تابعونا على صفحاتنا

مقالات

“القبرُ الفارِغ: يَسوعُ مَرَّ مُن هُنا، إِنَّهُ قام!”

لَقَد سَمِعنا الأَناجيل تُخبِرُنا عَنْ مَوتِ الرَّبَّ يَسوع، وَأَخبَرَتنا أَيضًا بصِراحَةٍ وَوضوح عَنْ مَكانِ القَبرِ، وَعَن الَّذينَ دَفَنوهُ: يوسُف الرَّامي ونيقوديموس، وَمتى حَدَثَ ذَلِكَ وَكَيف. أَيضًا شَهادَةُ المُؤَرِّخ اليَهوديّ يوسيفُوس تُؤَكِّد لَنا أَنَّ “شَخصًا يُدعى يَسوعُ النَّاصِري، صُلِبَ (أَيْ ماتَ) في أَيَّامِ حُكمِ بيلاطُس البُنطيّ”. إِذًا نَحنُ لَدَينا شَهادات تُؤَكِّدُ أَنَّ الرَّبَّ يَسوعَ المـَسيح قَد ماتَ، وَقَدْ دُفِن.

أَهَمِّيَّةُ القَبر أَنَّهُ الشَّاهِد الحِسّي، عَنْ حَقيقَةِ مَوتِ الشّخص الَّذي دُفِنَ فيهِ، طالَما جُثَّتُهُ مَحفوظَة. فَراغُ القَبرِ يَفهَمُهُ عَقلُنا إِمَّا أَنَّهُ لَم يُستَخدَم بَعد، أَوْ رُبَّما استُبيحَ بِطَريقَةٍ مُحَرَّمَة، فَسُرِقَتْ الجُثَّةَ مِنْهُ لِسَبَبٍ ما. شَهِدَت مَريَمُ المِجدَلِيَّة أَنَّ القَبرَ فارِغٌ، وَعَلِمَتْ أَنَّ التّلاميذ لَم يَأخُذوه، فَهُمْ مُختَبِؤونَ في العلّيَّة، وَأَيضًا سَبَقَ وَكانَ عَلى القَبرِ حِراسَةٌ مُشَدَّدَة. أَشاعَ اليَهودُ أَنَّ التَّلاميذ سَرَقوه، بَينما هُم حينَها كانوا خائِفين. وَعِندَما أَسرَعوا إِلى القَبرِ، صُدموا لَمَّا رَأوا “اللَّفائِفَ مَمدودَة، وَالمِنديل الَّذي كانَ حَولَ رَأسِهِ غَيرَ مَمدودٍ مَعَ اللَّفائِف، بَل عَلى شَكلِ طَوقٍ خِلافًا لَها، وَكان كُلُّ ذَلِكَ في مَكانِه”.

كَيفَ الرُّسُل بَشّروا بِالقِيامَة، وَأَعلَنوا لاحِقًا أَنَّهُم أَكَلوا وَشَرِبوا مَعَهُ مِثلَ أَيّ إِنسانٍ عادِيّ بَعدَ قِيامَتِهِ، فيما لَم يَرَهُ أَحَدٌ سِواهُم؟ كَيفَ لَنا أَن نُؤمِن أَنَّ المـَسيحَ قامَ مِن بَينِ الأَموات؟ وَإِذا افتَرَضنا أَنَّ قِيامَتُهُ كانَت بِالجَسَدِ، فإِلى أَينَ مَضى وَماذا فَعَل؟ وَإِذا كانَت قِيامَتُهُ انبِعاثًا حَيًّا للرُّوح، فأَينَ هوَ جُثمانُه؟

المـَسيحُ قامَ حَقًّا قام! آمين. القَبرُ الفارِغ مَعَ اللَّفائِفِ المـَمدودَة -الكَفَن المـَحفوظِ اليَوم في تورينو-، هوَ الإِشارَةُ الأُولى عَلى أَنَّ يَسوعَ دُفِنَ فيهِ، وَأَنَّ جُثمانَهُ لَم يُسرَقْ وَلَم يَعرِف الفَساد. إِنَّهُ قامَ مُمَجَّدًا بِالجَسَدِ وَالرّوحِ. لَم يَقُم بِالجَسَد غايَةَ أَن يَمضي مِن مَكانٍ إِلى آخَر. لَم يَقُمْ بِالجَسَد لِيَموتَ ثانِيَةً. قامَ بِالجَسَدِ مُمَجَّدًا لِيُقيمَنا مَعَهُ، وَهُنا نَفهَم مَعنى الخَلاص الَّذي حَقَّقَهُ مِنْ أَجلِنا. قِيامَتُهُ هي خَلق واقِع جَديد، يَتَخَطَّى صُلبَ واقِعِنا، وَتَسمو عَلى كُلّ العُلوم وَالنَّظَرِيَّاتِ وَالفَلسَفات، لِذَلِكَ لَن يَستَطيعَ العِلم أَن يُفَسِّرَها. قِيامَتُهُ هيَ بابُ المـَلَكوت الأَبَديّ، وَالدَّعوَةُ لِأَن نَحيا مَعَهُ مُنذُ الآن. قيامَةُ الرَّبَّ يَسوع، تَعني أَنَّهُ هوَ هوَ الأَمس وَاليَوم وَإِلى الأَبَد؛ إِنَّهُ الجالِس عَنْ يمين اللهِ الآب.

