موقع Allah Mahabbaَما زال يسوع يقولُ لنا: “لا تَخافوا…”
في كُلّ مرّةٍ نقرأ ونسمع كلمات الرّبّ يسوع في الإنجيل، نجد منطقهُ يُخالف المـنطق العام، ونجدُ فيه دائماً روح المـُجازفة وقُوّة الإيمان، وركيزتهُ العلاقة الحميمة مع الله، لتُصبح حياتنا مُطعّمةً بحُضوره الدّائم. هذا المـنطق لا يستطيعُ عقلُنا أن يتقبّلهُ بسُهولةٍ وإن كان قلبُنا يرتاحُ لهُ.
يقولُ لنا الرّبّ يسوع: “لا تخافوا النّاس…” (متّ 10: 26) فيما أوّلُ ردّة فعلٍ يوم وُلدنا، وآخرُ ردّة فعلٍ في حياتنا عند المـوت هي الخوف، فكيف لنا ألّا نخاف ونحنُ مفطورين على الخوف؟ ألا يرى الإنسانُ في الخوف الدّافع الّذي يقودهُ إلى تطوير قُدُراته بهدف الحُصول على أمانٍ واستقرارٍ وراحة؟ إذاً كيف لنا أن نفهم قول الرّبّ يسوع لنا: “لا تخافوا”؟.
متى عُدنا إلى كلمة يسوع في موقعها في الإنجيل، نجدُهُ يُحفّذُ رُسُلهُ على مُواجهة صُعوبات الرّسالة وتحدّياتها، بقُوّة كلمته الّتي هي الحقّ الّذي يُؤآزرهُم في مهمّتهم. من معهُ الحقّ، لا يخافُ شيئاً، ومن يعرفُ الله كأبٍ، لا يخافُ مواقف النّاس المـُؤذية، ولا كلماتهم الجارحة. انطلاقاً من هُنا، نفهم أنّ من يقبل كلمة يسوع، يُصبح مُتّجهاً معهُ وفيه صوب الآب، وبالتّالي تُصبح دعوتهُ القداسة، من خلال شهادته للحقّ الّذي يُعرف في الخير والمـحبّة اللّذين ظهّرهُما يسوعُ بأقواله وأعماله. من يعيشُ تحت نظر الله، لا يهو الخفاء والتّستُّر، ولا يعُد يخافُ حُكم النّاس، بل يُنادي بالحقّ بوداعةٍ وتواضُعٍ ومحبّةٍ وشجاعة.
يدعو يسوع تلاميذهُ لئلّا يخافوا الّذين يقتُلون الجسد، وذلك بعدما علّمهُم في عظة جبل التّطويبات، ألّا يعيشوا كسائر النّاس لبُطونهم ولأجسادهم، بل أن يطلُبوا أوّلاً ملكوت الله وبرّهُ (راجع، متّ 6: 33). انطلاقاً من هُنا، نفهم أنّ هذا الخوف نتحرّر منهُ عن طريق الإيمان بكلمة يسوع الّتي عرفناها قيامةً وخلاصاً أبديًّا. من المـُلفت أيضاً أنّ يسوع لا ينزع حالة الخوف من طبيعتنا البشريّة، بل يُريدُنا أن نعيشها في مكانها الصّحيح، وأن تُصبح مخافةً لله. عندما نسأل لماذا، لم يعُد يُؤخذ بالقيم الأخلاقيّة في حياة الإنسان المـُعاصر، وكثُر الشّرّ فيها، نكتشف أنّ السّبب الرّئيسيّ هو البُعدُ عن الإيمان والبُعد عن عبادة الله. من لا يخشى الله، يستبيحُ الأخلاق، ومن يخافُ الله بعبادةٍ حقّة، لا يخافُ من شيءٍ، بل يسعى ليعمل بحسب مشيئة الله.
إنّ الرّبّ يسوع بعدما واجه بإنسانيّتنا تجارب إبليس في البرّيّة وانتصر عليها، يُؤكّدُ لنا أنّ عناية الآب السّماويّ تشمُلُ كُلّ تفاصيل حياتنا، ونستطيعُ أن نختبرها، متى صار هو الأوّلُ في حياتنا. عندما يقولُ لنا: “ما من مستورٍ إلّا سيُكشف…، وشعر رُؤوسكُم معدودٌ بأجمعه”، لا يعني أنّ حياتنا مُسيّرة، بل يعني أنّ كُلّ حياتنا تحت نظر الله، وهو يرى كُلّ شيءٍ، “إنّهُ فاحص القُلوب والكلى”، وهو يهتمُّ كثيراً لأمرنا، وبالتّالي هو الدّيّان الّذي يُجازي كُلّ إنسانٍ وفقاً لعدله ولرحمته، لذلك يُتابع قائلاً: “من أنكرني أمام النّاس، أُنكرُهُ أمام أبي الّذي في السّموات” (متّ 10: 33).
يسوعُ الّذي يقولُ لنا: “لا تخافوا…” هو يُحرّرُنا من قُيود العالم، بقُوّة الخلاص الّذي حقّقهُ لنا. من يعيشُ لله صار خوفُهُ فعل عبادةٍ لله، ومن لا يعيشُ لله يخشى أن يخسر مالهُ ومُقتنياتهُ وموقعهُ الإجتماعيّ وصورتهُ، ولكن لا محالة يأتي وقتٌ وتسقُطُ كُلُّها.
حيثُ تكونُ المـحبّة لا خوف، ومن عرف الرّبّ يسوع عرف المـحبّة، وردّد قلبهُ: “اللهُ يراني”.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام!