موقع Allah Mahabba لا لِوَجهَينِ وَلا لِلِسانَينِ، بَل لِوَجهٍ وَاحِد وَقَلبٍ وَاحِد!
َلفُتُ انتِباهَنا مَتَّى الإِنجيليّ في كَلامِهِ عَنْ إِعلانِ سِمعانَ بُطرُس لِهُوِيَّةِ يَسوع الإِلَهِيَّة: “أَنتَ المـَسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ”. فَما إِن انتَهى مِن شَهادَتِهِ الموحاةِ هَذِهِ، حَتَّى على الفَورِ عادَ وَتَفَوَّهَ بِكَلامٍ لا يَتَّصِل بِهَذِهِ الشَّهادَةِ بِأَيِّ صِلَة.
في الحَقيقَةِ حالَةُ سِمعانَ بُطرُس تُشبِه تَماماً حالَتُنا. الإِنسانُ نادِراً ما يَعرِفُ وَحدَةَ القَلبِ وَالثَّباتِ، إِلَّا عَنْ طَريقِ مَخافَةِ الله. الإِنسانُ غالِباً ما يَكونُ مُتَقَلِّباً، ما يَكونُ مُنقَسِماً على نَفسِهِ وَعلى واقِعِهِ.
عِندَما نَتَوَقَّفُ أَمامَ الكَلامِ الَّذي وَجَّهَهُ بُطرُس إِلى الرَّبّ، نَكتَشِفُ أَمرَين: صورَةَ الأُلوهَة في فِكرِ بُطرُس. الإِلَه المـُنَزَّه عَنْ الأَلَم. وَالمِثالِيَّة الَّتي تُغشي عَينَيه، لِأَنَّ يَسوعَ هوَ مَسيحُ اللهِ وَابنُهُ القُدُّوس، وَإِن هوَ حَيٌّ يُلمَس بِالجَسَد، حاشى لَهُ أَن يَعيشَ مِلءَ إِنسانِيَّتِنا.
نَحنُ أَيضاً بِدَورِنا، في عَلاقَتِنا مَع الرَّبّ، نَنظُر إِلَيهِ عَلى أَنَّهُ القُدُّوس وَالكامِل الَّذي لا يَعرِف الأَلَم. بِكَثيرٍ مِنَ المـَرَّات نُريدُ مِنْهُ فَقَط أَن يُخَلِّصَنا مِنْ كُلّ ما يُسَبِّب لَنا أَلَماً وَإِزعاجاً وَنَقصاً. نَحنُ مَدعُوُّونَ أَوَّلاً أَن نَعرِفَ معنى تَجَسُّدِهِ، وَأَن نَعرِفَ أَيضاً ما معنى أَنَّهُ المـَسيحُ ابنُ اللهِ الحَيّ. لا أَن نَعرِفَهُ على مُستوى فِكرَة أَو قَولٍ، بَل انطِلاقاً مِمَّا هوَ كَشَفَهُ عَنْ نَفسِه. لا وَفقاً لِرَغَباتِنا وَتَمَنّياتِنا الخاطِئَة بِكَثيرٍ مِنَ المـَرَّات.
في تَأكيدِ يَسوع عَلى هُوِيَّتِهِ الإِلَهِيَّة كَإِبنٍ لله، وَمِنْ ثَمَّ تَأكيدِهِ عَلى أَنَّهُ المـَسيح، وَيَجِبُ عَلَيْهِ أَن يَتَأَلَّم، هوَ كَشَفَ لِتَلاميذِهِ وَلَنا، أَنَّ جَوهَرَ اللهِ مَحَبَّة. صَحيحٌ أَنَّ الأُلوهَةَ تَسمو عَن الإِنسانِيَّة، وَالأَخيرَة هيَ الَّتي تَعرِفُ حَرَكَةَ المـَشاعِرِ وَالأَلَم وَالمَـوت، لَكِنَّ يَسوع أَظهَرَ أَنَّ أُلوهِيَّتَهَ السَّامِيَة الَّتي هيَ مَحَبَّةٌ كامِلَة، إِتَّحَدَتْ بِإِنسانِيَّتِنا، بِتَواضُعٍ عَميقٍ، دونَ أَن تَنزَعَ عَنْها أَيُّ شَيءٍ مِن خُصوصِيَّتِها، لا بَل قَدَّسَها في خُصوصِيَّتِها.
