تابعونا على صفحاتنا

مقالات

الصّلاةُ في حَضرَةِ المـَسيح تُلهِبُ القَلبَ

في كَثيرٍ مِنَ المـَرَّات وعلى وَقعِ روتينيَّةِ حَياتِنا اليَومِيَّة، نُريدُ وَنَرغَبُ في اختِباراتٍ جَديدَة، في أَماكِنَ جَديدَة، في لِقاءاتٍ جَديدَة، وَفي كُلّ شَيءٍ جَديد. نُعَبِّرُ عَنْ هَذِهِ الرَّغبَة في طَريقَةٍ لاواعِيَة وَذَلِكَ مِنْ خِلالِ تَعَلُّقِنا بِوَسائِلِ التَّواصُل الإِجتِماعي. نَحنُ دائِمًا نَبحَث عَنْ الجَديد. قِلَّةُ خِبرَتِنا وَمَعرِفَتِنا لِلصَّلاةِ الحَقَّة، وَبِخاصَّةِ التَأَمُّلِيَّةِ مِنها وَالصَّامِتَة تَمْنَعُنا مِنْ مَعرِفَة وَإِدراك أَنَّ الصَّلاةَ دائِمًا تَجلُبُ لَنا الجَديد الَّذي نَبحَث عَنْهُ وَتَمضي فينا لِنَلتَقي وَجهَ الرَّبَّ يَسوع بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس. مِن هُنا نَفهَم لِماذا كانَ القِدّيسونَ مُدمِنونَ على الصّلاة.

تُخبِرُنا الأَناجيلُ الإِزائِيَّة عَنْ حَدَثِ تَجَلّي الرَّبَّ يَسوع أَمامَ بُطرُس يَعقوب وَيوحنَّا التّلاميذ الثلاثة الَّذينَ خَصَّهُم في اختِباراتٍ خاصَّة. يَقَعُ هذا الحَدَث مُباشَرَةً بَعد الكَشف عَنْ هُوِيَّة الربَّ يَسوع كَإِبنٍ لله، وَيَأتي كَفِعلِ تَثبيتٍ مِنَ الآبِ وَالرُّوح القُدُس بالإِضافَةِ إِلى شَهادَة شاهِدَين: موسى وإِيليّا، ما يَعني شهادة كُلّ الكُتُب المـُقَدَّسَة.

يُمكِنُنا أَن نَتَعَمَّق في خِبرَةِ الصّلاةِ مِن خِلالِ حَدَث التَّجَليّ.

أَوَّلًا يَمضي يَسوع بِتَلاميذِهِ الثَّلاثَة مِثلَما فَعَلَ إبراهيم الَّذي مَضى بإبنِهِ وَحيدِه إِلى الجَبَل، بَعدَما سَمِع دَعوَةِ الرَّبّ لَهُ. فَبَعدَما أَيقَنَ التّلاميذُ أَن وجودَ يَسوعَ إِبنُ اللهِ في وَسَطِهِم يُمَثِّلُ حُضورَ اللهِ الحَقيقيّ مَضى بِهِم يَسوعُ إِلى الجَبَل لِيُثَبِّتَهُم في الإِيمان. تَقومُ أَوَّلُ خُطوَةٍ في الصّلاة عَلى إِدراك مَن نُؤمِن بِهِ وَعَلى الذّهاب إِلى مُلاقاتِهِ في خُلوَةِ الصّلاة.

ثانِيًا، يَأخُذ يَسوع تَلاميذَهُ إِلى مَكانٍ بَعيدٍ عَنْ واقِعِهم اليَوميّ، مِثلَما كانَ موسى وَإِيلِيّا يَذهبانِ لِمُناجاةِ اللهِ في الجِبال. تَقومُ ثاني خُطوَةٍ في الصّلاةِ عَلى المَكان المـُناسِب وَالوَضعِيَّة الصّحيحَة الَّتي تُساعِدُنا عَلى الدّخولِ في عُمقٍ في خِبرَةِ الصّلاة. هذا يَعني أَن نَبتَعِد عَنْ ضَجيجِ أَفكارِنا وَمَشاعِرِنا الدّاخِليَّة المُتَأَتِّيَة مِنْ مَشاغِلِنا في العالَم، لِنُصغي جَيّدًا بِإِيمانٍ لِفِكر وَمَشاعِرِ المـَسيحِ فينا.

