موقع Allah Mahabba يوم الجمعة تمام الأربعين: تجارب يسوع في البريّة
رسالة القدّيس بولس الثانية إلى أهل تسالونيقي 3: 6 – 18
يا إخوَتِي، نُوصِيكُم، بِٱسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ المَسِيح، أَنْ تَتَجَنَّبُوا كُلَّ أَخٍ يَسْلُكُ سُلُوكًا مُقْلِقًا، مُخَالِفًا لِلتَّقْليدِ الَّذي تَلَقَّيْتُمُوهُ مِنَّا.
فَأَنْتُم أَنْفُسُكُم تَعْلَمُونَ كَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ تَقْتَدُوا بِنَا، لأَنَّنَا لَمْ نَكُنْ بيْنَكُم مُقْلِقِين،
ولا أَكَلْنَا الخُبْزَ مَجَّانًا مِنْ أَحَد، بَلْ كُنَّا نَعْمَلُ بِتَعَبٍ وكَدّ، لَيْلَ نَهَار، لِئَلاَّ نُثَقِّلَ عَلى أَحدٍ مِنْكُم،
لا لأَنَّهُ لَيْسَ لنا سُلْطَان، بَلْ لِكَي نُعْطِيَكُم أَنْفُسَنَا مِثَالاً لِتَقْتَدُوا بِنَا.
فإِنَّنَا، لَمَّا كُنَّا عِنْدَكُم، كُنَّا نُوصِيكُم بِهذَا: إِذا كَانَ أَحدٌ لا يُرِيدُ أَنْ يَعْمَل، فعَلَيْهِ أَيْضًا أَنْ لا يَأْكُل!
وقَدْ سَمِعْنَا أَنَّ بَعضًا مِنُكم يَسْلُكُونَ سُلُوكًا مُقْلِقًا، ولا يَعْمَلُونَ شَيئًا، لكِنَّهُم يَعْمَلُونَ مَا لا يَعْنِيهِم.
فَنُوصِي أَمثَالَ هؤُلاء، ونُنَاشِدُهُم في الرَّبِّ يَسُوعَ المَسِيح، أَنْ يَعْمَلُوا بِهُدُوءٍ ويَأْكُلُوا خُبْزَهُم.
أَمَّا أَنْتُم، أَيُّهَا الإِخْوَة، فلا تَمَلُّوا عَمَلَ الخَير.
وإِنْ كانَ أَحَدٌ لا يُطِيعُ كَلِمَتَنَا في هذهِ الرِّسَالة، فلاحِظُوهُ ولا تُخَالِطُوه، لَعَلَّهُ يَخْجَل!
لا تَحْسَبُوهُ كَعَدُوّ، بَلِ ٱنْصَحُوهُ كَأَخ.
ورَبُّ السَّلامِ نَفْسُهُ، هُوَ يُعْطِيكُمُ السَّلامَ في كُلِّ حينٍ وفي كُلِّ حَال! أَلرَّبُّ مَعَكُم أَجْمَعين!
هذَا السَّلام، أَنَا بُولُسُ كَتَبْتُهُ بِخَطِّ يَدِي، وهُوَ عَلامَةٌ في كُلِّ رِسَالَة: هكذَا أَكْتُب.
نِعْمَةُ رَبِّنَا يَسُوعَ المَسِيحِ مَعَكُم أَجْمَعِين!
إنجيل القدّيس لوقا 4: 1 – 13
عَادَ يَسُوعُ مِنَ الأُرْدُنِّ مُمْتَلِئًا مِنَ الرُّوحِ القُدُس، وكانُ الرُّوحُ يَقُودُهُ في البرِّيَّة،
أَربَعِينَ يَومًا، وإِبلِيسُ يُجَرِّبُهُ. ولَمْ يأْكُلْ شَيئًا في تِلْكَ الأَيَّام. ولَمَّا تَمَّتْ جَاع.
فقَالَ لَهُ إِبْلِيس: «إنْ كُنْتَ ٱبنَ اللهِ فَقُلْ لِهذَا الحَجَرِ أَنْ يَصيرَ رَغيفًا».
فأَجَابَهُ يَسُوع: «مَكتُوب: لَيْسَ بِالخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا الإِنْسَان».
وصَعِدَ بِهِ إِبليسُ إِلى جَبَلٍ عَالٍ، وأَرَاهُ جَمِيعَ مَمَالِكِ المَسْكُونَةِ في لَحْظَةٍ مِنَ الزَّمَن،
وقالَ لهُ: «أُعْطِيكَ هذَا السُّلْطَانَ كُلَّهُ، ومَجْدَ هذِهِ المَمَالِك، لأَنَّهُ سُلِّمَ إِليَّ، وأَنَا أُعْطِيهِ لِمَنْ أَشَاء.
فإِنْ سَجَدْتَ أَمَامِي يَكُونُ كُلُّه لَكَ».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «مَكْتُوب: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُد، وإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُد».
