تابعونا على صفحاتنا

مقالات

وَحدَهُ يسوع قادِر على حَلِّ عُقَدِنا وَشِفاءِ أَمراضِنا!

عِندَما نَقرأُ الإِنجيلَ المـُقَدَّس، نَرى الرَّبَّ يَسوع بِمَثابَةِ المـُعَلِّم الحَكيم، وَالطّبيب الشّافي، وَالمِثال وَالقُدوَة في المـُجتَمَع عَلى مُستَوى القِيادَة وَعلى المـُستَوى الإنسانيّ. إِنطِلاقًا مِن هُنا، نَطرَح عَلى أَنفُسِنا السّؤال، حَولَ تَمايُز وَفَرادَة شَخصِيَّتِهِ المـُبهِرَة. هذا ما فَعَلَهُ آباءُ المـَجامِع المـَسكونِيَّة، بِهَدَفِ تَحديدِ إِيمانِنا المـَسيحيّ، انطِلاقًا مِنْ فَهمِنا لِسِرّ شَخص الرَّبَّ يَسوع، كَإِنسانٍ حَقّ وَكَإِلَهٍ حَقّ.

نَستَطيع اختِصارَ تَمايُز شَخصِيَّة الرَّبَّ يَسوع على المـُستَوى الإِنسانيّ، في إِيمانِهِ بِقُدرَةِ اللهِ الفاعِلَة، وَفي مَحَبَّتِهِ وَحُنُوِّهِ تُجاهَ الفُقَراءَ وَالمـَرضى وَالضُّعَفاء، مِمَّا جَعَلَهُ لِلخَيرِ ساعِيًا وَعامِلًا في كُلِّ آن. صَحيحٌ أَنَّ الشّفاءات الَّتي أَتَمَّها تُصَنَّفُ عَلى أَنَّها عَجائِبٌ وَمُعجِزات، تَحَثُّنا عَلى الإِيمان، وَلَكِنْ في الوَقتِ نَفسِهِ أَصبَحَتْ لَنا مَدرَسَةً في نَهجِ التَصَرُّف الصالِح القائِم عَلى المـَحَبَّة تُجاهَ بَعضِنا البَعض، وَبِخاصَّةٍ مَع الأَكثَر فَقرًا، وَمَرَضًا وَضُعفًا.

يُخبِرُنا الإِنجيليّ مَرقُس عَن جَولَة يَسوع التَبشيريّة في نواحي صورَ وَصَيدا وَعَودَتِهِ إِلى الجَليل، حَيثُ أَتَمَّ شِفاءاتٍ عَديدَة، مِنها شِفاءُ الأَصَمّ المَعقود اللِّسان، أَيْ أَنَّهُ أَصَمٌّ وَأَخرَس، ذاتُ مُصيبَتَين مُتَّصِلَتَينِ بِبَعضِهِما البَعض. يَتَوَقَّف الإِنجيليّ مَرقُس عِندَ هَذِهِ المـُعجِزَة لِيُروي لَنا طَريقَةَ حُدوثِها، وَهَكَذا يَكشِفَ لنا عَنْ تَصَرُّف الرَّبَّ يَسوع تُجاهَ ذاكَ الإِنسان.

أَوَّلًا، نَرى يَسوع يَتَجاوَب مَع طَلَب سائِلي الشّفاء. ثانِيًا، نَرى يَسوع يَأخُذ الإِنسانَ المـَريض عَلى انفِرادٍ، بِهَدَفِ مُعالَجَتِهِ. ثالِثًا، يُرينا الإِنجيليّ كَيفَ يَسوع عالَجَهُ عَن طَريق اللّمس، وَالتّفل في التُراب، وَالصلاة وَالكَلِمَة. مِن خِلال حَرَكَة هَذِهِ المـَحَطّات الثَلاث، نَتَعَلَّم كَيفَ عَلَينا أَن نَتَعامَل مَع بَعضِنا عِندَما نَكونُ في حالاتِ الضعف أَو حَتّى المـَرَض، أَو عِندَما نَكونُ بِحاجَةٍ إِلى مَشورَةٍ روحِيَّة أَو إِلى نُصحٍ أَو إِصلاحٍ أَخَويّ.

مَع تَجاوُب يَسوع، نَتَعَلَّم أَن نَكونَ عَلى جُهوزِيَّة وَاستِعداد للإصغاءِ لِحاجاتِ الآخَرين، وَعَدَمَ صَدِّهِم، شُعورًا مِنَّا أَنَّهُمْ مُزعِجون. مَع أَخذ يَسوع الأَصَمّ الأَبكَم عَلى انفِراد، نَتَعَلَّم أَنَّهُ عَلَينا احتِرام خُصوصِيَّة الأَشخاص وَحِفظِها بِأَمانَةٍ، تَقديرًا للثِّقَة وَتَقديسًا للمَحَبَّة. وَأَخيرًا مِنْ كَيفِيَّة مُعالَجَة الرَّبَّ يَسوع لِلأَصَمّ الأَبكَم، نَتَعَلَّم التعاطُف وَالتَّعاضُد الرُّوحيّ وَالإِنسانيّ، لِكَي نَكونَ في خِدمَة بَعضِنا البَعض إِنطِلاقًا مِن المـَواهِب المُعطاةِ لَنا، على أَساسِ المـَحَبَّة.

شِفاءُ يَسوع للأَصمّ الأَبكَم يُشيرُ إِلى حالَةِ كُلِّ إِنسانٍ مِنَّا وَإِن كُنَّا نَسمَعُ بِأُذُنَينا وَنَتَكَلَّمُ بِأَفواهِنا. طالَما نَحنُ لا نَضَع أَوَّلًا كَلِمَةَ اللهِ في آذانِنا، وَلا نُصغي لَها صِدْقًا في قُلوبِنا، لَنْ نَستَطيع أَن نَنطِقَ بِالحَقّ، فَنَبقى بُكمٌ. وَمَنْ يُلَوِّث سَمَعَهُ بِالكَلامِ الدّنيء وَالغَيرِ البَنَّاء، وَمَن يُعطي انتِباهَهُ لِلأُمور الغَيرِ المُتَّصِلَة بِالخَيرِ وَبِمَحَبَّةِ اللهِ وَالقَريب، لَنْ يَستَطيعَ أَن يَعمَلَ وَيَتَكَلَّم بِما هو مُفيدٌ لِلبُنيانِ وَلِلخَيرِ العام.

مِن خِلالِ هَذِهِ المـُعجِزَة، يُبَيِّنُ لَنا الرَّبَّ يَسوع، كَيفِيَّة الوِلادَة الرُّوحِيَّة، الَّتي تَبدَأ في خُلوَةِ الإِنفِتاحِ عَلى كَلِمَةِ اللهِ، وَالتَّتَلمُذِ لَهُ، حَتّى بُلوغِ الشَّهادَة بِالقَولِ وَالعَمَل. لَن نَستَطيعَ ذَلِكَ إِذا لَم نَطلُب مِنْهُ، وَإِذا لَمْ نُعطي وَقتًا لنِكَونَ مَعَهُ على انفِرادٍ. إِنَّها لَنِعمَةٌ عَظيمَةٌ لَنا أَن نَكونَ مَع يَسوع عَلى انفِرادٍ، وَأَن نَدَعْهُ يَلمُسُ أُذُنَينَا بِكَلِمَتِهِ، وَيَضَعَها عَلى شَفَتَينا لِتَبقى قَريبَةً مِنّا وَفي قُلوبِنا، فَتَوَحِّدَنا بِهِ دائِمًا، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!