موقع Allah Mahabba سؤء فَهمِ التلاميذ عَقَبَة أَمامَ يَسوع لِفَهمِ مَشيئَتِهِ؟!
إِنَّ أَكثَرَ الأُمورِ الَّتي تُؤَثِّرُ بِشَكلٍ قَويٍّ عَلى عَلاقاتِنا وَعَلى نَظرَتِنا لِلحَياةِ وَعَلى فَهمِنا لِمَشيئَةِ اللهِ عَلَينا، هوَ سُوء الفَهم، الَّذي يَتَأَتَّى مِنْ مَحدودِيَّةِ العَقلِ وَالمـَنطِق، وَبِسَبَبِ أَحلامِنا الوَهمِيَّة وَرَغباتِنا وَتَطَلُّعاتِنا الخاطِئَة. صَحيحٌ أَنَّ الشَّعبَ الواحِد يَستَخدِم لُغةً واحِدَة، وَلَكِن عِندَما نَتَوَقَّف عِنْدَ فَهمِ المُفرداتِ وَتَفسيرِها، نَكتَشِف أَنَّ كُلَّ فَردٍ مِنَ الجَماعَة تُشَكِّلُ لَهُ الكَلِمة الواحِدَة مَفهومًا خاصًّا بِهِ وَحدَهُ.
عِندَما نَتَأَمَّل في مَسيرَةِ تَنشِئَة وَتَعليمِ الرَّبَّ يَسوع لِتَلاميذِهِ، نَكتَشِفُ أَنَّهُ عَلى مِثالِنا قَد عَانى مِرارًا مِن عَثَرَةِ عَدَم وَسوء الفَهم. ظَلَّ مُثابِرًا عَلى إِيضاحِ المَعنى الصّحيح وَالتّوجيه الصائِب. في الوَقتِ الَّذي يُكَرِّر فيهِ يَسوع تَعليمَهُ حَولَ الهُوِيَّة المـَسيحانِيَّة، وَأَنَّهُ يَجِبُ على ابنِ الإِنسانِ أَن يَتَأَلَّم وَيَموت، نَرى التلاميذ يَتَشاجَرونَ وَيَتَجادَلونَ فيما بَينَهُم، باحِثينَ عَمَّن هوَ الأَكبَر فيما بَينَهُم، مِن مُنطَلَق المَكانَة الخاصَّة في العَلاقَةِ مَعَ الرَّبّ. ما زالوا يَنظُرونَ إِلى يَسوع عَلى أَنَّهُ المـَسيحُ كَمَلِكٍ زَمنّي.
عِندَما نَتَأَمَّل في هَذِهِ الواقِعَة، نَكتَشِفُ أَنَّنا في العُمقِ عَلى مِثالِ التَّلاميذ، نَنظُر إِلى الرَّبَّ انطِلاقًا مِمّا نَحنُ عَلَيهِ، وَلَيسَ عَلى مُستَوى مَنْ هوَ في ذاتِهِ حَقًّا، وَماذا يُريدُ أَن يَصنَعَ لِأَجلِنا. يَكفينا أَن نَتَأَمَّل في نَوعِيَّةِ طَلَباتِنا مِنْهُ، وَماذا نُريدُ أَن نَكونَ مَعَهُ، لِنَكتَشِفَ أَنَّنا نُريدُ خَيرِنا الشَّخصيّ أَوَّلًا، قَبلَ أَيِّ شَيءٍ آخر.
كَمْ مِنَ المـَرَّات نَطلُبُ خَيرَنا الشّخصيّ عَلى حِسابِ خَيرِ الآخَرين؟ إِنطِلاقًا مِنْ هُنا نَجِدُ في تَعليمِ الرَّبَّ يَسوع عُنصُر التَّمييز الَّذي يُساعِدُنا عَلى فَهم وَإِدراك مَعنى الحُبّ وَمَعنى الحَقّ وَمَعنى الخَير. في الوَقتِ الَّذي يَتَجادَلونَ التَّلاميذِ فيمَن هُوَ الأَكبَر فيما بَينَهُم، وَمَفاهيمُ العالَم تَقولُ لَنا: الأَكثَر ثَراءً، وَجمالًا، وَقُوَّةً وَسُلطَةً وَذَكاءً… نَسمَع يَسوع يُعَلِّمُنا عَكسَ ذَلِكَ، إِذ يَدفَعُنا إِلى التَّواضُع حَيثُ نُدرِكُ حَقيقَةَ أَنفُسِنا عَلى ضَوءِ لاهوتِهِ وَناسوتِهِ.
إِنَّ البَحثَ عَنْ المَـكانِ الأَوَّل بِحَسَبِ فِكرِ العالَم وَروحِهِ، أَوَّلًا يَنطَلِقْ مِنْ شَرارَةِ الخَطيئَة الأَصلِيَّة وَهي الغيرَة. لَقَد غارا آدَمَ وَحَوَّاء مِنَ اللهِ لِأَنَّهُ اللهَ، وَأَرادوا أَلَّا يَكونوا أَنفُسَهُم بَل أَن يُلغوا وجودَهُ لِيَكونوا هُمْ مَكانَهُ في المَكانِ الأَوَّل، فَعَرَفوا السُقوط. أَن نَكونَ أَنفُسَنا عَلَينا أَن نُقِرَّ أَنَّنا مَخلوقينَ على صورَةِ اللهِ كَمِثالِهِ، وَكُلُّنا أَبناءٌ لَهُ، وَبالتَّالي الجَميع إِخوَةٌ لَنا، فَلَسنا مَدعوّينَ إِلى الغيرَة وَالمُقارَنَة وَالمُنافَسَة، بَل إِلى المَحَبَّة وَالتعاون وَالخِدمَة.
نَصِل لِنَقول أَنَّ فَهمَنا الخاطِئ لِمَشيئَةِ الرَّبّ وَلِتَعليمِهِ وَلِعَمَلِهِ الخَلاصيّ، يَتَأَتَّى مِنْ عَدَمِ فَهمِنا لِهُوِيَّتِنا الحَقيقيّة وَلِمَحدودِيَّة طَبيعَتِنا البَشَرِيَّة، وَلِجَهلِنا لِقُدرَةِ الروحِ القُدُسِ القادِرِ عَلى تَقديسِنا. إِذا أَرَدنا الحِفاظَ عَلى فِكرِ العالَم وَروحِهِ سَنَبقى في دائِرَةِ الغيرَة وَالعداء وَالمُنافَسَة السلبِيَّة، سَنَبقى في حالَةِ الخَطيئَة، مَسجونينَ في الإِنسانِ القَديم. أَمَّا إِذا قَبِلنا تَعليمَ الرَّبّ يَسوع لَنا، وَقَبِلنا أَن نَكونَ مُتَواضِعينَ وَبُسَطاءَ بِالرُّوحِ بِصفاءِ النِيَّةِ وَالقَلب، سَيُحَرَّرُ الإِنسانُ الجَديد فينا، وَسَنَعرِفُ مَذاقَ الفَرَح وَالسّلامِ السّماويّ. هذا هوَ البابُ الضَيِّق، الَّذي يَجعَلُنا نَقبَل حَقيقَةَ آلامِ الرَّبّ الخَلاصيَّة، وَالَّذي يَجعَلُنا نَسعى لِنَكونَ خُدّامًا لِلجَميع، لِأَنَّنا سَنعرِف الحَقَّ في صَميمِ المَحَبَّة.
مَع دَعوَةِ يَسوع لَنا لِنَعودَ فَنَكونَ أَطفالًا، لِنَعرِفَ البَساطَة الإِنجيليَّة، نَتَعَلَّمُ أَنَّهُ يَجِب عَلَينا أَن نَتَّخِذَ تعَليمَهُ وَفِكرَهُ وَمِثالَهُ مَرجَعًا لَنا، وَلَيسَ فِكرَ العالَم، وَلا إِرادَتَنا الذاتِيَّة، الَّتي تَسعى دومًا وَبِشَكلٍ خاطِئ إِلى المَكانِ الأَوَّل بَعيدًا عَن المَحَبَّة. آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!