موقع Allah Mahabba لا لِلبَطالَةِ وَلا للتَّذَمُّرِ، بَل لِلعَمَلِ بِشُكرٍ وَقناعَة
نسمَع الرَّبَّ يَسوع مِن خِلالِ الإِنجيليّ متّى، يُكَرِّر على مَسامِعِنا تَعليمَهُ حَولَ مَلَكوتَ السَّموات. هذا هو مِحوَر رِسالَتَهُ التَّبشيريَّة. يُقَدِّم لَنا يَسوع مَلَكوتُ السَّمواتِ، بِأَمثِلَةٍ عَديدَة، مِنها مَثَلُ العَمَلَة وَأُجرَتِهِم. كَيفَ لَنا أَن نَفهَم العَلاقَة بَينَ مَلَكوتِ اللهِ الَّذي يَعني في جَوهَرِهِ مِلء الحُضور الإِلَهيّ في السَّماءِ وَاكتِمال مَشيئَتِهِ القُدُّوسَة على الأَرض، وَمَثَلُ العَمَلَةَ وَأُجرَتِهِم؟!
لا نَستَطيعُ أَن نَفهَم إِلَّا إِن أُعطِيَ لَنا ذَلِكَ، وَلِكَيْ يُعطى لَنا عَلَينا أَن نَسأَل الرَّبَّ وَنَطلُبَ مِنهُ بِإِلحاحٍ وَإِيمانٍ وَثِقَة.
يَستَخدِمُ يَسوع في مَثَلِ العَمَلَةِ وَأُجرَتِهِم خَمسَة عَناصِر: رَبُّ بَيتٍ، عَمَلَة بَطّالون، الإِتّفاق على الأَجر، العَمَل في الكَرم، وَالوَقت.
رَبُّ البَيت: هوَ الرَّبَّ يَسوع نَفسَهُ الَّذي خَرَجَ مِن بَيتِ الآبِ وَأتى إِلَينا، لِيُشرِكَنا بِمَلَكوتِهِ. هوَ لا يُريدُ أَن نَعيشَ حَياتَنا في البَطالَةِ: أَي خارِج مَعنى وقيمَة وجودِنا النَّابِع مِنْ مَحَبَّةِ اللهِ لَنا. يُريدُ الرَّبَّ أَن نَكتَشِفَ مَعنى حَياتِنا مَعَهُ فَنَعرِفَ فَرَحَ العَمَلِ في كَرمِهِ؛ أَي أَن نُمضي حَياتَنا الزَّمَنِيَّة في السَّعي لِتَتميمِ مَشيئَتِهِ الخَلاصِيَّة.
العَمَلَة البَطَّالون: هِيَ الإِنسانِيَّةُ كُلُّها المـَدعُوَّة باستِمرار لِلخُروجِ مِنَ الظُّلمِةَ إِلى النُّور، مِنَ الجَهلِ إِلى الحَقّ، وَمِنَ الظُّلمِ إِلى المَحَبَّة. أَمَّا الَّذينَ عَمِلوا مُنذُ الفَجر، هُمُ الَّذين قَبِلوا دَعوَةَ الإِيمانِ مَع إِبراهيم وَالآباء وَعَرَفوا وَصايا اللهِ مَعَ موسى وَالأَنبِياء. صَحيحٌ أَنَّهُم الأَوَّلين، وَلَكِنْ لا لِأَنَّهُمْ أَفضَل مِن سِواهِمِ، وَفقاً لِمَنطِقِنا الَّذي يُسابِق دَوماً على المـَركَزِ الأَوَّل. عُمّالُ السَّاعةِ التَّاسِعةَ وَالثّالِثَة وَالخامِسَة، هُمْ كُلّ الَّذينَ عادوا وَقَبِلوا وَسَيَقبَلونَ في المـُستَقبَل الدَّعوَةَ إِلى المـَلَكوت. كُلُّ واحِدٍ مِنَّا قَبِلَ هَذِهِ الدَّعوَة، أَصبَحَ بِمَثابَةِ عُمَّالِ السَّاعة الأَخيرَة بِالنِّسبَةِ لِمَنْ سَبَقَهُ، وَبِمَثابَةِ عُمَّال السَّاعاتِ الأُولى، بِالنِّسبَةِ لِمَن سَيَأتي مِنْ بَعدِهِ.
قيمَة الأَجر: يُعطي يَسوع في المَثَل قيمَةً باهِظَة لِمَن اتَّفَقَ مَعَهُم، أَكبَر بِكَثير مِن قيمَةِ يَدِ العامِل في اليَومِ الواحِد. الرَّبُّ هُنا لَمْ يُعامِل بِالعَدلِ وَالإِنصاف، إِنَّما بِالرَّحْمَةِ وَالعَطفِ وَالمَحَبَّة. يُؤَكِّد لَنا يَسوع مِن خِلالِ قيمَة الأَجرِ أَنَّهُ يُعطينا أَكثَر مِمَّا نَستَحِقّ لِأَنَّهُ المـَحَبَّة.
