرابُطًا بَينَ قُدرَة إِسم يَسوع وَالشّهادَة لَهُ، وَالتَخَلُّص مِنْ العَثَرَة أَو الرّذيلَة الكامِنَة في النَّفس.
مَن يَطرُدُ الشّياطيَن باسمِ المـَسيح، وَهوَ لَيسَ مِنْ خاصَّتِهِ، هوَ يُؤَكِّدُ عَلى أَمرَين: قُدرَة إِسم المـَسيح وَسُلطانَهُ، وَإِيمانَهُ وَالتِزامَهُ بِهِ. بالتَّالي هذا الإِنسان وَإِن لَمْ يَكُنْ مِنْ تَلاميذِ الرَّبّ، أَو إِن لَمْ يَكُنْ مَسيحيًّا مُعَمَّدًا، فَهوَ يُؤمِن وَيَعرِف مَصدَرَ الخَيرِ وَالنِّعمَة وَالخَلاص، مِنْ خِلالِ إِسمِ يَسوع المـَسيح. هذا يَعني أَنَّهُ قَدْ استَأصَلَ ما في نَفسِهِ مِنْ بَراعِمِ الرَّذيلَةِ وَالخَطيئَة، لِئَلَّا يَكونَ سَبَبَ عَثَرَةٍ، بَل لِيَكونَ شاهِدًا لإِسمِ المـُخَلِّص الحَقيقيّ يَسوع المـَسيح. المـُمَيَّز هُنا، أَنَّ هذا الإِنسان وَإِن لَمْ يَعرِف المـَسيح على المـُستَوى الشّخصيّ، فَهوَ قَدْ اختَبَرَ وَعَرَفَ قُوَّةَ حُضورِهِ الحَيّ في حَياتِه عَلى مُستَوى الإِيمان. هذا ما نَحنُ مَدْعُوُّونَ إِلَيه، أَن نُدرِكَ قُوَّةَ إِسمِ يَسوع المـَسيح الخَلاصيّ. كَما أَنَّنا مَدعُوِّينَ لِأَنْ نَستَأصِلَ مِنْ نُفوسِنا كُلَّ رَذيلَةٍ وَكُلَّ خَطيئَةٍ تُؤَدِّي لِأَن نَكونَ سَبَبَ عَثَرَةٍ لِأَنفُسِنا وَمِن ثُمَّ لِلآخَرينَ الَّذينَ نَلتَقيهِم في حَياتِنا.
يُشَدِّدُ الرَّبَّ يَسوع في تَعليمِهِ عَلى أَهَمِّيَّة العَمَل عَلى استِئصالِ الرَّذيلَة الَّتي تَفتُكُ بِالنَّفس، وَالَّتي تَمْنَعُها عَنْ عَيشِ مُقَوِّماتِ الإِيمانِ وَمَفاعيلَهُ المـُحييَة. مِنْ هُنا مَشيئَةُ الرَّبّ أَلَّا نَكونَ مَسيحيّينَ مُزَيَّفينَ، أَي مُرائينَ نُجيدُ التّمثيلَ عَلى أَنفُسِنا وَعَلى الآخَرين، وَهُنا أَكبَرُ الخَطايا وَأَشنَعُها، لِأَنَّنا نَعيشُ في الكَذِب. المـَسيحُ يَدعونا لِنكونَ مُجاهِدينَ وَمُقاوِمينَ لِلخَطيئَةِ الَّتي فينا. مَن يَيأَس مِنْ ضُعفِه وَمَنْ يَخافُ مِنَ الشِرَّير، وَمَنْ يَعيشُ في الكَسَلِ وَاللَّامُبالاة، لا يَستَطيعُ أَبَدًا أَن يُؤتي ثَمَرًا روحِيًّا، لِأَنَّهُ في حالَةِ المـَوتِ الرُّوحيّ.
مِن هُنا نَستَطيعُ أَنَّ نَفهَم أَنَّ يَسوع يَدعونا لِنُواجِهَ أَنفُسَنا، لِئَلَّا نُسقِط ما فينا مِنْ ضُعفٍ وَخَطيئَة عَلى الآخَرين، وَنَكونَ سَبَبَ عَثَرَةٍ لَهُم. هوَ يَدعونا لِئَلَّا نَكونَ مِثالًا في المـُجتَمَع إِنطِلاقًا مِنْ إِرضاءِ مُتَطَلِّباتِ المـُجتَمَع الأَخلاقِيَّة، بَل لِنَكونَ حَقيقيّينَ وَلِنَكونَ طِبقًا لِصورتِهِ كَمِثالِهِ، عَنْ طَريقِ عَيشِ مَفاعيل إِيمانِنا بِهِ.
لَنْ نَستَطيعَ دخولَ مَلَكوتَ اللهِ، إِذا لَمْ نُرِد أَن نَحيا فيه. إِذا لَمْ نَقطَع ما فينا مِنْ شُرورٍ وَرَذائِلَ وَخَطايا، لِتَملُكَ عَلَينا مَحَبَّةُ الله، لِذَلِكَ عَلَينا أَوَّلًا أَن أَنَّنا خَطَأَة وَأَنَّ الخَطيئَةَ تَعمَل في نُفوسِنا وَتُأَثِّرُ عَلَينا وَعلى الآخرين. مَلَكوتُ اللهِ الَّذي يَدعونا الرَّبَّ يَسوع إِلى دُخولِهِ لَيسَ مَكانًا، بَلْ حالَةً روحِيَّةً ووجودِيَّةً وَعَلائِقيَّة مَع أَنفُسِنا وَمَعَ الآخرينَ وَمَعَ أَبانا السّماويّ، مِنْ خِلالِ الإِيمانِ بِالإِبنِ الوَحيدَ الرَّبَّ يَسوع المـَسيح، وَالإِتِّحادِ بِهِ عامِلينَ بِوَصاياهُ وَبِتعَليمِهِ الخَلاصيّ، حَيثُ تَجتاحُنا مَحَبَّتَهُ الفائِقَة. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!