تابعونا على صفحاتنا

مقالات

كُن شاهِداً للنّور!

عِندَما نُتابِع مُبارَاة كُرَة قَدَم، يَبقى الجَمهور مُتَرَقّباً دُخولَ الهَدَف في المـَرمَى، وَيَبقى اللَّاعِبونَ يَركضونَ وَراءَ الكُرَة، لِتَحقيقِ الأَهداف، وَيَكونُ صاحِب الهَدَف هوَ أَوَّلُ الَّذينَ يَصرخونَ بِفَرَحٍ وَيَهتِف لِتَحقيقِه الهَدَفَ المـَنشود. اليَوم نَسمَع يوحَنَّا المـَعمَدان يَصرُخ عالِياً بِفَرِحٍ، وَمَعَهُ الكَنيسَة وَذَلِكَ قَبلَ تَسجيل الهَدَف إِنَّما تَأكيداً أَنَّ هَدَفَ وجودَنا وَمَعناهُ لا مَحالَة سَيَتَجَلَّى قَريباً مِنْ خِلالِ مَجيء الرَّبَّ يَسوع. يُذهِلُنا يوحَنَّا المـَعمَدان بِما فيهِ مِنْ إِيمانٍ بِشَخصٍ لَمْ يَلتَقيهِ بَعدُ كَمسيحٍ وَمُخَلِّص، وَما فيهِ مِنْ رَجاءٍ بِأَنَّ وَعدَ الرَّبّ لا مَحالَة سَيَتَجَلَّى قَريباً جِدًّا، وما فيهِ مِن حُبٍّ وَغَيرَةٍ لِإِلَهِهِ، إِلى حَدٍّ مَلأَ البَرّيَّة بِصَوتِهِ الصّارِخ عالِياً: “قَوّموا طَريقَ الرَّبّ”.

كانَ يوحَنَّا المَعمَدانُ مَدفوعاً بِرِسالَتِهِ لِما لَدَيهِ مِنْ مَحَبَّةٍ للرَّبّ. وَتَمَيَّزَ كَنَبِيٍّ لا عَلى أَنَّهُ يَعرِفُ أَحداثَ المـُستَقبَل وَيَتَنَبَّأَ بِها، إِنَّما بِسَبَبِ تَجسيدِهِ مِنْ خِلالِ شَهادَتِهِ وَعَيشِهِ لِأَعظَمِ حَدَثٍ حَدَثَ في التَّاريخ وَهوَ تَجَلّي اللهَ بِشَخصِ يَسوع النّاصِري، المـَسيحُ المـُنتَظَر. لَقَد كانَ شاهِداً للنُّورِ، قَبلَ أَن يَراه.

هَكَذا تَتَزَيَّنُ الكَنيسَةُ اليَومَ بِاللَّونِ الزَّهريّ، رَمزًا لِلفَرَحِ الَّذي يَدفَعُها لِتَكونَ صوتاً صارِخًا في عالَمِ اليَومِ وَعلى مَدى التَّاريخ. آمَنَ يوحَنَّا المـَعمَدان بِنُبُؤاتٍ الكُتُبِ المـُقَدَّسَة، وَكَرَّسَ ذاتَهُ لِخِدمَةِ مَجيءِ الرَّبّ، بَعدَما أَعَدَّهُ اللهُ بِنِعَمِهِ قَبلَ أَن يولَد. أَيضاً الكَنيسَة تُؤمِنُ بِيسوع المـَسيح الكَلِمَة المـُتَجَسِّد، وَهيَ في خِدمَةِ مَلَكوتِهِ الَّتي أُعِدَّت مِنْ أَجلِ أَن تَنشُرَهُ وَتَشهَد وَتَعمَل لَهُ. مِنْ خِلالِ إِعدادِها للإحتِفالِ بِمَجيئِهِ الأَوَّل في الجَسَد، هيَ تُعِدُّ بِفَرِحٍ وَرَجاءٍ مَجيئَهُ الثَّاني كَرَّبٍ وَسَيِّدٍ وَدَيَّان.

لِكَي نَكونَ اليَومَ مُعِدّينَ وَمُنتَظِرينَ جَيّداً مَجيءَ الرَّبّ، عَلَينا أَن نَعرِفَ أَنفُسَنا مَنْ نَحنُ كَمَسيحيّين. كَيفَ يَنظُر العالَم إِلَينا، وَماذا يَنتَظِرُ مِنَّا. لَقد أَصبَحَ يوحَنَّا المـَعمَدانُ سُؤالًا أَساسِيّاً لِكُلّ مَن كانَ يَنتَظِرُ مَجيءَ الرَّب. هَلْ نَحنُ كَذَلِكَ سُؤالاً لِكُلٍّ إِنسانًا نَلتَقيهِ؟ هَل صَوتُنا بِأَقوالِنا وَأَعمالِنا يُعَبِّرُ عَمَّا فينا مِنْ فَرَحٍ وَرَجاءٍ وَإِيمانٍ بِالرَّبّ يَسوع أَم لا؟ هَل نَحنُ شُهوداً للنُّور، أَم أَصبَحنا في الظُلمَةِ الدَّكناء؟ لَقَد عَرَفَ يوحَنَّا المـَعمَدانُ ذاتَهُ وَعَرَّفَ بِها انطِلاقًا مِنْ عَلاقَتِهِ بِالرَّبّ، وَهَكَذا الكَنيسَةُ أَيضاً. وَعَلى كُلِّ واحِدٍ مِنَّا أَن يَعرِفَ ذاتَهُ، مِثلَ يوحَنَّا الَّذي في إِعتِرافِهِ أَكَّد عَلى أَنَّهُ بِدَورِهِ يَنتَظِرُ المـُخَلِّص عَلى المـُستَوى الشَّخصيّ. لِأَنَّهُ كانَ النُّور أَيّ في الحَقّ، لَمْ يَرض أَن يَعيشَ خارِجاً عَنهُ، وَهو بِمَثَلِهِ يَدعونا اليَوم لِكَيْ نَعيشَ في الحَقّ الَّذي يَتَضَمَّن أَيضاً الصِّدقَ وَالنَّزاهَة وَالأَمانَة. هذا يَعني أَن يَكونَ إِعدادُنا لِميلادِ الرَّبّ لَيسَ ذاتَ طابِعٍ صُوَريّ، يَقومُ على المَباهِج الخارِجِيَّة، إِنَّما ذاتُ مَوقِفٍ وجوديّ أَي أَن نُعِدَّ قُلوبَنا بِالصَّلاةِ الحارَّة، لِكَيْ تَعرِفَ حُضورَ الرَّبّ الحَيّ فيها.

عَلَينا أَن نَفرَح مُنذُ اليَوم، لِأَنَّ الرَّبَّ آتٍ عَلى عَجَل، وهوَ مُخَلِّصُنا، وَمِنْ خِلالِ هذا الفَرَح عَلَينا أَن نُعِدَّ أَنْفُسَنا لِنَستَقِبَل إِلَهنا الحَقّ في إِنسانِيَّتِنا الضَّعيفَة وَالخاطِئَة. لِذَلِكَ لِنَطلُبْ مِنَ الرَّبَّ يَسوع أَنْ يُقَوِّمَ إِرادَتَنا لِكَيْ نَرغَبَ فيهِ وَنُريدَهُ قَبلَ أَيِّ شَيءٍ آخَر، وَعِندَها نَكونُ شُهودًا للنُّور. آمين.

تابعوا قناتنا

https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg

شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!