لَم يَكتَفِ يَسوع بِمُشارَكَتِهِ لِآلامِنا البَشَرِيَّة، بَل أَعطاها مَعنىً خَلاصيّ. أَوَّلاً في تَأكيدِهِ هذا، تَعاضَدَ مَع كُلِّ إِنسانٍ فَقيرٍ، مَريضٍ، وَحيدٍ، مُتَأَلِّم… . ثانِياً، أَكَّدَ عَلى أَنَّ الأَلَمَ وَالصّليبَ مَعَهُ، لَيسا بِلَعنَةٍ يُنتِجانِ مَوتاً أَبَدِيّاً، بَل حَياةً أَبَدِيَّة. صَحيحٌ أَنَّ الخَطيئَة ثَمَرَتُها الأَلَمُ وَالمـَوت، وَمَشيئَةُ اللهِ نَعرِفُها بِالسَّلامِ وَالفَرَح، فَيَسوعُ قَد طَعَّمَ آلامَنا البَشَرِيَّة بِتَعزِيَةِ حُضورِهِ الدَّائِم مَعَ المُتَأَلِّمينَ لِيَكونَ لَهُمْ بَلسَمَ السَّلامِ وَالفَرَح. إِذا كانَ الأَلَمُ مِنْ نَتائِجِ الخَطيئَةِ الأَصلِيَّة، فَيَسوعُ ابنُ اللهِ المُنَزَّه عَن الخطيئَةِ وَالعَيب، بِتَأكيدِهِ عَلى أَنَّهُ سَيُعاني آلاماً شَديدَة، يَكونُ بِهذا الشَّكلِ قَد تَعاضَدَ مَعَ إِنسانِيَّتِنا، لِسَبَبٍ وَاحِد لِأَنَّهُ المـَحَبَّة، الَّتي تَقبَلُ كُلَّ شَيءٍ، وَتَصفَحُ عَنْ كُلِّ شَيءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيءٍ وَتَغفِرُ وَتَرحَم.
يَعمَلُ عالَمُ اليَوم، عَنْ طَريقِ التِكنولوجيا وَالعِلم، لِمُواجَهَةِ الأَلَمِ وَللتَّخفيفِ مِنْهُ، وَهذا باستِطاعَتِهِ رُبَّما عَلى المـُستَوى الإِجتِماعيّ أَو المادّي، ولَكِنَّهُ لا يَستَطيعُ أَن يُعالِجَ أَلَمَ القَلبِ وَالفِكر، وَحدَهُ يَسوعُ يَستَطيعُ ذَلِكَ.
في جَوابِ يَسوع القاسي نَوعاً ما تُجاهَ بُطرُس: إِذهَب وَرائي يا شَيطان. يوَجِّه الرَّبَّ لَنا دَعوَةً مُباشَرَة وَمُلِحَّة للتَّخَلّي عَن أَحكامِنا المـُسبَقَة عَنْ الله، وَمَوقِفَهُ مِنَ الأَلَمِ. هوَ يُريدُنا في مَحَبَّتِهِ، هيَ أَقوى مِنَ الأَلَم، وَهيَ تَجعَل مِنْهُ نِعمَةً، لِأَنَّ مَنْ عَرَفَ الأَلَمَ المـَجبول بِالمَحَبَّة، صارَ قَلبُهُ واحِداً غَيرَ مُنقَسِمٍ، وَصارَ لِسانُهُ يَلهَجُ بِذِكرِ اللهِ وَمَراحِمِهِ دائِماً.
فَلنَطلُب مِنْ يَسوع، أَن يُحَرِّرَ قَلبَنا مِنْ كُلِّ تَصَوُّرٍ خاطِئٍ عَنْهُ، وَكُلِّ مِثالِيَةٍ مُزَيَّفَة، وَلنَتْبَعهُ كَتَلاميذَ حَقيقيّينَ، بِمَخافَةٍ وَتَقوى وَمَحَبَّة، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!