تابعونا على صفحاتنا

مقالات

رُفِعَ يَسوعُ على الصّليب لِتَكونَ لَنا الحَياةَ الأَبَدِيَّة!

في كَثيرٍ مِنَ المـَرَّات نَسأَل أَنفُسَنا عَنْ عَدالَةِ اللهِ، وَعَنْ مَوقِفِ اللهِ مِنَ الشُّرورِ الَّتي في العالَم، وَفي حَياتِنا الشَّخصِيَّة. نَتَساءَل إِنْ كانَ اللهُ رَحيمٌ أَم دَيَّان. وَعِندَما نُفَكِّرُ في هذا المـَوضوع لا نَستَطيع أَو لا نَقبَل الجَمع بَينَ رَحمَتِهِ وَعَدالَتِهِ. في هَذِه الحالَة نَبقى مُقَيَّدينَ في سَلاسِل أَفكارِنا الشّخصِيَّة وَمُعتَقداتِنا الخاطِئَة، وَلن نَستَطيعَ الخُروجَ مِنْها بِمـُفرَدِنا.

عَرَّفَ الفَلاسِفَة عَن اللهِ أَنَّهُ الخالِق وَالكائِنُ المـُطلَق مَبدأُ الوُجود الَّذي يَسمو على كُلّ المـَخلوقات. وَالأَديانُ الوَثَنِيَّةُ كُلٌّ مِنها وَضَعَهُ في قالِبٍ صَنَمِيٍّ مُحَدَّد. إِلَهُ إِسرائيل الإِلَهُ الحَيّ وَالحَقّ وَالقُدّوس عَرَّفَ عَنْ ذاتِهِ مِن خِلالِ عَلاقَتِهِ المـُباشَرَة بِالإِنسان، وَتَجَلَّى لَنا في شَخصِ يَسوعَ النَّاصِريّ. مِنْ هُنا كُوِّنَ الإِيمانُ المـَسيحيّ الَّذي أَساسُهُ لَيسَ نَتيجَةَ إِجتِهادٍ فَلسَفيّ، وَلا جَوابًا إِعتِراضِيًّا عَلى دينٍ مُعَيَّن كَما لَدى البَعض، بَلْ نَتيجَةً لِلكَشفِ عَن الوَحيّ الإِلَهيّ لِكَي نَدخُلَ في عَلاقَةٍ شَخصِيَّةٍ مَع مَنْ تَجَسَّدَ مِنْ أَجلِنا وَمِنْ أَجلِ خَلاصِنا.

عَرَفنا اللهَ عَلى أَنَّهُ مَحَبَّةٌ لامُتَناهِيَة، وَمَشيئَتُهُ أَن يَكونَ الكُلُّ في الخَيرِ وَالمـَحَبَّةِ وَالحَقّ وَالنُّور. لِأَنَّهُ مَحَبَّة أَتى إِلَينا بِالكَلِمَة المـُتَجَسِّدِ إِبنُهُ الوَحيد الرَّبَّ يَسوع. لِأَنَّهُ مَحَبَّة لَمْ يَستَثني أَحَدًا مِنْ مَحَبَّتِهِ حَتَّى الخَطَأَة وَالأَكثَر هَشاشَةً وَضُعفًا وَفَقرًا وَنَقصًا، كُلُّهُم ضَمَّهُم إِلَيهِ عِندَما رُفِعَ على الصَّليب كَما رُفِعَت الحَيَّةُ النُّحاسِيَّة عَلى يَدِ موسى في البَرّيَّة. أَصبَحَ تَجَسُّدُهُ وَمَوتُهُ عَلى الصَّليب الدَّواءَ الشّافي لِما فينا مِن ضُعفٍ وَنَقصٍ وَخَطيئَةٍ وَمَوت.

الخَلاص الَّذي أَرَادَهُ لَنا الرَّبَّ يَسوع لا يَقِفْ عِندَ شِفاءٍ مِنْ مَرَضٍ ما، أو تَخَلُّصٍ مِنْ مُصيبَةٍ ما، بَل عَنى فيهِ حُرِّيَّةَ قَلبِنا بِقُوَّةِ مَحَبَّتِهِ وَبُلوغَنا الحَياةَ الأَبَدِيَّة. غالِبًا ما نَظُنُّ أَنَّهُ إِذا كانَ اللهُ يُحِبُّنا تَكونُ حَياتُنا عَلى الأَرضِ سَماءً، وَتَجري فيها أُمورُنا على ما يُرام. حَياتُنا مَعَ المـَسيحِ عَلى الأَرض يوجَدُ فيها الأَلَم وَالصَّليب وَالتَعزيَةُ وَالقيامَة.