وقَادَهُ إِبليسُ إِلى أُورَشَليم، وأَقَامَهُ على جَنَاحِ الهَيْكَل، وقَالَ لَهُ: «إِنْ كُنْتَ ٱبْنَ ٱللهِ فأَلْقِ بنَفْسِكَ مِنْ هُنَا إِلى الأَسْفَل،
لأَنَّهُ مَكْتُوب: يُوصِي مَلائِكتَهُ بِكَ لِيَحْفَظُوك.
ومكْتُوبٌ أَيضًا: على أَيْدِيهِم يَحْمِلُونَكَ، لِئَلاَّ تَصْدِمَ بحَجَرٍ رِجلَكَ».
فأَجَابَ يَسُوعُ وقَالَ لَهُ: «إِنَّهُ قِيل: لا تُجَرِّبِ ٱلرَّبَّ إِلهَكَ ».
ولَمَّا أَتَمَّ إِبليسُ كُلَّ تَجَارِبِهِ، ٱبتَعَدَ عَنْ يَسُوعَ إِلى حِين.
التأمل
”لا تُجَرِّب الرَّبّ إِلَهَكَ“
يُطرَحُ السُّؤال: هَل باستِطاعَةِ الإِنسان أَن يُجَرِّبَ الله، أَو روحُ الشَّرّ، وَهَل يَخضَع للتَّجرُبَة، فيما هيَ تَعني النَّاقِص وَالضَّعيف، أَي المـَخلوقَ لا الخالِق، وَكِلتا الصِّفَتَينِ لا تَعنِيانِ الله على الإِطلاق؟ إِذاً، لِماذا رَدَّ يَسوعُ على الرُّوحِ الشّرّير، بِجَزمٍ قائِلاً: “لا تُجَرّب الرَّبّ إِلَهَكَ”؟. ما هوَ المـَوضوع وَالمـِحوَر الَّذي عَمِلَ عَلَيهِ المـُجَرِّب، لِكَي يوقِعَ إِنسانِيَّةَ يَسوعَ بِشَرَكِ حِبالِه؟ وَلِماذا الرَّبَّ يَسوعَ نَفسُهُ عادَ وَدَعانا في الصَّلاةِ الَّتي عَلَّمَنا إِيَّاها، أَن نَطلُبَ مِنَ أَبينا السَّماويّ أَن يَقينا مِنَ الدُّخولِ في التَجرُبَ؟ في عَودَتِنا إِلى خِبرَةِ يَسوع في البَرِّيَّة نَستَقي الجَوابَ، لِنَنهَلَ التَّعليمَ الَّذي يَسنُدُنا في صِراعِنا الرُّوحيّ. أَوَّلاً، يَجزُمُ الرَّبَّ يَسوعَ بِرَدِّه أَنَّ اللهَ لا يُجَرَّب، بَل يُهابُ وَيُكَرَّم وَيُحَبَّ وَيُعبَد، فَالتَّجرُبَةُ تَعودُ على مُطلِقِها. ثانِياً، يُشيرُ مَوضوع التَّجرُبَة الَّتي يَحُثُّ عَلَيها الشّرّير على مَركَزِيَّةِ الثِّقَة في العَلاقَة بَينَ يَسوعَ وَالله، وَهوَ يُريدُ أَن يُزَعزِعَها، فَرَدُّ يَسوع كانَ واضِحًا، أَنَّهُ على يَقينٍ ثابِت وَإِيمانٍ مُطلَق بِمَحَبّة الله لَهُ، فَلا حاجَة لِبُرهان.
