تابعونا على صفحاتنا

مقالات

الأَبرَص المـَحكوم عَلَيهِ بِالمـُناداةِ عالِيًا: “نَجِسٌ، نَجِسٌ”، صارَ يَصيحُ باسمِ المـَسيح!

عالَمُ اليَوم يُعطي اهتِمامًا كَبيرًا لِلجَمالِ، وَنَرى النَّاسَ نِساءً وَرِجالًا يَتَهافَتونَ إِذا سَنَحَت لَهُم الإِمكانِيَّات الماديَّة وَالإِجتِماعيَّة، إِلى تَجميلِ وَتَحسينِ إِطلالَتِهِم الخارِجيَّة. نَكتَشِفُ مَع هَذِهِ الحَرَكَة المـُعاصِرَة أَمرًا مُهِمًّا: رَفض الإِنسان لحقيقَةِ تَكوينِهِ، وَكَأَنَّهُ يَرى ذاتَهُ في مِرآةِ العالم بِشَكلٍ مُشَوَّه، وَفي الوَقتِ عَينِهِ تَنعَكِس غَيرَتَهُ مِنَ الآخَرين، لِأَنَّهُ إِذا لَمْ يُرِد أَن يَكونَ الأَجمَل، فَهوَ على الأَقَلِّ يُريدُ أَن يَكونَ مُتَساوِيًا مَعَهُم. إِذا عُدنا وَتَوَقَّفنا أَمامَ حالَةَ البُرْصِ عَبرَ التَّاريخِ وَخاصَّةً في أَيَّامِ يَسوع نَكتَشِف أَنَّ إِمكانِيَّةَ تَحسينِ وَضعِهِم الإِنسانيّ وَالصحيّ وَالإِجتِماعيّ كانَتْ مَعدومَة، وَبِالتَّالي نُدرِكُ حالَةَ بُؤسِهِم المـُذرِيَة إِلى دَرَجَةٍ كانوا يَخافونَ أَن يَطلُبوا مِنَ اللهِ أَن يَشفيهِم، لاعتِقادِهِم أَنَّهُ هوَ الَّذي لَعَنَهُم.

يُخبِرنا الإِنجيليّ مَرقُس في مَطلَع بِشارَةِ الرَّبَّ يَسوع عَنْ أَبرَصٍ أَتى إِلَيهِ، كاسِرًا وَمُتَخَطِّيًا كُلّ الحَواجز الدينيَّة وَالإِجتِماعيَّة وَالتَّربَوِيَّة وَالعِلميَّة، مُؤمِنًا فَقَط أَنَّ يَسوع النَّاصريّ يَستَطيعُ أَن يَشفيهِ، وَكانَ أَنَّ الرَّبَّ لَمَسَهُ بِيَدِهِ لِيُعطيهِ طَلَبَهُ. حَرَكَةُ الأَبرَص وَحَرَكة يَسوع هُما ثَورَةٌ فِعلِيَّة تَسمو عَلى مَقاييس المـُجتَمع وَقَوانينَهُ. حَرَكَةُ الأَبرَص نابِعَةٌ مِنْ إِيمانِهِ وَحَرَكَةُ يَسوع نابِعَةٌ مِنْ مَحَبَّتِهِ، وَفي هَذِهِ الدّيناميَّة فَقَط نَستَطيعُ أَن نَكسِرَ جُمودَ حَياتَنا الرّوتينيَّة، وَإِلَّا نَكونُ أَمواتًا.

مِنَ المُهِمّ جِدًّا لَنا أَن نَتَوَقَّف عِندَ حَرَكة الأَبرَص وَإِيمانِه. كُلّ شَيء، كُلّ شَيء مِنْ دونِ أَيِّ استِثناءٍ، كانَ يَقولُ للرَّجُلِ الأَبرَص أَنَّهُ شَخصٌ سَيّء، وَمُضِرٌّ وَمُؤذٍ لِحَياةِ الآخَرين. رُغمَ ذَلِكَ فما سَمِعَهُ عَنْ يَسوع جَعَلَهُ يُؤمِن وَيَرجو، فَتَوَجَّهَ إِلَيه. عَظَمَةُ إِيمانِهِ أَنَّهُ لَمْ يَخضَع إِلى حالَتِهِ البائِسَة، وَلَمْ يَقبَل حُكمَ النَّاسِ وَالمـُجتَمَع عَلَيه. عَظَمَةُ إِيمانِهِ أنَّهُ كانَ مُتَأَكِّدًا أَنَّ يَسوع لَنْ يَرفُضَهُ وَلَن يَحكُمَ عَلَيهِ بَل هوَ الوَحيد القادِر عَلى شِفائِهِ وَعلى تَحريرِه. الوَحيد الَّذي يُعامِل بِالرَّحْمَة. يَجِب أَن نَتَمَوضَع مَكانَ هذا الأَبرَص المـُؤمِن لِنَفهَمَ قوَّةَ وَمَفاعيل الإِيمان الحَقيقيّ.

غالِبًا ما تُشَبَّهُ الخَطيئَة بِمَرَضِ البَرَص، لَكِنَّها تَبقى مخفِيَّة وَمُجَذَّرَة في القَلب. المـُفارَقَة لِأَنَّها مَخفِيَّة تَدفَعُنا لِنُبقيها مُخَبَّأَة فَنَعمَلَ مِثلَ مَنْ يَسعى إِلى تَجميلِ شَكلَهُ الخارِجيّ فيما صورَتَهُ عَنْ نَفسِه الحَقيقيَّة مُشَوَّةٌ في عَقلِهِ وَفي قَلبِه. شِفاءُ الأَبرص هيَ دَعوَةٌ صَريحَة إِلى كُلِّ شَخصٍ مِنَّا لِيَدخُلَ في ديناميَّةِ الإِيمانِ وَالرَّجاءِ وَالمـَحَبَّة. شِفاءُ الأَبرَص هيَ دَعوَةٌ لَنا لِكَي نَأتي إِلى يَسوع الكاهِن الحَقيقيّ وَنَكشِف عَنْ خَطايانا وَعَنْ ضُعفِنا، مُؤمِنينَ أَنَّهُ لَنْ يَدينَنا بَلْ يَشفينا وَيُحَرِّرَنا بِقُوَّةِ رَحمَتِهِ وَمَحَبَّتِهِ.

ميزَةُ الأَبرَص أَنَّهُ رَجُلٌ ثائِر بِالإِيمان وَمُندَفِعٌ بِالشَّجاعَة. في الوَقتِ الَّذي طَلَبَ يَسوع مِنْهُ أَنْ يَمضي إِلى الكاهِن وَفقًا لِوَصِيَّةِ موسى مِنْ أَجلِ الشَّهادَة، فَضَّلَ أَن يَشْهَدَ عَلى طَريقَتِهِ الخاصَّة. وَبَدَلًا مِنْ أَن يُنادي: نَجِسٌ نَجِسٌ ابتَعِدوا مِن طَريقي. صارَ يَصيحُ: أَنا الَّذي كُنتُ نَجِسًا، يَسوعُ النَّاصِريّ شَفاني. دائِمًا يَكونُ اللِّقاءُ بِيَسوع نُقطَةَ تَحَوُّل وَعُبورٍ مِمَّا قَبل إِلى ما بَعد، لِذَلِكَ عَلَينا أَلَّا نُؤَجِّلَ أَبَدًا ذَهابَنا إِلَيهِ، بَل فَلنَتَقَدَّم بِإِيمانٍ وَرَجاءٍ واثِقينَ بِمَحَبَّتِهِ لَنا.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!