ثالِثًا، في حَضرَةِ الرَّبَّ يَسوع الَّذي نُؤمِن بِهِ أَنَّهُ ابنُ اللهِ حَقًّا. لَقَد وَجَّهَ التّلاميذُ إِنتِباهَهُم وَوَعيَهُم نَحوَ الرَّبَّ يَسوع، الَّذي وَسَّعَ آفاقَ رُؤيَتِهم في تَجَلّيهِ أَمامَهُم لِيَختَبِروا أَكثَر هُوِيَّتَهُ الإِلَهِيَّة مَعَ سَماعِهِم لِصَوتِ الآب: “هذا هو ابني الحبيب، فَلَهُ اسمَعوا”. وَفي سَماعِهِم إِلى شَهادَةِ حُضورِ موسى وإِيليّا عَرَفوا أَنَّ مُفتاحَ قِراءَة الكُتُب المـُقَدَّسَة هوَ الرَّبَّ يَسوع لِأَنَّها مِنْ أَجلِهِ كُتِبَت. أَيضًا حُضور موسى وإِيليَّا يُخاطِبانِ الرَّبَّ يسوع، تَعني أَنَّهُ هوَ “الكَلِمَة” الَّذي تَكَلَّمَ مَعَهُم في التّاريخ وَهُمْ أَحياءٌ في مَلَكوتِهِ لِأَنَّهُم تَجاوَبوا مَعَ دَعوَتِهِ لَهُم. شَهادَةُ شاهِدَين في الفِكر اليَهوديّ تَعني الكَثير، فَكَم بِالأَحرى شاهَدَةُ أَعظَمَ نَبِيّين؟ موسى يُمَثِّلُ كُتُبَ الشّريعَة، وَإِيليّا يُمَثّلُ كُتُبَ الأَنبِياء. مِن خِلالِ تَوجيهِ انتِباهِ التّلاميذ إِلى يَسوع، عَبَّرَ بُطرُس عَن مَكانَتِنا الحَقيقيّة وَهيَ أَن نَكونَ في حَضرَةِ المـَسيح، في قَولِهِ: “حَسَنٌ لَنا أَن نَكونَ هَهُنا…”. كَأَنَّهُ يَقول أَفضَلُ وَأَعظَمُ شَيءٍ في الحَياة، أَو حَياتي تَقومُ عَلى أَنْ أَكونَ في حَضرَةِ المـَسيح، حَيثُ مِلءُ الفَرَح وَمِلءُ السّعادَةِ وَمِلءَ المـَحَبَّة وَالرَّاحَة وَالسّلام.

إِذًا، الولوج في مُحادَثَةِ الرَّبَّ يَسوع بِصِدقٍ في صَلاتِنا يَأخُذُنا لِنَجِدَ ذاتَنا في حَضرَتِهِ، فَنَختَبِرَ أَكثَر كَثافَةَ حُضورِهِ في حَياتِنا اليوميَّة. هُنا نَختَبِرُ أَنَّ الصَّلاةَ بِقُوَّةِ الرُّوحِ القُدُس، تَأخُذُ طابِعَ السِرّ وَالمـُقَدَّس. نَكتَشِفُ أَنَّ حَدَثَ تَجَلّي الرَّبَّ زادَ الرَّغبَةَ لَدى التَّلاميذ لِيَفهَموا أَكثَر خِبرَتَهُم مَعَ الرَّبّ، فَنَزِلوا مِنَ الجَبَلِ وَهُمْ يُتابِعونَ حَديثِهِم عَنْ إِختِبارِهِم وَكَيفِيَّة مُشاهَدَتِهِ في حَياتِهِم اليَوميَّة. نَتَعَلَّم مِنْ هُنا أَنَّ الصَّلاةَ الحَقيقيَّة لا تَتَوَقَّف، إِنَّما تَستَمِرُّ عَنْ طَريقِ تَفكيرِنا وَتَذَكُّرَنا وَمُناجاتنا لِلرَّبّ يَسوع في قَلبِ إِنشِغالاتِنا اليَومِيَّة.

حَدَثُ تَجَلّي الرَّبَّ يَسوع هوَ بِمَثابَةِ أَيقونَةٍ تَختَصِرُ هُوِيَّتَهُ وَدَعوَتَهُ وَرِسالَتَهُ، وَأَيضًا فيهِ نَجِدُ مَعنى وَقيمَة الكُتُب المـُقَدَّسَة الموحى بِها، بِالإِضافَةِ إِلى سِرّ الفِداءِ وَالقِيامَة. هَكَذا تُصبِحُ صَلاتُنا الشَّخصِيَّة بِمَثابَةٍ لِقاءٍ حقيقيّ بِيَسوع، وَمِرآةً حَقيقيّة نَرى فيها مَعنى وَحَقيقَة حُضورهِ في حَياتِنا، فَنَعرِفَ أَنفُسَنا انطِلاقًا مِن مَحَبَّتِهِ لَنا، مُدرِكينَ مَكانَنا الصَّحيح أَن نَكونَ في حَضرَتِهِ دائِمًا. هكذا نَزدادُ إِيمانًا وَرَغبَةً في مَجيءِ مَلَكوتِهِ، وَتوقًا إِلى الأَبَدِيَّةِ مَعَهُ. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!