العَمَلُ في الكَرم: نَسمَع الكَثير يَفتَخِرون بِمَناصِبِهِم بِإِحدى الشّرِكات الكُبرى، أَو عِندَ مَنْ يَعمَلون مِنَ الشَّخصِيَّات الثَّرِيَّة وَالمَشهورَة. العَمَلُ بِكَرمِ الرَّبّ لَدَيهِ هذا الطَّابِع وَأَكثَر يَحتَوي على المَعنى وَالإِنتماء وَالقيمَة. يُريدُنا الرَّبّ أَن نَفرَحَ في انتِمائِنا للكَنيسَة، هوَ يُريدنا أَن نَكونَ دائِماً مَعَهُ.
الوَقت: في البَدءِ تَكَلَّم عَنْ الفَجرِ وَأَخيراً أَنهى عِندَ المـَساء. يُصَوّرُ لَنا يَسوع حَياتَنا الزَّمَنِيَّة بِمَثابَةِ يَومٍ واحِدٍ، سُرعانَ ما يَنتهي. يُمَثِّلُ المَساءَ هُنا، اللِّقاءَ مع اللهِ الدَّيَّان، الَّذي هوَ أَساسًا إِلَهُ الرَّحمَة الَّذي أَتى إِلَينا حَيثُ نَحنُ في البَطالَة، وَأَخَذَنا إِلى كَرمِهِ، مُعطياً إِيَّانا أَجراً أَكبَر مِمَّا نَستَحِقّ. في هَذا اللِّقاء تُكشَف نَوايانا العَميقَة، وَكَيفَ كُنَّا نَعمَل في حَياتِنا. يَتَكَلَّمُ يَسوع في هذا المـَثَل أَنَّ الأَوَّلينَ ظَنُّوا أَنَّهم يَستَحِقُّونَ أَكثَر مِن سِواهُم، فَراحوا يَتَذَمَّرونَ انطِلاقاً مِن تَجرُبَة المـُقارَنَة مَع عُمَّال السَّاعَة الأَخيرَة. إِنَّها تَجرُبَةُ قايين الَّتي ما زالَت تُرافِقُنا.
يَختُمُ يَسوع هذا المَثَل بِفِكرَتَين: كَرَمَهُ الَّذي يَتَخَطَّى أَنانيَّةَ الإِنسان، وَيَعني بِهِ هُنا رَحمَتَهُ. تَقَدُّم الآخِرونَ على الأَوَّلين، وَذَلِكَ بِسَبَبِ فُقدانِ الأَوّلين للتَّواضُع الَّذي يَقومُ على الإِمتِنانِ وَعلى القَناعَة.
أَخيراً، يُؤَكِّد يَسوع أَنَّ مَلَكوت اللهِ بَدَأَ مع دَعوَةِ الأَوَّلين إِلى عَيشِ الإِيمان، وَيَستَمِرّ على مَدى التَّاريخ، أَمَّا قَبول ثَمَرة الدَّعوة إِلى المَلَكوت أَي الخَلاصِ مَنوطٌ بِمُتَواضِعي القَلب الَّذينَ يَشكُرونَ اللهِ عَلى دَعوَتِهِ لَهُم، وَلا يَرَونَ في كَرَمِ نِعَمِهِ وَمَواهِبِهِ الَّتي يُعطيها لِمَن يُريدُ انتِقاصاً مِنْ حُقوقِهِم، بَل يَفرَحون لِأَنَّهُم أَمضَوا وَقتاً أَطوَل في العَمَلِ لا في البَطالَة. لا يَتَوَقَّف خَلاصُنا عَلى بِدايَةِ عَيشِنا بِالتَّوبَة، بَل على استِمرارِنا بِعَيشِها بِتَواضُعٍ وَمَحَبَّة. لَن نَخلُص لِمُجَرَّد أَنَّنا مُعَمَّدينَ وَأَبناءَ الكَنيسَة، بَل عَلى مَحَبَّتِنا لِلرَّبِّ الَّذي دَعانا وَدَعا غَيرَنا إِلى العَمَلِ بِحَقلِهِ.
فَلنَطلُب مِن يَسوع النِّعمَةَ الَّتي تَبلُغ بِنا إِلى شُكرِهِ وَامتِنانِهِ على كُلّ ما صَنَعَهُ مِن أَجلِنا.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!