يَا بُنَيَّ، وَأَنتَ مُرتابٌ في عَلاقَتِكَ بي، تَمضي ذَهاباً وَإِيابًا وَأَنتَ تَسأَل إِن كُنتُ أُحِبُّكَ أَم لا، أَهتَمُّ لِأَمرِكَ أَم لا، فَكُن على حَذَرٍ مِنَ السُّقوطِ في التَجرُبَة، لِأَنَّ حُبِّي لَكَ ثابِتٌ، وَدائِمٌ وَأَبَديٌّ وَمُطلَق، وَلِذَلِكَ تَجَسَّدتُ لِأَفتَقِدَكَ وَأَفتَديكَ وَأُخَلِّصَكَ. صَحيحٌ أَنَّ طَبيعَتَكَ تَجنَحُ بِكَ دائِماً إِلى السُّؤالِ وَالشَّكِّ وَالبَحث، وَصَحيحٌ أَيضاً أَنَّ ما تَختَبِرَهُ مِن تَجارِبَ وَأَحداثٍ في طَيَّاتِ حَياتِكَ اليَومِيَّة، يُضاعِفُ فيكَ التَّفكيرَ وَالإِرتِياب، وَلَكِن مَتى عُدتَ وَنَظَرتَ إِلى شَخصي مِن خِلالِ إِنسانِيَّتي الَّتي اتَّخَذتُها مِن طَبيعَتِكَ، تَنَل الجَوابَ الَّذي ظَمِئتَ إِلَيهِ دائِماً وَعِندَئِذٍ تَدخُلُ في كَنَفِ حِكمَتي الإِلَهيَّة. عِندَئِذٍ سَتُدرِكُ أَنَّ الحُبَّ لا يَعني المـَنطِقَ، فَهوَ يَمضي إِلى أَبعَد، إِنَّهُ يَتَخَطَّى حُدودَ حُدودِكَ أَي ما تَعرِف في طَبيعَتِكَ مِن حُزنٍ وَأَلَمٍ وَضيقٍ وَاضطِهادٍ وَمِحَن. عِندَئِذٍ لا يَعُد المـِقياسُ هوَ عَلامَةُ مَحَبَّتي لَكَ يَعني أَن تُعتَقَ مِنَ المِحَنِ، لا بَل في خِضَمِّها تُدرِكُ أَنَّكَ مَعي مَقامَكَ وَأَهَمِّيَّتَكَ هُما أَسمى مِنها جَميعاً. أَدعوكَ لِئَلَّا تَسمَحَ لِأَيٍّ فِكرٍ ناقِصٍ يُشيرُ عَلَيكَ أَنَّكَ غَيرَ مَحبوبٍ مِنّي، بَل دائِماً انطَلِق مِن مَبدأ أَنَّني خَلَقتُكَ لِأَنّي أُحِبُّكَ حُبًّا جَمّاً.
تُختَتَمُ المـَراحِلُ الأُولى مِن تَجارِبِ يَسوع في البَرّيَّة، مَعَ تَجرُبَةِ الكِبرياءِ ذاتُ المـَنحى الرُّوحيّ، وَالمـُرادُ مِنها عَيش خِبرَةٍ صوفِيَّةٍ، تَظهَرُ لِلعَيانِ فَيَنالَ مِنها الرَّبُّ مَجدًا فارِغًا يَصدَحُ على أَفواهِ البَشَرِ الَّذينَ يُشاهِدونَ قُوَّتَهُ الخارِقَة. تَأخُذُ هَذِهِ التَّجرُبَة مَنحَيَين، واحِدٌ يَشَكِّكُ بِمَحَبَّةِ الآبِ وَأَمانَتَهُ تُجاهَ ابنِهِ، وَتُطالِب الأَخير بِتَأكيد ثِقَتِهِ بِقَبولِهِ للتَّجرُبَة، وَالثَّاني يَعني قَبول إِظهار مَجدِهِ عَلَنًا، وَبِالتَّالي تَعاليهِ على جَميعِ البَشَر، فَكانَ خَيارُ الرَّبّ الثِّقَةَ وَالتَّواضُعَ، وَهاتَينِ الفَضيلَتَين عادَتَا وَتَجَلَّيَتا على الصَّليب، إِذ ظَلَّ يَسوعُ ثَابِتًا بِمَحَبَّةِ أَبيهِ لَهُ، وَفي الوَقتِ عَينِهِ اتَّخَذَ صورَةَ عَبدٍ وَأَخلى ذاتَهُ. إِنطِلاقاً مِن هُنا، تَسَلَّح بِكِلتا الفَضيلَتَين مَهما كانَتَ التَّجرُبَة الخاصَّة بِكَ تَقرَعُ على بابِ قَلبِكَ بِقُوَّةِ، فَتَنجو.
رَبّي يَسوع، أَنتَ الَّذي عَرَفتَ ضِعفَ طَبيعَتي الإِنسانِيَّة، وَجَعَلتَها بِنِعمَةٍ مِنكَ تَقوى على كُلِّ التَّجارِبِ مِن بابِ الثِّقَةِ المـُطلَقَةِ بِأَبيكَ السَّماويّ، وَتَواضُعِكَ الَّذي جَعَلَكَ تَتَصاغَر لِتَحتَوي في إِنسانِيَّتِكَ كُلَّ البَشَر، حَرِّرني يا إِلَهيّ، مِن كُلِّ شَكٍّ وَرَيبَةٍ يَقُدُّ مَضجَعي، وَثَبِّتي بِمَحَبَّتِكَ الَّتي تُزيلُ كُلَّ خَوفٍ مِن أَعماقِ قَلبي وَفِكري، آمين.
تابعوا قناتنا
https://www.youtube.com/AllahMahabbaorg
شكراً لزيارة موقعنا. ندعوك لمشاركة هذه المقالة مع أصدقائك ومتابعة “الله محبّة” على مواقع التواصل الإجتماعي على فيسبوك وانستغرام ويوتيوب وتويتر. نسأل الله أن يضع سلامه في قلبك أينما حللت ومهما فعلت وخاصّة في لحظات الخوف والألم والصعاب. ليباركك الربّ ويحفظك، ليضئ بوجهه عليك ويرحمك وليمنحك السّلام