قَبولُنا خَلاصَ الرَّبَّ يَسوع يَعني أَوَّلًا الإِيمانَ أَنَّهُ ابنُ اللهِ الحَيّ الَّذي دَخَلَ في قَلبِ تاريخِنا البَشَريّ، وَفي واقِعِ حَياتِنا الزمنيَّة. دُخولُ الرَّبَّ يَسوع في حَياتِنا أَظهَرَ لَنا ثَلاثَةَ أُمورٍ أَساسِيَّة: مَحَبَّةُ اللهِ الثالوثِ الأَقدَسِ لنا، وَمَعنى الدّينونَة، وَحُرِّيّةُ الإِنسان.

مَشيئَةُ الآبِ السّماويّ تَنبَعُ مِنْ مَحَبَّتِهِ اللامُتناهِيَة، وهو يُريدُ الخَلاصَ للإِنسانِ مِن خِلالِ تَجَسُّدِ الكَلِمَة يَسوع. دَينونَةُ اللهِ مَع مَجيءِ الرَّبَّ يَسوع، باتَتْ مِقياسًا لِمَدى مَعرِفَتَنا وَقَبولَنا أَو رَفضَنا لَهُ. هيَ لَيسَت حُكمًا قَضائِيًّا عَلَينا، بَل مِرآةً وَنَتيجَةً لِمَوقِفَنا الحُرّ مِنْه.

بِقَدَرِ ما نُؤمِن في مَحَبَّةِ اللهِ لَنا، وَبِقَدَرِ ما نَعيشُ وَنُحَقِّق إِيمانَنا مِن خِلالِ الأَعمال الصَّالِحَة، أَعمالُ التّوبَة وَالرَّحمَة، نُقبِل إِلى النُور، وَنُصبِح أَشباهَهُ في الخَيرِ وَالمـَحَبَّة.

بِقَدَرِ ما تَكونُ أَعمالُنا شِرّيرَة وَمَقاصِدُنا وَنَوايانا غَير مُستَقيمَة وَمَبنِيَّةٌ عَلى روحِ الكِبرِياءِ وَالأَنانِيَّة، نُصبِحُ مُنغَلِقينَ عَلى أَنفُسِنا، وَبِسَبَبِ غَيرَتِنا وَالنَّقصِ الَّذي فينا، نَرفَضُ نورَ المـَسيحِ الحَقّ في حَياتِنا. رَفضُنا لِمَحَبَّةِ اللهِ، يُصبِح إِنزارًا وَدَعوَةً مُلِحَّةً لَنا لنُصغي لِما فينا مِنْ خَطيئَةٍ، فَنَجوعَ إِلى الرّحمَة. عَلَينا أَن نُلَيِّنَ قُلوبَنا وَنَعودَ إِلَيهِ في التَوبةِ الصّادِقَة، مُؤمِنين أَنَّهُ يُحِبُّنا. ما نَكتَشِفُهُ أَنَّ حُرِّيَّتَنا المـَجروحَة بِحُكمٍ خاطِئٍ عَنْ اللهِ هيَ الَّتي تَمنَعُنا عَنْ الإِيمان بِمَحَبَّتِه لَنا، مِمَّا يَجعَلُنا نُسقِط عَلى الرَّبِّ أَفكارَنا وَمُعتَقداتِنا وَمَشاعِرَنا السّلبيَّة.

لَقَد أَتى الرَّبُّ إِلَينا لِيُخرِجَنا مِنْ سِجنِ أَنفُسِنا، وَهو لا يَستَطيعُ تَحريرَنا إِذا لَمْ نُؤمِن أَوَّلًا بِمحَبَّتِهِ لَنا. لَقَد أَتى الرَّبُّ لِيقولَ لَنا لَستُ بِشُرطيٍّ أَتَعَقَبُّكُم عِندَما تُخطِؤونَ، وَلا بِقاضٍ يُريدُ إِعدامَكُم، بَل أَنا الأَبَ الرَّحيم، وَالرَّاعي الصّالِح وَالمـُخَلِّص، وَالمـُحامي وَالمـُعزّي الَّذي يُريدُ لَكُم الخَيرَ وَالسّلامَ وَالفَرَح وَالمَحَبَّة. يُؤَكِّدُ لَنا يَسوع في كَلامِهِ مَع نيقوديموس أَنَّ أَساسَ الإِيمان القَويم، هوَ مَعرِفَة اللهِ على أَنَّهُ مَحَبَّة، وَتَدبيرَهُ الخَلاصيّ غايَتُهُ الحَياة الأَبَدِيَّة. الإِيمانُ لَيسَ اعتِقادًا، بَل عَلاقَةً حَيَّة وَحَقيقيّة مَع الرَّبّ، لِذَلِكَ نَحنُ مَدعُوّونَ لِكَي نُسقِط أَحكامَنا المُسبَقة عَن الله، وَأَن نَطلُبَهُ بِإِلحاحٍ لِكَيْ نَعرِفَهُ مُخَلِّصًا يُحيينا بِقُوَّةِ روحِهِ القُدّوس. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!