هَذِهِ القِيامَة الَّتي نَتَكَلَّمُ عَنها قَلَبت كُلَّ التَّاريخ، وَأَصبَحَت الأَساسِ الجَوهَريّ لِإِيمانِنا، مِثلَ الشّمسِ الَّتي تَدورُ حَولَها الأَرض. قُلنا أَنَّ يَسوعَ قامَ لِيُقيمَنا مَعَهُ، لِأَنَّهُ جَعَلَ مِنْ قِيامَتِهِ حَدَثًا عامًّا، يَعني كُلَّ البَشَريَّة. فَهوَ لَم يَقُم مِنْ أَجلِ ذاتِهِ، إِنَّما قامَ مِنْ أَجلِ جَميعِ النَّاس. يَقولُ القدّيس أُوغسطينوُس: “إِنَّ الجَميع يُؤمِنون أَنَّ يَسوع مات، حتّى الأَنذال يُؤمِنونَ بِذَلِكَ، وَلَكِن لا يُؤمِن الجَميع بِأَنَّهُ قام، وَلا يَكونُ المـَرءُ مَسيحيًّا ما لَم يُؤمِن بِذَلِكَ”.

عِندَما نَتَوَقَّفُ عِندَ ما حَدَثَ مَعَ التَّلاميذ الَّذينَ أَكَلوا وَشَرِبوا مَعَهُ بَعدَ القِيامَة، نُدرِكُ ثَمَرَةَ اللِّقاءَ بِيَسوع القائِمِ مِنْ بَينِ الأَموات. أَوَّلًا أَحياهُم بِقُوَّةِ روحِهِ القُدُّوس، إِذْ صاروا عَلى مِثالِهِ رُسُلًا باسمِهِ، وشُهودًا لَهُ حَتَّى الإِستِشهاد. ثانِيًا، غَرَسَ فيهِمِ “الرَّجاءَ الَّذي لا يُخَيِّبْ صاحِبَهُ”، فَأَصبَحَت حَياتَهُمْ وَرِسالَتَهُم مُتَّجِهَةً نَحو الحَياةِ الأَبَدِيَّة الَّتي اختَبَروها وَعَرَفوها في شَخصِ يَسوع المـَسيح الحَيّ وَالقائِمِ مِن بَينِ الأَموات. ثالِثًا، وَطَّدَ إِيمانَهُم وَثَبَّتَهُ على أَنَّهُ هوَ القُدُّوس إِبنُ اللهِ الحَيّ، الديّان وَالرّحيم.

أَيضًا يَقولُ القِدّيس أُوغسطينوس: “إِيمانُ المـَسيحيّين هوَ قِيامَةُ المـَسيح”. إِنطِلاقًا مِنْ هُنا إِعلانُ إِيمانِنا بِيَسوع المـَسيح كَإِبنٍ لله، وَعَلى أَنَّهُ قامَ مِن بَينِ الأَموات، لَيسَ هوَ ثَمَرَةُ فِكرٍ وَاعتِقادٍ عَقلانيّ أَو فَلسَفي. لَيسَ هوَ مُجَرَّدُ قَولٍ نَلفُظُهُ فَقَط لِنَعيشَ عَلى خِلافِهِ. إِعلانُ وَشَهادَةُ الكَنيسَة عَلى مَرّ التَّاريخ لِقِيامَةِ الرَّبَّ يَسوع مِن بَينِ الأَموات، بِشَهادَةِ الآباءِ وَالمُعَلِّمينَ وَالقِدّيسينَ وَالقِدّيساتٍ، هوَ دَعوَةٌ لَنا لِكَيْ نَختَبِرَ حُضورَهُ المـُحييّ وَالمُقَدِّس اليَومَ في حَياتِنا الشّخصيَّة. إِعلانُ القِيامَة يَعني أَنَّنا عَرَفنا أَنَّ يَسوع هوَ الطَّريقُ إِلى الآب، وَأَنَّهُ هوَ الحَقُّ المـُوَطَّد في الخَيرِ وَالمَحَبَّة، وَالَّذي تَجَلَّى لَنا في القِيامَة. إِنَّهُ هوَ حَياتُنا الأَبَدِيَّة، آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!