موقع Allah Mahabba سُفَراءُ المَلِك فُقَراءٌ وَمَساكينَ وَمَرضى!
هَل يُعقَل أَن يَكونَ اللهُ المَحَبَّة دَيَّاناً؟ كُلُّنا نَفهَمُ المَحَبَّة على أَنَّها عَطاءٌ وَصَفحٌ وَغُفرانٌ وَمُسامَحَة. نَفهَمُ المـَحَبَّة على أَنَّها تَجاوزاً للعَدالَة لِما فيها مِنْ رَحمَةٍ، وَإِلَّا ما عادَتْ مَحَبَّة. عِندَما نَسمَع يَسوع يُقَدِّمُ لَنا مَثَلَ الدَّينونَة العُظمى نَكتَشِفُ أَنَّ المَحَبَّة الَّتي جَسَّدَها لَنا مِنْ خِلالِ إنحِنائِهِ عَلَينا، وَمِن خِلال كُلّ ما صَنَعَهُ لَنا بالفِداء، أَصبَحَت هيَ مِقياسُ العَدالَة الإِلَهِيَّة، لا العدالَة البَشَرِيَّة المـَحدودة بِمَنطِقِ الإنسان.
مِنْ خِلالِ سَماعِنا للإِنجيل، نَرى يَسوع أَكثَر مِنْ مُتَعاضِدٍ مَعَ الإِنسان الفَقير وَالمَظلوم وَالمَريض، إِنَّما هوَ يَتَكَلَّم عَن إِتِّحادِهِ بِهِ، وَهذا ما عَرَفناهُ في حَقيقَةِ سِرِّ التَّجَسُّد، وَمِن خِلالِ مَوتِهِ على الصَّليب. لَقَد صارَ اللهُ إِنسانًا لِنَصيرَ فيهِ آلِهَة. هذا ما يُسَمّى في عِلم اللَّاهوت بِالتَّبادُلِ العَجيب. هذا حَجَرُ زاوية الإِيمان المـَسيحيّ الَّذي رَذَلَهُ البَنّاؤون. لِماذا؟ لِأَنَّهُ يُشَكِّلُ سَبَب عَثرَة لِلعَقل وَالمـَنطِق البَشَريّ. اللهُ الَّذي يَسمو وَيَعلو كُلَّ شَيءٍ، مُتَّحِدٌ بِضُعفِ الإِنسانِ لا بِقُوَّتِهِ، بِفَقرِهِ وَعَجزِهِ لا بِغِناهُ وَقُدرَتِه. مِنْ هُنا يَطرَحُ الإِنجيل عَلَينا سُؤالًا جَوهَرِيّاً: هَل نُؤمِن حَقيقَةً بِمَحَبَّتِهِ لَنا، وَباتِّحادِهِ فينا وَنَحنُ بِحالَةٍ يُرثى لَها؟ هَل نُؤمِن أَنَّهُ حاضِرٌ بِإِخوَتِنا الفُقَراء؟ إلتقى القدّيس فرنسيس الأَسّيزيّ بِيسوع في الأَبرَص وَالقدّيسة الأُم تِريزا في الفَقير، واللَّاهوتيّ المُعاصِر الأب موريس زانديل، تَكَلَّمَ عَنْ سِرّ احتِجاب المـَسيح بِالفُقَراء. لَقَد جَعَلَ يَسوعُ مِنَ الفُقَراءِ سُفَراءَهُ في هذا العالم.
إِنطِلاقاً مِن هُنا، أَصبَحَ السُّؤال المَدعوّين لِنُجيبَ عَلَيه، هَل نُؤمِن بِمَحَبَّةِ اللهِ واتِّحادِهِ بِنا في تَجَسُّدِه وَمَوتِهِ وَقِيامَتِهِ، أَم لا؟ يَفضي بِنا هذا الإيمان، لِكَي نَلتَقي الرَّبَّ في حَياتِنا الحاضِرَة، وَأَن نَشهَدَ لَهُ مِن خِلالِ المـَحَبَّة الَّتي تَدفَعُنا لِقَبولِ الأَكثَر فَقراً وَحاجَةً وَعَجزاً. خارِجَ المـَحَبَّة هُناكَ المـَوت، وَبِالتَّالي قَبلَ الحَديثِ عَنْ الدَّينونَة، يَأتي الحَديث عَنْ الحَياة. لِكَي نَكونَ أَحياءً عَلَينا أَن نُحِبّ، وَالإِيمانُ المـَسيحيّ يَدفَعُنا لِنَحيا بِقُوَّةِ مَحَبَّةِ اللهِ لَنا، فَإِذا لَم نُحِبَّ، كَما أَحَبَّنا المـَسيح، نُصبِح فَقَط جُثَثٌ تَمشي. إِذاً تُصبِحُ الدَّينونَة هيَ نَتيجَة لِعَدَمِ عَيشِنا لِلمَحَبَّة الَّتي تَدفَعُنا للإِعتِناءِ بِالآخَر.
فَلنَطلُب مِن يَسوع أَن يَفتَحَ عُيونَنا على حُضورِهِ المـُحتَجِب بِالفُقَراء، وَأَن يُعطيَنا الإِيمانَ اللَّازِم لِكَي نَقبَلَ مَحَبَّتَهُ، وَنَعمَلَ بِها انطِلاقاً مِن مَحَبَّتِنا لِكُلّ مَن يَحمِل سِماتَ فَقرِهِ وَصَليبِهِ. آمين.